برنامج تحقيق التوازن المالي .. رفع كفاءة الإنفاق وتنمية الإيرادات غير النفطية
تصدّر برنامج تحقيق التوازن المالي أحد البرامج الأساسية لـ"رؤية المملكة 2030"، الإجراءات التي تعمل عليها وزارة المالية بالتعاون مع الجهات الحكومية والوزارات الأخرى ذات الصلة وشركائها في عملية التحول الوطني، إذ سيتم إطلاق البرنامج الذي يشمل إلغاء الدعم الحكومي عن منتجات الطاقة تدريجيا مع توفير دعم نقدي مباشر للمواطنين المستحقين للدعم.
ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز الإدارة المالية، وإعادة هيكلة الوضع المالي للمملكة، واستحداث آليات مختلفة لمراجعة الإيرادات والنفقات والمشاريع المختلفة وآلية اعتمادها.
ومن أبرز مكونات هذا البرنامج، رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، علاوة على تنمية الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة الدعم الحكومي بما في ذلك توجيه الدعم إلى الفئات المستحقة له، فضلا عن دعم النمو الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص، ودعم القطاع الصناعي.
وفي بداية هذا العام، نشرت المملكة "رؤية 2030" التي حددت ملامح رحلة التغيير الجذري والطموح للوضع الاقتصادي والاجتماعي، وفي وقت لاحق تم نشر خطة التحول الوطني المنصوص عليها بالتزامات محددة من الوزارات الحكومية والقطاعات الأخرى لفترة تصل إلى عام 2020، وتحقيق التوازن في الميزانية هو أحد الأهداف المحددة في الرؤية.
ومنذ تأسيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بدأ العمل في مراجعة المشروعات القائمة وآلية اعتمادها وأثرها الاقتصادي، وتم تأسيس لجان واستحداث إدارات جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها، ومراجعة اللوائح المتعلقة بذلك، وخلال 2015 تمت زيادة الإيرادات غير النفطية بنحو 30 في المائة وبنحو 20 في المائة في 2016، ويهدف البرنامج إلى استمرار بهذه الوتيرة وتسريعها خلال الأعوام المقبلة عبر إجراءات جديدة في قطاعات متعددة، والعمل على تحسين الأداء الحكومي وضمان استدامة التوازن المالي.
وإضافة إلى ذلك، يسهم هذا البرنامج في تحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تسعى "رؤية 2030" إلى تحقيقها، ويشمل ذلك استهداف نظام الرعاية الاجتماعية للأسر الأكثر احتياجا ودعمهم على نحو فعال، وجعل الاقتصاد أكثر قدرة على المنافسة، علاوة على إدارة الأموال الحكومية بكفاءة أكثر، وإتاحة المجال للاستثمار في برامج طويلة المدى من شأنها تمكين التنفيذ الناجح للرؤية.
ويؤمن الإصلاح الثقة في المملكة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين المحليين والأجانب والمؤسسات والأسواق المالية الدولية حتى يمكن للجميع المساهمة في هذه الرحلة الطموحة. وتحدد هذه الوثيقة منهجية برنامج التوازن المالي وتفاصيل مكوناته الرئيسة، إضافة إلى الآثار المالية والاقتصادية المتوقعة.
متطلبات تنموية
في ظل التنامي المستمر للمتطلبات التنموية للمملكة خلال العقود الماضية، شهدت المصروفات الحكومية بشقيها الرأسمالي والتشغيلي تسارعا ملحوظا، حيث سجلت هذه المصروفات نموا سنويا بلغ في المتوسط 18 في المائة منذ عام 1970، بينما سجلت هذه المصروفات قفزة استثنائية خلال العقدين الماضيين بلغت نحو 462 في المائة، وسجلت في العقد الماضي وحدة نمو بنحو 182 في المائة، وقد كانت الإيرادات النفطية المتذبذبة المصدر الأكبر لتمويل هذه المصروفات، مما يجعلها مصدرا لا يمكن الاعتماد عليه على المدى الطويل.
بين عامي 2014 و2016 انخفضت أسعار النفط بشكل كبير، وفي عام 2015 أعلنت الحكومة أعلى عجز في ميزانيتها بنحو 366 مليار ريال - تحول في الميزانية من فائض 180 مليار ريال سعودي خلال العامين السابقين. أدى هذا السيناريو إلى عمل مجموعة من الإصلاحات المالية وخفض الإنفاق 26 في المائة.
وفي عام 2016، تدهورت أسعار النفط إضافيا ولكن الحكومة اتخذت عددا من الإصلاحات المالية لخفض العجز إلى 297 مليار ريال سعودي، شملت رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي، علاوة على رفع كفاءة الإنفاق على الأجور الحكومية، ورفع كفاءة الدعم الحكومي، فضلا عن زيادة الإيرادات غير النفطية.
ومهدت هذه الإجراءات الطريق لإصلاح الوضع المالي الحكومي، فالحكومة اليوم قادرة على تخفيض العجز التراكمي للخمس سنوات المقبلة بنحو 311 مليار ريال للأعوام من 2016 حتى 2020، وسيرفع من قدرة الحكومة على تحقيق التوازن المالي في عام 2020، كما أسهمت هذه التوجهات في تعزيز ثقة المقرين، حيث تم تغطية إصدارات المملكة من السندات بالكامل.
وعلى الرغم من هذه الإصلاحات ارتفع الدين العام من 44 مليار ريال إلى 316 مليار ريال، وانخفضت أرصدة الحسابات الحكومية في مؤسسة النقد العربي السعودي من 1413 مليار ريال إلى نحو 577 مليار ريال بنهاية 2016 ومع المستوى الحالي من الإنفاق الحكومي لا تزال الاستدامة المالية تمثل تحديا للدولة.
وفي حال استمرار هذا الوضع وإن لم يكن هناك تدخل لتحقيق الإصلاح المالي، فإن الحكومة قد تواجه تحديات مالية في المديين المتوسط والطويل، قد تقودها إلى عجز مالي طويل المدى يستعصي الخروج منه، حيث سجلت المملكة عجزا سنويا في ميزانيتها لعام 2015 يعد ضمن الأكبر في تاريخها، وإضافة إلى ذلك فقد اتسم عجز الميزانية لعام 2015 بالتذبذب الشديد، وعليه وفي ظل غياب الإصلاح المالي، ومع استمرار السلوك العام التاريخي للمصروفات واستمرار التذبذب المعتاد للإيرادات النفطية، فإن العجز المالي طويل المدى سيكون أمرا واقعا.
برنامج التوازن المالي
وفي ظل هذه التحديات والآثار المترتبة عليها وكجزء من الإصلاحات المالية، فإن الحكومة تعمل على إطلاق برنامج لتحقيق التوازن المالي يهدف إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2020، من خلال محاور تتضمن تعزيز استدامة الإيرادات الحكومية بتنمية الإيرادات غير النفطية، علاوة على تحسين وترشيد الإنفاق الرأسمالي التشغيلي مع تركيز الإنفاق على المشاريع الأكثر استراتيجية.
وذلك علاوة على إلغاء الإعانات غير الموجهة وتمكين المواطنين من الاستهلاك بمسؤولية، فضلا عن استدامة النمو الاقتصادي في القطاع الخاص.
وأيضا تتحقق الفوائد المباشرة وغير المباشرة من سياسات وبرامج الإصلاح المالي الأخرى، مثل برنامج إدارة الديون وعملية تحديد الميزانية وإصلاح السياسات المالية.
وفي هذا الصدد فقد بدأت الحكومة فعلا في تنفيذ عدد من هذه الإصلاحات خلال عام 2016، ويتضمن ذلك ترشيد النفقات الرأسمالية والتشغيلية عبر تطوير أكثر من 100 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي في قطاعات مختلفة، إضافة إلى إصلاح الإنفاق الرأسمالي في ثلاث وزارات رئيسة (البدلات والعلاوات).
وذلك علاوة على إصلاح أسعار الطاقة، حيث تم العمل بالمرحلة الأولية لتعديل أسعار البنزين والكهرباء والمياه، والإيرادات الحكومية غير النفطية، حيث تمت مراجعة بعض الرسوم الحالية المختلفة. ومن هذا المنطلق ستستمر الدولة في تطبيق إصلاحات مالية إضافية لتحقيق ميزانية متوازنة بحلول 2020.
تعزيز الوضع المالي
أخذت الحكومة خطوات في ثلاثة مجالات أخرى لتعزيز وضعها المالي، وتضمنت خصخصة ممتلكات الحكومة، حيث لم يحفز النمو الاقتصادي فحسب، بل سيحسن الوضع المالي أيضا.
وذلك فضلا عن إصلاح القطاع العام، حيث كانت الحكومة واضحة جدا في عزمها لاحتواء تكلفة أجور موظفي القطاع العام، وتقوم حاليا بتنفيذ برنامج الكفاءة الذي بدوره سيقلل من التكاليف في المدى القصير.
كما تضمنت سياسة إدارة الدين، حيث تسعى الحكومة إلى تطوير نهج حذر في إدارة الديون والوصول إلى الأسواق الدولية، وزيادة القدرة على الاقتراض دون تأثيرات سلبية في السيولة المحلية، مع السحب بشكل انتقائي من الأرصدة الحكومية في مؤسسة النقد العربي السعودي.
وعملت الحكومة على تدابير التخفيف، حيث إن خوض برنامج التوازن المالي سيكون له آثار اجتماعية واقتصادية، ولا بد من التخفيف من أي آثار سلبية تحتاج الأسر ذات الدخل المنخفض إلى دعم، حيث لا تتأثر سلبا بزيادة تكاليف المعيشة التي ستنتج من تدابير مثل زيادة أسعار الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى ذلك ستعمل الدولة على لدعم القطاع الخاص خلال هذه المرحلة وتمكينه من النمو لتحقيق الأهداف الاقتصادية المحددة في "رؤية 2030".
5 فترات من الصدمات
ومنذ عام 1980، شهدت الأوضاع المالية العامة في السعودية خمس فترات من الصدمات في الإنفاق، ولذلك فإن الفترة الأخيرة منذ 2014 ليست استثناء، كما أنها ليست المرة الأولى التي استدعت الحكومة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الوضع.
ولعدة عقود كان لتقلبات أسعار النفط أثر كبير على الإيرادات الحكومية، وهذه التقلبات في الإيرادات أدت إلى تعديل مستوى الإنفاق للحد من العجز. وفي طفرات ارتفاع أسعار النفط، تقوم الحكومة بسداد الديون وبناء احتياطات مالية لتكون بمثابة درع ضد صدمات أسعار النفط في المستقبل.
#2#
بداية جاءت في الثمانينيات، حيث تهاوت إيرادات الدولة بين 1981 و1985 بشكل كبير، ما أدى على اتخاذ الدولة عددا من الإجراءات التقشفية الشديدة تضمنت تخفيض الإنفاق الرأسمالي بشكل كبيرة، وإلغاء عدد من البدلات والمكافآت.
وقام مجلس الخدمة المدنية مع الجهات المختصة بإعادة دراسة وضع العاملين الحكوميين وتحديد البدلات والمكافآت والمزايا التي تصرف لهم، وتخفيض الحد الأعلى للموظف مقابل العمل خارج وقت الدوام الرسمي 25 في المائة من راتب الموظف بدلا من 50 في المائة.
وذلك علاوة على قصر التكليف بالعمل في أيام العطلة الأسبوعية والأعياد على من يلزم تكليفهم في مراكز الحدود والمطارات والموانئ والمستشفيات والإذاعة والتلفزيون والبرق والبريد والإمارات والدواوين الملكية ومكاتب الوزراء وغير ذلك من الجهات المماثلة، على ألا يزيد ما يصرف لهم على 50 في المائة فقط من الراتب الأساسي لمدة هذه الأيام.
كما تضمنت تقليص مجموع فترات الانتداب للموظفين إلى 60 يوما في السنة الواحدة، وإلغاء الجمع بين بدل الانتداب ومكافأة العمل الإضافي في حالة سفر الموظف في مهمة رسمية خارج مقر عمله الأصلي.
ثانيها بداية التسعينيات، حيث في أعقاب حرب الخليج، كان هناك انخفاض في الإيرادات الحكومية بنسبة 24 في المائة بسبب انخفاض أسعار النفط، وكردة فعل قامت الدولة بخفض مستوى الإنفاق 31 في المائة بين 1992 و1994.
وقد فعلت ذلك في المقام الأول من خلال خفض الإنفاق الرأسمالي من 77 مليار ريال في عام 1992 إلى ملياري ريال في عام 1994، ووصل مستوى الدين العام على 52 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 1992، كما وصلت نسبة الفائدة السنوية من الدين إلى 7 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي.
ثالثا نهاية التسعينيات، حيث تهاوت أسعار النفط في نهاية التسعينيات بين 1997 و1999، ما استدعى تقليل الإنفاق الحكومي 17 في المائة، حيث قامت الدولة خلال هذه الفترة باتباع سياسات تقشفية صارمة تضمنت إيقاف شغل أي وظيفة من الوظائف الشاغرة خلال المدة المتبقية من عام 1418 ـ 1419هـ لجميع الأجهزة الحكومية المدنية والعسكرية عن طريق التعيين أو التعاقد.
وذلك علاوة على تخفيض التزامات المتعهدين والمقاولين في العقود المبرمة معهم الخاصة بالمشاريع المعتمدة في الباب الرابع في ميزانية العام المالي 1418هـ - 1419هـ بنسبة 100 في المائة، فضلا عن تخفيض التزامات المقاولين والمتعهدين في العقود المبرمة معهم المتعلقة ببرامج التشغيل والصيانة والنظافة المدرجة في الباب الثالث في ميزانية العام 1418 ـ 1419هـ بنسبة 10 في المائة. وعدم الارتباط بجميع المشاريع المعتمدة في ميزانية العام المالي 1418 ـ 1419هـ التي لم تبرم عقودها.
وتضمنت السياسات، تكليف لجنة وزارية بدراسة الإعانات الحكومية بجميع أنواعها، ومراجعة بعض المشاريع الكبيرة التي تحمل الخزانة العامة مبالغ مالية كبيرة ودراسة تقليصها أو تأجيلها أو جدولتها وإيجاد مصادر جديدة للإيرادات وزيادة الإيرادات من المصادر القائمة وضبط وتحسين إجراءات التحصيل.
أما بين عامي 2002 و2014، ارتفعت الإيرادات الحكومية تقريبا خمسة أضعاف من 213 مليار ريال عام 2002 على 1.247 مليار ريال عام 2014، وقد أدى هذا الارتفاع في الإيرادات الحكمية إلى تعزيز الإنفاق الحكومي، وفي الفترة نفسها تمكنت الحكومة من بناء أرصدة كبيرة في حساباتها في مؤسسة النقد العربي السعودي والبالغة 1.413 مليار ريال بحلول عام 2014.
وفي عام 2009 نتيجة للأزمة المالية والانهيار المفاجئ في أسعار النفط، انخفضت الإيرادات الحكومية 54 في المائة، ولكن الانهيار في أسعار النفط لم يدم سوى ثمانية أشهر، وانتعشت أسعار النفط في وقت لاحق واستمر ارتفاع الإنفاق الحكومي.
وشكلت عائدات النفط 87 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية، ما جعل ميزانية الدولة مرتبطة للغاية بأسعار النفط، وفي عام 2014 انخفضت أسعار النفط فأصبح مستوى الإنفاق الحكومي غير مستدام.
دروس مستفادة
استنتجت الحكومة دروسا مهمة من مراجعة هذه التجارب التاريخية، منها أن الاعتماد على الإيرادات النفطية ليس استراتيجية مالية مستدامة، حيث أتاحت احتياطيات المملكة، التي ادخرت في السنوات الماضية، زيادة قدرة المملكة على مواجهة التحديات المالية.
ومن المحتمل أن تستمر أسعار النفط منخفضة فترات طويلة من الزمن ــ انتظار ارتفاع السعر ليس خيارا، وينبغي أن يكون الإنفاق الحكومي أقل اعتمادا على عائدات النفط. وضرورة تكوين قاعدة أوسع من الإيرادات غير النفطية لتحقيق استقرار مالي. وقد تم أخذ هذه الدروس بعين الاعتبار في تخطيط وتطوير برنامج التوازن المالي.
تجاوز الميزانية التاريخي
على مدار الخمسة عقود الماضية ومنذ بدء التنمية في المملكة، قامت الدولة بالإنفاق المتزايد على المشاريع التنموية في مختلف القطاعات، خاصة تلك المتعلقة بتنمية العنصر البشري وتحسين مستوى معيشة المواطن.
ورغم هذا التزايد في الإنفاق إلا أن كثيرا من المشاريع التنموية انحرفت عن مسارها نتيجة للهدر المالي، ولم تكن جودة مخرجاتها على المستوى المأمول، وقد أظهرت الدراسات أن السبب الأساسي يكمن وراء عدم كفاءة الرقابة والتخطيط.
كذلك، فإنه وخلال السنوات الأخيرة لم تلتزم الجهات الحكومية بالشكل المطلوب في حجم الإنفاق المخصص لها ليزداد المنصرف الفعلي عن اعتمادات الميزانية بنسبة تتراوح بين 15 و25 في المائة عام منذ 2002.
زيادة كفاءة الإنفاق
أدركت حكومة المملكة ضرورة تعزيز قدراتها في إدارة الإنفاق، ولا سيما فيما يتعلق بالتخطيط والميزانية، ونتيجة لذلك أنشأت مكتب ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي كوحدة مستقلة تابعة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
ويدعم المكتب الجهات الحكومية لتحديد الفرص الممكنة لتحسين الكفاءة في كل من المشاريع الرأسمالية ضمن أولويات المملكة لرؤية 2030 والإنفاق التشغيلي (مثل التشغيل والصيانة والتكاليف الإدارية وما إلى ذلك).
كما يساعد المكتب الجهات الحكومية على وضع المبادرات وخططها المفصلة وتنفيذها على أساس أفضل الممارسات المحلية والدولية، ويدعم تنفيذ مبادرات تهدف لرفع كفاءة الإنفاق ووضع حلول للتغلب على العقبات التي تعترض التنفيذ. كما يسعى إلى تطوير الآليات والسياسات اللازمة لتحسين كفاءة الإنفاق وضمان استدامة التنفيذ.
أفضل الممارسات المتبعة
تتضمن منهجية رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي على ثلاث مراحل لتحديد الفرص المتاحة لتبني أفضل الممارسات التشغيلية وتحسين نوعية الخدمات المقدمة.
وتقنين الاستهلاك عبر التأكد من أن المنتجات والخدمات المطلوبة هي بالفعل أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها ومعالجة الهدر في استهلاك الخدمة، علاوة على تحسين المنافع وذلك بالحصول على أعلى خدمة/ كمية مقابل الإنفاق، فضلا عن تحسين الإنفاق الذي يتمحور حول اعتماد آليات تتسم باستثمار حجم الشراء لتحقيق قوة تفاوضية للحيولة دون هدر أي فرصة للتوفير (مثال: تعزيز عمليات الشراء الموحد).
ترشيد الإنفاق الرأسمالي
تعتمد منهجية رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي على دراسة العائد التنموي للمشاريع وتقييم القيمة المضافة للمشروع ومستوى المخاطر المترتبة في حال عدم انحياز المشروع، من خلال العائد التنموي وتوافقه مع رؤية 2030، وحساب القيمة المضافة والمخاطر المترتبة في حال عدم إنجاز المشاريع، ودراسات العرض والطلب.
وبناء على ذلك يتم تقسيم المشاريع إلى ثلاث مجموعات بناء على الأولوية لكل مشروع وتحقيقها لعائد تنموي يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
وفي المرحلة الأولى من مراحل دراسة رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، قامت خمس وزارات، التي تمثل أعلى نسبة إنفاق رأسمالي في القطاع المدني بإجراء دراسات موسعة على الإنفاق الرأسمالي، وقدرت التكلفة الكلية للمشاريع فيها بنحو 490 مليارا والمبالغ المنصرفة في الفترة ما قبل الدراسة بنحو 270 مليار ريال، والمبالغ المتبقية من التكاليف بنحو 220 مليار ريال.
#3#
وتم خلال هذه المرحلة تطبيق منهجية رفع كفاءة الإنفاق والأخذ في عين الاعتبار أفضل الممارسات العالمية، وبناء عليه تم الخروج بحلول تؤدي إلى رفع كفاءة الإنفاق ومنها إلغاء المشاريع ذات العائد التنموي المنخفض، وفرص مشاركة القطاع الخاص والهندسة القيمية للمشاريع الكبيرة، ومن خلال هذه الحلول تم استهداف وفورات بقيمة 100 مليار ريال.
وبناء عليه سيتم خفض في المبالغ المتبقية من التكاليف لتصبح القيمة المتبقية من التكاليف نحو 120 مليار ريال.
ومن هذا المنطلق يتم تحديد الأولويات والتأكد من إبقاء المشاريع ذات العائد التنموي المرتفع، التي تسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030.
وفي المرحلة الثانية، تمت دراسة مشاريع بقيمة 220 مليال ريال في المرحلة الأولى من رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي وبناء عليه واستكمالا لمسيرة دراسة رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، فسوف يتم البدء في المرحلة الثانية التي تستهدف 13 جهة حكومية أخرى، يتم من خلالها تطبيق منهجية رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، والتأكد من إعطاء الأولوية للمشاريع ذات العائد التنموي المرتفع التي تسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030.
وهناك عناصر مهمة يجب تفعيلها لتحقيق أهداف رفع كفاءة الإنفاق بشكل مستدام, وتواجه الجهات الحكومية تحديات في ذلك يمكن تجاوزها بالآتي، أن تتوافق الأنظمة واللوائح مع أفضل الممارسات العالمية في الإنفاق، ويجب تطوير واستحداث بعض الأنظمة والقوانين لتفعيل ذلك.
وذلك علاوة على أن تتوافر رؤية كاملة للإنفاق الحكومي لتتمكن الجهات الحكومية من إجراء المقارنات بين منشآتها والمنشآت في الوزارات الأخرى من خلال مقارنة تكلفة الوحدة.
فضلا عن تحويل الشراء الحكومي إلى عملية استراتيجية، وسيتم بإذن الله من خلال إنشاء وحدة مشتريات استراتيجية تكون مسؤولة عن إدارة فئات الإنفاق بمستويات مختلفة والاستفادة من الاحتياج الحكومي ككل لتحسين الجودة والقيمة.
وتتضمن العناصر أن يؤخذ بعين الاعتبار “تكلفة الملكية الإجمالية” في عملية تخطيط المشاريع والموافقة عليها، وأن يتم تخطيط الاحتياج الحكومي بشكل مركزي متكامل، يركز على الطاقة الاستيعابية وحجم الطلب، وأن يتم نشر ثقافة التحسن المستمر والتميز التشغيلي، ما سيؤدي إلى رفع الكفاءة واستمرارية وزيادة الأثر على المدى البعيد.
رفع كفاءة الدعم
ودأبت المملكة على توفير منتجات الطاقة للمستهلك المحلي بسعر مدعوم وأقل كثيرا من أسعارها عند التصدير يمثل الفرق بين سعر المنتج محليا وسعره عند التصدير تكلفة الفرصة البديلة لبرميل النفط الواحد أو المنافع التي يكتسبها المستهلك المحلي من السعر المدعوم.
وبلغت قيمة الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة والمياه في عام 2015 ما يقرب من (300) مليار ريال سعودي بناء على سعر تصدير منتجات الطاقة في ذلك الوقت, يمكن أن تزداد قيمة الدعم بشكل كبير مع مرور الوقت بسبب النمو المتسارع للاستهلاك المحلي لمنتجات الطاقة والمياه والتغيرات في أسعار تصدير منتجات الطاقة. كما تسهم الأسعار المدعومة في تحفيز النمو المتسارع في استهلاك موارد الدولة.
وتعتمد المملكة على النفط والموارد الطبيعية غير المتجددة كمصدر رئيس للدخل، ولذلك لا يمكن على المدى الطويل استمرار استهلاك هذه الموارد محليا بهذا الشكل الجائر وبالأسعار المدعومة.
ويهدف تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه، إلى استخدام تلك الإيرادات المفقودة في الاستثمار في قطاعات أخرى لتحقيق التنويع الاقتصادي، وتوفير منافع مختلفة للقطاع السكني.
وتكمن لدى المملكة فرصة لرفع كفاءة استهلاك منتجات الطاقة، فعلى سبيل المثال احتل سعر البنزين في المملكة في عام 2015 المركز الثالث ضمن قائمة الدول الأرخص أسعارا في العالم, كما كانت نسبة استهلاك البنزين للفرد الواحد في المملكة من أعلى النسب في العالم، وعلى الرغم من الجهود التي بدأتها المملكة في السنوات القليلة الماضية لرفع كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي, إلا أن هذه الجهود لم تثمر عن تحقيق نتائج في جميع القطاعات كثيفة الاستخدام للطاقة بسبب الهيكل الحالي للأسعار.
ولا تمثل استفادة فئات الدخل المحدود والمتوسط المنخفض (واللتين تمثلان نحو 40 في المائة من سكان المملكة) من الدعم الحكومي للطاقة سوى (30 في المائة) فقط من قيمة الدعم المقدم لمنتجات الطاقة والمياه, وذلك بسبب الهيكل الحالي للدعم، الذي نتج عنه نمو المنافع المكتسبة طرديا مع نمو الاستهلاك.
وتم تطبيق المرحلة الأولى من تعديل أسعار منتجات الطاقة للقطاعين السكني وغير السكني في 2016، وكانت الآثار المترتبة من المرحلة الأولى من تغيير الأسعار، إجمالي وفر سيتم تحقيقه في نهاية عام 2016 ما بين 27-29 مليار ريال، كما سجل معدل التضخم نموا مقبولا ومطابقا للتوقعات خلال عام 2016.
كما أسهم تعديل الأٍسعار في تخفيض نمو الاستهلاك المحلي للطاقة 3.5 في المائة للنصف الأول من 2015 إلى 1.7 للنصف الأول 2016م، علاوة على رصد أثر محدود على أرباح الشركات المدرجة وأسعار أسهمها السوقية خلال الأسبوع الأول من تطبيق المرحلة الأولى، ولم يتم تسجيل أي أثر سلبي لتعديل الأسعار على الاستثمار الأجنبي في المملكة.
وتمت مواجهة مجموعة من التحديات خلال المرحلة الأولى حالت دون التطبيق الأمثل لتعديل الأسعار, وتم حصر الدروس المستفادة للاسترشاد بها في المراحل القادمة، وكانت أكبر التحديات التي تمت مواجهتها تلك المتعلقة بتطبيق الأسعار الجديدة للمياه، التي أسهم عدم اكتمال البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وعدم جاهزيته في ظهورها. لذلك لن يكون هناك أي تعديلات مستقبلية في أسعار المياه إلا بعد التأكد من معالجة المشاكل المتعلقة بقياس الاستهلاك وفوترة المياه.
خريطة الطريق للمرحلة المقبلة
ستتضمن المرحلة الثانية من تعديل الأسعار تعديلات تدريجية في الأسعار خلال الفترة ما بين 2017 إلى 2020، إذ سيتم ربط أسعار منتجات الطاقة المحلية بأسعار التصدير المرجعية بنسبة محدودة, وسيتم ربط تعرفة الكهرباء والمياه بسعر تكلفة الإنتاج (عالي الكفاءة) بناء على أسعار التصدير المرجعية لمنتجات الطاقة, وستتم مراجعة الأسعار المحلية حسب التحركات في أسعار التصدير المرجعية لمنتجات الطاقة ونسب الربط المحددة.
ويقدر إجمالي الوفر الذي يمكن تحقيقه عام 2020م بـ 209 مليارات ريال جراء تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه.
إصلاحات سيبدأ تطبيقها في 2017
أولها المقابل المالي على الوافدين، إذ تعتبر سياسات العمل في المملكة واحدة من أكثر السياسات العمالية الحرة على الصعيد العالمي، مع شبه انعدام القيود المفروضة على استقدام العمالة الوافدة للعمل في المملكة.
حاليا، تدفع المنشآت في القطاع الخاص مقابلا ماليا قدره 200 ريال شهريا لكل عامل وافد في القطاع الخاص، يزيد على عدد العاملين السعوديين فيها، لكن مستقبلا، ستتم إعادة النظر في فرض مقابل مالي على كل عامل وافد في القطاع الخاص تدريجيا، الذي سيعطي دافعا إضافيا للشركات لتوظيف عدد أكبر من المواطنين، كما ستتم إعادة النظر في فرض مقابل مالي على العمالة الوافدة التي تقل عن عدد العاملين السعوديين.
كما سيتم فرض مقابل على كل مرافق للعمالة الوافدة في القطاع الخاص، وسيبدأ التطبيق للرسوم في شهر يوليو من عام 2017، وذلك للحد من التأثير في الأسر التي لديها أطفال ملتحقين بالمدارس. وستستمر سياسة الدولة في عدم فرض ضريبة دخل على المواطن والمقيم على حد سواء.
إعانات الأسر
تسبب تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه في المرحلة الأولى في 2016 في ارتفاع مبدئي في الأسعار في بداية العام، إلا أن الأسعار لم تواصل الارتفاع نتيجة لانخفاض أسعار بعض المنتجات الاستهلاكية الرئيسة.
من المتوقع أن تؤثر الإصلاحات الهيكلية خلال الفترة 2017 - 2020 بشكل مباشر وغير مباشر في الأسر ذات الدخل المنخفض والمحدود. وأحد هذه الإصلاحات هو التعديلات الجديدة في أسعار منتجات الطاقة والمياه، التي ستسبب تغيرا جذريا في تكاليف منتجات الطاقة لدى الأسر وتكلفة المعيشة بشكل عام، مقارنة بغيرها من السلع والخدمات الضرورية في سلة المنتجات الاستهلاكية.
ولإدراك الحكومة أهمية دعم الأسر ذات الدخل المنخفض في تحمل أعباء الإصلاحات، فقد قامت بوضع برنامج وطني لدعم الأسر باسم برنامج حساب المواطن.
#4#
#5#
وهناك ثلاثة أهداف رئيسة لهذا البرنامج، أولها تخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناتجة عن المبادرات المختلفة على ذوي الدخل المنخفض والمحدود. إن بعض الإصلاحات المقدرة كتعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه للمراحل القادمة» ستحدث أثرا مباشرا على تكلفة المعيشة مثال زيادة فواتير الكهرباء، إضافة إلى ذلك، ستحدث هذه الإصلاحات أثرا غير مباشر، فعلى سبيل المثال ستتسبب الزيادة في أسعار الوقود في رفع تكاليف نقل المواد الغذائية كالخضراوات واللحوم وغيرهما، ما سيتسبب في زيادة أسعار بيع هذه المنتجات.
وذلك علاوة على تطوير نظام شامل يمكن من خلاله رفع كفاءة توجيه المنافع والدعم الحكومي المقدم للمواطنين. بدلا من الدعم المباشر لمنتجات الطاقة، حيث سيتم بإذن الله إعادة توزيع الدعم لمستحقيه الفعليين من خلال صرف بدلات نقدية للأسر المؤهلة عبر حوالات مصرفية.
وتشجيع وتحفيز المواطنين والأسر على الاستهلاك الرشيد لمنتجات الطاقة والمياه، ستغطي البدلات الاستهلاك الرشيد للأسر ذات الدخل المنخفض بالكامل. أما بالنسبة للأسر ذات الدخل المتوسط والمرتفع، التي تستهلك معدلات تفوق مستويات الاستهلاك الرشيد، فسيتفاقم الأثر عليهم بسبب تدعيم الأسعار ما لم يتم ترشيد الاستهلاك. وسعيا للوصول إلى أفضل مستويات الشمولية في تقديم التعويض للأسر السعودية، قمنا بالنظر في تجارب دولية أخرى ناجحة لإطلاق وتنفيذ برامج وطنية مماثلة.
وتم الأخذ بعدة مبادئ توجيهية، منها يكون البدل نقدا ويصرف بشكل مباشر للأسر السعودية. وهذا أفضل أسلوب لصرف البدل وفقا للتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، حيث تمكن البدلات النقدية من توجيه الدعم الحكومي للفئات المستحقة المستهدفة. كما أنها تمنح الأسر حرية التصرف في مبلغ البدل، سواء بالإنفاق أو الادخار.
والبدء بصرف البدل للأسر قبل تطبيق أي إصلاحات هيكلية تمس المواطن؛ وذلك لإتاحة الفرصة للأسر السعودية المستحقة للبدل للتخطيط والاستعداد للتغيير، وضمان راحتهم واستقرارهم.
وينبغي ألا يحفز البدل زيادة الاستهلاك أو الاعتمادية، حيث تمت دراسة احتياجات الاستهلاك وسلوكيات الإنفاق المحلية للتأكد من دقة الفرضيات التي تم تحديد مقدار البدل بناء عليها.
ويكون مبلغ التعويض عادلا لكل فئة من فئات المجتمع، ومتغيرا حسب حجم الأسرة وتكوينها، حيث تمت دراسة قواعد البيانات المحلية المختلفة للأسر السعودية، للتعرف بشكل أعمق على صفات الأسر المختلفة وحالاتها (على سبيل المثال حجم الأسر، مكوناتها، وحالتها الاجتماعية والمادية، إلخ..)، لضمان تغطية كل الفئات المستحقة للبدل.
وتم اختيار الأسرة بدلا من الفرد لتكون الوحدة الأساسية المستفيدة من البدل، نظرا لكونها الوحدة الاقتصادية الرئيسة في المجتمع السعودي. وبناء عليه، سيكون رب الأسرة هو المستفيد الأساسي الذي يتسلم مبلغ البدل.
وتمثل الأسر السعودية الفئة الأساسية المستفيدة من البدل، إضافة إلى الأفراد السعوديين غير المتزوجين الذين يعيشون بشكل مستقل عن أسرهم، وأسرة الأم السعودية المتزوجة من غير سعودي، وحاملي بطاقات التنقل. وتؤهل تلقائيا للبدل كل الأسر المستفيدة من برنامج المعاشات الضمانية لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وذلك لكونهم أول المستحقين للدعم الحكومي وربما الأكثر حاجة.
ونظرا لأن أحد أهم أهداف البرنامج هو إعادة توجيه الدعم الحكومي للفئات المستحقة من الأسر السعودية، فسيتم صرف البدل لذوي الدخل المنخفض والمحدود بالكامل مقابل الإصلاحات التي تم إجراؤها.
وتتناقص قيمة البدل كلما ارتقت الحالة المادية للأسرة، فيتم صرف البدل للأسرة السعودية متوسطة الدخل جزئيا فقط، ولن تتم تغطية الأسر ذات الدخل المرتفع.
التوقعات المستقبلية
تسير المملكة قدما نحو تحقيق التزاماتها وتعهداتها التي تضمنتها رؤية 2030، وستستمر في توفير الخدمات المناسبة للمواطنين، مع التأكيد على انتهاج سياسات مالية متوازنة.
والجميع يدرك أن الإصلاحات المالية التي اتخذتها المملكة ستؤثر في تكاليف المعيشة، إلا أن المملكة ملتزمة بحماية رفاهية الأسر ذات الدخل المنخفض، ومن ذلك استحداث إعانات مخصصة للأسر كخطوة أولى ضمن برنامج إصلاحات واسع لتعزيز وتحديث الحماية الاجتماعية من خلال إنشاء حساب المواطن.
ومن المتوقع أن يكون الأثر التراكمي تدريجيا وبشكل محايد للأسر ذات الدخل المنخفض ومرتفعا للأسر ذات الاستهلاك العالي دعما لترشيد الإنفاق.
كما أن برامج الإصلاحات المالية ستنتج عنها تحديات لنشاطات الأعمال ولاقتصاد القطاع الخاص ككل سواء نتيجة لتراجع الطلب الكلي أو زيادة تكاليف المدخلات؛ لذا فيتم دعم ومساندة الصناعة في المملكة لكي يمكنها الاضطلاع بدورها في تحقيق طموحات رؤية 2030، ومن ثم إنشاء صندوق استثمار يكون بمثابة العمود الفقري لحزمة التحفيز التي يعتزم إطلاقها، وستتم مواصلة إجراء الإصلاحات الهيكلية اللازمة للاقتصاد.
وكما يلاحظ أن أثر السياسات الاقتصادية المتوقع سيكون إيجابيا بالنسبة لنمو الناتج المحلي الحقيقي وإجمالي الناتج المحلي غير النفطي ونمو الاستهلاك الخاص والاستثمار الخاص وانخفاض البطالة بين السعوديين، وهذا من شأنه رفع مستوى الطلب الكلي مع ارتفاع معقول للتضخم.
سيناريو عدم التطبيق يشمل ما أقر سلفا من إصلاحات حتى إن كان موقع بدء التطبيق لم يحن بعد مثل ضريبة القيمة المضافة التي يتوقع أن تطبق في 2018.
سياسات الحكومة
ستلتزم الحكومة أيضا بتطوير سياسات شفافة ومستدامة، وتحدد هذه الوثيقة الإصلاحات المالية الشاملة على مدى السنوات الخمس القادمة. وفيما عدا ما اشتملته هذه الوثيقة، لن تكون هناك أي إجراءات مالية إضافية تفرضها الحكومة على المواطنين أو القطاع الخاص، كما أنه لن يتم فرض ضريبة دخل على المواطنين ولا على المقيمين، ولن تكون هناك ضريبة على دخل الشركات.
وكجزء من البرنامج الرامي لتطوير عملية أكثر قوة ومرونة لصنع السياسات، فستكون هناك عملية مراجعة تتسم بمشاركة واسعة لمسودات السياسات الرئيسة، وستكون هناك فترة سماح بين الإعلان عن السياسات والتطبيق الفعلي لها، ولن يتم اتخاذ أي قرارات ذات أثر رجعي.
ونظرا لأن الكثير من نشاطات الأعمال قد اعتمدت في الماضي على التدفق النقدي الذي كانت تتلقاه من الحكومة، وكجزء من الدعم ومساندة الاقتصاد في نطاقه الأوسع، فاتخذت الحكومة قرارا بتسوية جميع الدفعات المستحقة للقطاع الخاص والأفراد لتعزيز الثقة بالاقتصاد، وتلتزم بدفع أي مبلغ مستحق عليها للقطاع الخاص والأفراد خلال 60 يوما من تسلم مستندات الاستحقاق.
وإن الخطط المحددة في هذه الوثيقة وفي الميزانية تتطلب قدرا كبيرا من الالتزام والمشاركة النشطة من مجموعة واسعة من الشركاء، ولا ريب في أن نجاحها يتحدد بفعل عديد من العوامل الداخلية والخارجية. وبناء على ذلك فستطبق الحكومة عمليات متابعة ومراجعة موسعة جنبا إلى جنب مع حوكمة تتسم بالقوة والمرونة.
ومن خلال التزام موظفي القطاع العام ممن لا يألون جهدا في عملهم، ومن خلال المشاركة النشطة من جانب الأسر ومؤسسات الأعمال، فإن لدينا الخطط والقدرات والإمكانات التي تكفل لنا إنشاء قاعدة مالية راسخة لاقتصاد مزدهر ومنطلقا لمجتمع يملك أسباب التقدم والنجاح.
وتعي الحكومة أن الخوض في تطبيق هذه الإصلاحات المالية له آثار اجتماعية واقتصادية محتملة، ولكن تعمل الدولة بجميع أجهزتها بشكل تكاملي لتفادي هذه المخاطر. نستعرض فيما يلي أهم هذه الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة ومسبباتها.