كفاءة الإنفاق أثرت إيجابا في رفع الإيرادات غير النفطية
قال لـ “الاقتصادية” مختصون ومحللون اقتصاديون إن تركيز الحكومة بشكل كبير على كفاءة الإنفاق والترشيد، والقرارات المتعلقة بتعديل البدلات وإعادة توجيه الدعم، كان له الأثر الأكبر في رفع إيرادات المملكة غير النفطية، وتحقيق وفرة مالية كبيرة، بخلاف العوامل التي استحدثتها الحكومة مثل رسوم الأراضي البيضاء، ورسوم الخدمات على الوافدين، وصادرات البتروكيماويات.
وأكد المختصون أهمية تخصيص بعض المشاريع في القطاعات الحكومية بما يتوافق مع خطة التحول الوطني 2020م، لافتين إلى أن مصروفات الجهات الحكومية في الميزانية العامة التي أعلنت أمس، أكدت ارتفاع الإنفاق الحكومية الكبير تجاه عديد من قطاعات الدولة، لافتين إلى أن خطة التحول الوطني وإعادة النظر في هيكلة مصروفات بعض القطاعات سيسهم في ترشيد الإنفاق وتوفير جزء من مصروفات السعودية خلال السنوات المقبلة.
وأوضح لـ”الاقتصادية فاروق الخطيب المحلل الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز، أن مصروفات القطاعات الحكومية ستتقلص بشكل تدريجي خلال الأعوام المقبلة، وذلك في ظل الإصلاحات التي يشهدها كثير من الجهات الحكومية، بالتزامن مع خطة التحول الوطني 2020 م، التي تستند إلى تخصيص بعض المشاريع في الجهات الحكومية وإسنادها إلى القطاع الخاص، لتحول تلك المصروفات إلى إيرادات للميزانية العامة للدولة.
وأوضح أن جميع الجهات الحكومية تمر في الوقت الراهن بحراك إداري ومالي لتغيير السياسة المالية التي تدار بها، ولا سيما أنها تعتمد على مصروفات كبيرة قد يكون جزء منها يذهب في اتجاهات ذات مردود ضعيف، لافتا إلى أنه من أهم تلك الجهات وزارة التعليم التي تمثل ميزانيتها 22 في المائة من مصروفات الجهات الحكومية، حيث إنه من الضروري إعادة دراسة المصروفات بشكل تدريجي خلال السنوات المقبلة، وتقليصها لمستويات جيدة من شأنها توفير جزء كبير من مبالغ الإنفاق الحكومي عليها. وأضاف الدكتور أبو بكر باعشن المحلل الاقتصادي، أن جزءا من معاجلة التكاليف والمصروفات الحكومية يتمثل في عملية التخصيص، سواء تخصيص مشاريع جديدة أو مبادرات ناشئة، لافتا إلى أن ذلك يجب أن يكون وفقا لضوابط وأسس تنظيمية عالية تراعي التنفيذ، مع تمكين الشركات والتحالفات المنفذة لتلك المشاريع من استثمارها لفترة معينة، ومن ثم تعود ملكيتها للدولة دون أدنى مصروفات للإنشاء.
وأكد أن ترشيد التكلفة سيتحقق من خلال تحديد المعايير التدريبية، وتخصيص بعض القطاعات، أوالسماح لها بالاستثمار في المشاريع، مؤكدا أن ذلك الأمر يتواكب مع خطة التحول الوطني “ورؤية السعودية 2030 م”.
وأشار إلى أن فتح الباب للمستثمرين الأجانب للدخول في مشاريع القطاع الحكومي وتنفيذها وفق أهداف خطة التحول الوطني، سينمي الاستثمار الأجنبي في المملكة ، ويعزز الشركات بين رجال الأعمال في المملكة والمستثمرين الأجانب، ويساعد على توطين الوظائف وخلق مزيد منها خلال السنوات المقبلة.
وأضح لـ”الاقتصادية” الدكتور فضل البوعينين الكاتب والمحلل الاقتصادي، أن التركيز على كفاءة الإنفاق ورسوم الأراضي البيضاء والمقابل المالي على الوافدين، أثر إيجابيا في رفع إيرادات المملكة غير النفطية في موازنة عام 2017، حيث إن برنامج التوازن المالي الذي أطلقته الحكومة، من المتوقع أن تظهر نتيجته بشكل قوي مع نهاية عام 2017، كما سيسهم في رفع إيرادات الدولة، وسيؤثر في ميزانية العام المقبل، بما سيحقق وفرة في الإيرادات على الحكومة إضافة إلى رسوم الأراضي البيضاء الذي سيبدأ تحصيله مع العام القادم وكذلك الرسوم على الخدمات”.
وأضاف أن هناك معطيات أخرى تؤثر في إيرادات المملكة غير النفطية وترفع منها بشكل غير مباشر وهي عوامل متعلقة بإعادة توجيه الدعم من جانب آخر، وهذا أعطى للحكومة وفرة مالية، إضافة إلى إعادة توزيع البدلات، منوها بتركيز الحكومة بشكل كبير على كفاءة الإنفاق والترشيد، الأمر الذي أسهم بشكل مباشر في خفض الإنفاق الحكومي وانعكاسه إيجابيا على حجم العجز هذا العام.
وبين البوعينين، أن ضريبة القيمة المضافة، التي سيبدأ تطبيقها في 2018 ستحسن من إيرادات الحكومة، بخلاف الإيرادات غير النسبية المرتبطة بصندوق الاستثمارات العامة، الذي ما زال يحقق أرباحا حتى الآن، مؤكدا أنه من المعتقد أن تكون إيراداته أعلى بما يساعد على زيادة دخل الحكومة هذا العام.