موازنة 2017 ترسم ملامح الاقتصاد السعودي وفق «رؤية 2030»

موازنة 2017 ترسم ملامح الاقتصاد السعودي وفق «رؤية 2030»
مصروفات القطاعات الحكومية ستتقلص بشكل تدريجي خلال الأعوام المقبلة، وذلك في ظل الإصلاحات التي يشهدها كثير من الجهات.

رسمت موازنة 2017 ملامح الاقتصاد السعودي وفق "رؤية 2030"، التي تهدف إلى تنويع ومعالجة الوضع المالي والإيرادات للوصول إلى اقتصاد مزدهر قوي ومستدام، وفقا لما ذكره لـ"لااقتصادية" مسؤولون ومختصون.
وهنا قال الدكتور فهد بن جمعة عضو مجلس الشورى، إن هدف الإصلاحات الاقتصادية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز من الميزانية ترشيد إنفاق الدولة ورفع كفاءته، بمعنى أن المشاريع تستمر أو تزيد ولكن بمبالغ أقل، من خلال بناء المشاريع والخدمات ورفع جودتها بأكثر من السابق بتكاليف أقل عن مبالغ الميزانيات السابقة.
وأوضح الدكتور بن جمعة، أن تنويع الاقتصاد في السعودية سيكون في الاستثمار في النفط والقطاعات الأخرى، وليس التخلي عن الاستثمار في النفط، مشيرا إلى أن التنويع بشقيه هو تنويع الاستثمارات النفطية وفي الوقت نفسه تنويع الاستثمارات في القطاعات الأخرى التي تتمتع بميزة النسبة.
واستدل الدكتور بن جمعة، بخطاب الملك سلمان الأخير الذي كان مضمونه واضحا بأن بعض القرارات والإجراءات التي اتخذت بعضها مؤلمة إلا أن المستقبل أفضل، معتبرا أن هذه القرارات قد تكون لها تكلفة على المواطن وبعض القطاعات إلا أن هذه ستكون على المدى القصير، بينما على المدى البعيد ستكون أفضل للحكومة والشعب من الناحية النوعية والرخاء وبشكل أكثر استدامة، وذلك استدامة التوظيف ومعالجة البطالة والتنمية.
واعتبر الدكتور بن جمعة القرارات التي اتخذت والتي ستكون مؤلمة اتجاها صحيحا للدولة في بناء اقتصادها وتطورها التنموي، مبينا أن السعودية ليست الدولة الوحيدة التي انتهجت هذه السياسة بل دول عالمية كثيرة، والتي تتمثل في مشاركة أكبر للقطاع الخاص في المشاريع والاقتصاد والتوظيف.
وأبدى الدكتور بن جمعة تفاؤله بهذه القرارات التي ستعود بالنفع على الدولة وشعبها والتي تحتاج إلى مسألة صبر.
من جهته، اتفق فضل البوعينين المختص الاقتصادي على ما ذهب إليه الدكتور بن جمعة، بالألم مع إعادة هيكلة الاقتصاد وتحقيق التوازن المالي، التي ستهدف في المقام الأول إلى زيادة في توسع المشاريع وبأقل التكاليف.
إذ أوضح البوعينين، أنه على الرغم من أهمية إعادة هيكلة الاقتصاد وتحقيق التوازن المالي، إلا أن برامج الإصلاح الاقتصادي لا تخلو في الأغلب من الألم، والانعكاسات المؤثرة على معيشة المواطنين، فهي أشبه بالعملية الجراحية التي ينتج عنها الكثير من الألم الذي لا يلبث أن يزول بعد معالجة الداء.
واستشهد البوعينين، بالخطاب الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مجلس الشورى، الذي أكد فيه أن الدولة سعت إلى التعامل مع المتغيرات التي حدثت بما لا يؤثر فيما تتطلع إلى تحقيقه من أهداف وذلك من خلال اتخاذ إجراءات متنوعة لإعادة هيكلة الاقتصاد، مبينا أن خادم الحرمين الشريفين شدد في خطابة على أن تلك الإجراءات المتخذة قد يكون "بعضها مؤلما مرحليا، إلا أنها تهدف إلى حماية اقتصاد البلاد من مشكلات أسوأ فيما لو تأخر في ذلك.
وقال البوعينين: إن الملك سلمان استشهد في خطابة بالظروف الاقتصادية التي مرت على المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية التي اضطرت فيها الدولة لتقليص نفقاتها، غير أنها خرجت منها باقتصاد قوي ونمو متزايد ومستمر، وتحقيق كفاءة الإنفاق من الأدوات المهمة لتحقيق الأهداف المستقبلية، والوصول إلى تحقيق التعادل في الموازنة العامة بحلول 2030.
وتابع: لا خلاف على أن الإجراءات المالية الاستباقية المتخذة تشكل خط الدفاع الأول أمام ما قد يحدث من مشكلات مالية واقتصادية في حال استمرار الوضع الراهن دون معالجة، خاصة مع بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية.
بدوره، أوضح لـ"الاقتصادية" فاروق الخطيب، المحلل الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز، أن مصروفات القطاعات الحكومية ستتقلص بشكل تدريجي خلال الأعوام المقبلة، وذلك في ظل الإصلاحات التي تشهدها كثير من الجهات الحكومية، بالتزامن مع برنامج التحول الوطني 2020، الذي يستند إلى تخصيص بعض المشاريع في الجهات الحكومية وإسنادها إلى القطاع الخاص، لتحول تلك المصروفات إلى إيرادات للميزانية العامة للدولة.
وأوضح أن جميع الجهات الحكومية تمر في الوقت الراهن بحراك إداري ومالي لتغيير السياسة المالية التي تدار بها، ولا سيما أنها تعتمد على مصروفات كبيرة قد يكون جزء منها يذهب في اتجاهات ذات مردود ضعيف، لافتا إلى أنه من أهم تلك الجهات وزارة التعليم التي تمثل ميزانيتها 22 في المائة من مصروفات الجهات الحكومية، حيث إنه من الضروري إعادة دراسة المصروفات بشكل تدريجي خلال السنوات المقبلة، وتقليصها لمستويات جيدة من شأنها توفير جزء كبير من مبالغ الإنفاق الحكومي عليها.
فيما أوضح الدكتور أبو بكر باعشن، المحلل الاقتصادي، أن جزءا من معالجة التكاليف والمصروفات الحكومية يتمثل في عملية التخصيص، سواء تخصيص مشاريع جديدة أو مبادرات ناشئة، لافتا إلى أن ذلك يجب أن يكون وفقا لضوابط وأسس تنظيمية عالية تراعي التنفيذ، مع تمكين الشركات والتحالفات المنفذة لتلك المشاريع من استثمارها لفترة معينة، ومن ثم تعود ملكيتها للدولة دون أدنى مصاريف للإنشاء.
وأكد أن ترشيد التكلفة سيتحقق من خلال تحديد المعايير التدريبية، وتخصيص بعض القطاعات، أو السماح لها بالاستثمار في المشاريع، مؤكدا أن ذلك الأمر يتواكب مع برنامج التحول الوطني 2020 و"رؤية المملكة 2030".
وأشار إلى أن فتح الباب للمستثمرين الأجانب للدخول في مشاريع القطاع الحكومي وتنفيذها وفق أهداف برنامج التحول الوطني، سينمي الاستثمار الأجنبي في المملكة، ويعزز الشركات بين رجال الأعمال في المملكة والمستثمرين الأجانب، ويساعد على توطين الوظائف وإيجاد مزيد منها خلال السنوات المقبلة.

الأكثر قراءة