اقتصاد جديد
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن اقتصاد المملكة يملك القوة الكافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الحالية، نتيجة للسياسات المالية الحصيفة التي اتخذتها الدولة، معربا عن تفاؤله بالقدرة على الإنجاز ثم بدعم المواطنين لتحقيق الرفاهية الاقتصادية المنشودة.
وأضاف خادم الحرمين الشريفين في كلمته، خلال إقرار مجلس الوزراء - في جلسته الاستثنائية التي عقدت برئاسته في قصر اليمامة في الرياض، أمس - الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1438 / 1439 هـ، "نحن عاقدو العزم على تعزيز مقومات اقتصادنا الوطني، من خلال تبني "رؤية المملكة 2030" وبرامجها التنفيذية، وفق رؤية إصلاحية شاملة".
وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين، التي سبقتها تلاوة من آيات القرآن الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها المواطنون والمواطنات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بعون الله وتوفيقه، نعلن هذا اليوم ميزانية السنة المالية المقبلة 1438 / 1439 هـ، التي تأتي في ظروف اقتصادية شديدة التقلب عانتها معظم الدول، وأدت إلى بطء النمو الاقتصادي العالمي، وانخفاض في أسعار النفط، ما أثر في بلادنا، وقد سعت الدولة إلى التعامل مع هذه المتغيرات بما لا يؤثر فيما نتطلع إلى تحقيقه من أهداف.
أيها الإخوة والأخوات:
إن اقتصادنا ـ بفضل الله ـ متين، ويملك القوة الكافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الحالية وهذا نتيجة ـ بعد توفيق الله ـ للسياسات المالية الحصيفة التي اتخذتها الدولة، ونحن عاقدو العزم على تعزيز مقومات اقتصادنا الوطني، حيث تبنينا "رؤية المملكة 2030" وبرامجها التنفيذية وفق رؤية إصلاحية شاملة من شأنها الانتقال بالمملكة إلى آفاق أوسع وأشمل لتكون قادرة ـ بإذن الله تعالى ـ على مواجهة التحديات، وتعزيز موقعها في الاقتصاد العالمي، إن رؤيتنا ليست فقط مجموعة من الطموحات، بل هي برامج تنفيذية لنتمكن ـ بحول الله ـ من تحقيق أولوياتنا الوطنية وإتاحة الفرص للجميع من خلال تقوية وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص، وبناء منظومة قادرة على الإنجاز، ورفع وتيرة التنسيق والتكامل بين الأجهزة الحكومية كافة، ومواصلة الانضباط المالي، وتعزيز الشفافية والنزاهة.
وقد سعينا من خلال هذه الميزانية وبرامجها إلى رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي في الدولة، وتقوية وضع المالية العامة وتعزيز استدامتها، وإعطاء الأولوية للمشاريع والبرامج التنموية والخدمية التي تخدم المواطن بشكل مباشر، وتسهم في تفعيل دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
ونحن متفائلون بقدرتنا على الإنجاز - بعون الله - ثم بدعم مواطني بلادنا الأوفياء لتحقيق الرفاهية الاقتصادية المنشودة.
ونؤكد على الجميع الحرص على تنفيذ هذه الميزانية بكل دقة بما يحقق طموحاتنا في التنمية الشاملة والمتوازنة، وتحسين الخدمات المقدمة إلى المواطنين.
نسأل الله أن تكون ميزانية خير ونماء وبركة للوطن والمواطن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد ذلك تلا صالح بن خالد الهدلق نائب الأمين العام لمجلس الوزراء المرسوم الملكي الخاص بالميزانية.
وبعد الاطلاع على المعاملة المتعلقة بمشروع برنامج تحقيق التوازن المالي "2020"، قرر مجلس الوزراء الموافقة على برنامج تحقيق التوازن المالي "2020" بحسب الصيغة المرافقة.
ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالتوقيع على المرسوم الملكي الخاص بالميزانية، قائلاً:
بسم الله الرحمن الرحيم
نسأل الله التوفيق لخدمة ديننا وبلادنا ومواطنينا.
وأوضح الدكتور عادل بن زيد الطريفي وزير الثقافة والإعلام، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن وزير المالية بتوجيه كريم قدم عرضا موجزا عن الميزانية العامة للدولة، أوضح خلاله النتائج المالية للعام المالي الحالي 1437 / 1438 هـ، واستعرض الملامح الرئيسية للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1438 / 1439 هـ.
وقال "إن اقتصاد المملكة يعد من أكبر الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يمثل ما نسبته 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، وقد تضاعف حجم اقتصاد المملكة حتى أصبح من أكبر 20 اقتصادا في العالم، مرتفعا من المرتبة الـ 27 عام 2003م وبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الحقيقي للمملكة على مدى العقد الماضي 4 في المائة سنوياً واستثمرت الحكومة 1.7 تريليون ريال في المشاريع الرأسمالية المتمثلة في قطاعات البنية التحتية والتعليم والصحة.
ومن المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام 1437 / 1438هـ 2016م بالأسعار الثابتة 2010 = 100 "2.581" مليار ريال وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء بارتفاع بنسبة 1.40 في المائة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.37 في المائة، والقطاع الحكومي بنسبة 0.51 في المائة والقطاع الخاص بنسبة 0.11 في المائة، وقد حقق نشاط تكرير الزيت نمواً قدره 14.78 في المائة كأعلى معدل نمو ضمن الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي".
وأضاف أن "معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، من المتوقع أن يشهد ارتفاعاً نسبته 0.99 في المائة في عام 1437 / 1438هـ 2016م مقارنة بما كان عليه في العام السابق وذلك وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء".
وأشار إلى أن السياسة المالية في المملكة تهدف إلى تقوية وضع المالية العامة ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتهدف إلى الوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول 2020 وفقاً لتوجهات "رؤية المملكة 2030" وبرامجها التي منها برنامج التحول الوطني 2020 للجهات الحكومية المختلفة وبما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الأجنبية وتعزيز نمو القطاع الخاص.
واستعرض النتائج الفعلية للسنة المالية 1437 / 1438هـ 2016م، وقال "يتوقع أن يصل إجمالي الإيرادات لعام 2016م إلى 528 مليار ريال بزيادة 2.7 في المائة عما كان مقدراً في الميزانية البالغ 514 مليارا، كذلك يتوقع أن تبلغ الإيرادات غير النفطية 199 مليار ريال مقارنة بـ 181 مليار ريال المقدرة ضمن ميزانية هذا العام".
ومضى قائلاً "يتوقع أن تبلغ المصروفات الحكومية لعام 2016م 825 مليار ريال بعد استبعاد ما يخص الأعوام الماضية من نفقات غير معتمدة في الميزانية بانخفاض يعادل 1.8 في المائة مقارنة بما صدرت به ميزانية 2016م البالغ 840 مليار ريال. وهي أقل بـ 15.6 في المائة من مصروفات السنة الماضية التي بلغت 978 مليار ريال، وكان السبب الرئيس في هذا الانخفاض تراجع وتيرة الصرف على المشاريع بناءً على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال العام بهدف ضبط الإنفاق ومراجعة المشاريع القائمة والجديدة مع الحرص على الاستمرار في صرف المستحقات المالية للمقاولين والموردين والأفراد، ويبلغ إجمالي المصروفات بما فيها مصروفات المستحقات التي استبعدت للمقارنة بما صدرت به الميزانية 930 مليار ريال".
وقال "إنه نظراً إلى التدابير المتخذة في مجال الإنفاق التي مكنت من خفضه بأقل من المقدر في الميزانية، يتوقع أن ينخفض العجز عام 2016م ليصل إلى 297 مليار ريال بعد أن وصل إلى أعلى مستوياته عام 2015م بنحو 366 مليار ريال، وقد مول العجز من خلال الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية".
وبين وزير المالية في حديثه عن ميزانية السنة المالية المقبلة 1438 / 1439هـ 2017م أنها تأتي لتمثل مرحلة مهمة من مراحل التنمية الاقتصادية في المملكة، إذ سبق أن أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها يوم الإثنين الثامن عشر من شهر رجب لعام 1437هـ الموافق 25 أبريل 2016م برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "رؤية المملكة 2030"، وكلف مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ هذه "الرؤية" ومتابعة ذلك، وأن تقوم الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى - كل فيما يخصه - باتخاذ ما يلزم لتنفيذ هذه "الرؤية"، وقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمة بهذه المناسبة للمواطنين، أكد فيها أن هذه "الرؤية" لتحقيق ما يأمله من أن تكون بلادنا - بعون الله وتوفيقه - نموذجاً للعالم على جميع المستويات، مؤملاً من جميع المواطنين العمل معاً لتحقيق هذه "الرؤية" الطموحة.
وانسجاماً مع "رؤية المملكة 2030" أعيدت هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة ويحقق الكفاءة والفاعلية في ممارسة أجهزة الدولة مهامها واختصاصاتها على أكمل وجه، ويرتقي بمستوى الخدمات المقدمة إلى المستفيدين، وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة.
واحتوت "الرؤية" على عدد من الأهداف الاستراتيجية والمستهدفات ومؤشرات لقياس النتائج والالتزامات الخاصة بعدد من المحاور، التي يشترك في تحقيقها كل من القطاع العام والخاص وغير الربحي، وأقر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إطار حوكمة فاعل ومتكامل بهدف ترجمة هذه "الرؤية" إلى برامج تنفيذية متعددة يحقق كل منها جزءا من الأهداف الاستراتيجية والتوجهات العامة لـ "الرؤية" وتعتمد تلك البرامج على آليات عمل جديدة تتناسب مع متطلبات كل برنامج ومستهدفاته محددة زمنياً، وستطلق هذه البرامج تباعاً وفق المتطلبات اللازمة وصولاً إلى تحقيق "رؤية المملكة العربية السعودية 2030".
#2#
وأفاد وزير المالية أن ميزانية السنة المالية المقبلة 1438 / 1439هـ 2017م قدرت بـ 890 مليار ريال وهي أعلى بنسبة 8 في المائة من حجم الإنفاق المتوقع للسنة المالية الحالية 1437 / 1438هـ 2016م، الذي بلغ 825 مليارا، وقد أخذت الميزانية في الاعتبار مبادرات برنامج التحول الوطني 2020 التي خصص لها في ميزانية عام 2017م مبلغ 42 مليار ريال، إضافة إلى المشاريع التي سبق اعتمادها من فوائض ميزانيات السنوات المالية السابقة واحتياجات الاقتصاد لتحفيز النمو خاصة في القطاع الخاص.
وأوضح أن المملكة حققت خلال العقد الماضي وضعا ماليا قويا من خلال بناء الاحتياطيات في الفترة التي شهدت ارتفاعا في أسعار النفط؛ لمواجهة تذبذبات الدورات الاقتصادية المحلية والعالمية، كذلك خفضت مستويات الدين العام لتوفير القدرة المستقبلية للاقتراض، إذ بلغ الدين العام قرابة 44 مليار ريال أي ما يعادل 1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2014م.
وقال في حديثه عن توجهات المالية العامة متوسطة الأجل "إن إيرادات المملكة كغيرها من الدول المصدرة للنفط تأثرت بتقلبات أسعار النفط التي وصلت إلى ما دون 30 دولارا أمريكيا، لذا تهدف توجهات المالية العامة على المدى المتوسط إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2020م من خلال تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق والعمل على تحقيق الانضباط المالي".
وتتمثل الركيزة الأساسية لإدارة المالية العامة في توفير مزيد من الشفافية حول توجهات المالية العامة متوسطة الأجل لتحديد الاستراتيجية ومسار التعديلات على مدى السنوات الخمس المقبلة بهدف دعم النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي والحد من أثر تقلبات أسعار النفط في الميزانية العامة للدولة من خلال العمل على تحقيق توازن المالية العامة، واستراتيجية الدين العام متوسطة المدى. وأبان وزير المالية أن وزارة المالية تعمل بالتعاون مع الجهات الحكومية والوزارات الأخرى ذات الصلة وشركائها في عملية التحول، على تطوير أعمالها وإجراءاتها.