مختصون دوليون لـ "الاقتصادية": موازنة 2017 بمنزلة حجر أساس لاقتصاد متعدد الموارد
بقدر ما تكشف به إشادة عديد من المختصين والأكاديميين والعاملين في مجال الاستثمارات الدولية في بريطانيا، بالموازنة السعودية لعام 2017، فإن اتفاق هؤلاء المختصين في رؤيتهم بتميز الموازنة الجديدة مقارنة بموازنات سابقة، يعتبر دليلا على الطابع الاستثنائي لها، ليس فقط من منطلق تقني، إنما بالقدرة على إحداث التوازن بين مجموعة من العوامل المتناقضة، رغم تراجع النفط الذي يعد المصدر الأساسي للدخل القومي في المملكة معظم أشهر العام الماضي. وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور إدوارد كين أستاذ المالية العامة في جامعة ليدز، إن "الميزانية العامة للسعودية هذا العام، استقت أهميتها من عدد من العوامل دفعت المختصين والأسواق الدولية إلى متابعتها عن كثب، العامل الأول يأتي من أنها تكشف مدى التزام المملكة بالمضي قدما في تحقيق الرؤية الطموحة لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمعروفة باسم "رؤية 2030".
وبين أن مراكز صنع القرار العالمي كانت تتخوف من أن تكون التحديات الاقتصادية التي تواجه البلدان النفطية، وفي مقدمتها السعودية، سببا في التراجع عن "رؤية 2030"، ولكن على العكس تماما، فبمقدار خفض الميزانية للعجز، فإنها أثبتت أن قرار دعم القطاع الخاص وإيجاد مناخ إيجابي للاستثمارات العالمية عبر تبني قرارات واضحة المعالم في مجال الانضباط المالي قرار سعودي استراتيجي". فيما يعتقد الباحث الاقتصادي تيم راسل أن موازنة عام 2017 تمثل حجر الأساس في إخراج الاقتصاد السعودي من مجال الاقتصاد الأحادي الذي يعتمد على مورد اقتصادي واحد وهو النفط إلى اقتصاد متعدد الموارد.
وأضاف لـ"الاقتصادية"، أن "عملية التحول الاقتصادي وكما هو الوضع في جميع اقتصاديات العالم تمر بمراحل مختلفة من الصعود والهبوط، لكن من الواضح أن النقطة المحورية في الميزانية السعودية انصبت على إيجاد توازن بين المدخلات والمخرجات النقدية دون الإضرار بمستويات معيشة المواطن، أو التغاضي عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
وأكد، أنه لا شك أن بيع السندات السعودية في أكتوبر الماضي وجني نحو 17.5 مليار دولار منح صناع الموازنة السعودية دفعة قوية في إعداد موازنة تتسم بالتوازن الحالي، مع تمهيد الأرضية لموازنات مستقبلية تعمل على إخراج الاقتصاد السعودي إلى منطقة أرحب من التنوع في المدخلات المالية".
مع هذا فإن البعض يعتقد أن الموازنة ستواجه بتحد كبير عند التطبيق العملي، حيث أكد المختص الاستثماري ديفيد نيل أنه بمقدار ما تقدمه الموازنة من مؤشرات جذابة لرؤوس الأموال الأجنبية، بأن السعودية تسعى لتحقيق النمو، عبر تبني منظومة قوية ومكثفة من الأفكار الاقتصادية التي تصب في إطار دعم "رؤية 2030" للتحرر الاقتصادي كاتجاه عام، فإن الموازنة في جانبها التطبيقي تعمل على توسيع نطاق الإحلال والتبديل للبنية الاقتصادية عامة والبنية التحتية خاصة، وهو ما يشجع رؤوس الأموال الأجنبية على مزيد من الاستثمار في المملكة".
ومع هذا يطالب بعض مختصي الاقتصاد بضرورة التزام البيروقراطية السعودية بالتحرك ضمن إطار المخصصات المتاحة في بنود الموازنة، لإفساح الطريق أمام الحكومة السعودية لمزيد من التركيز على إيجاد وظائف في سوق العمل.
ومن تلك النقطة تحديدا ترى الدكتورة إيلين ديفيد أستاذة الاقتصاد المقارن أن قضية الاهتمام بالتنمية البشرية تعد واحدة من أهم الركائز الأساسية في موازنة 2017.
وقالت ديفيد لـ "الاقتصادية": "من الواضح أن هناك نظرة متكاملة تقف خلف إعداد الموازنة، إذ إن هناك جهودا واضحة المعالم للربط بين محور التنمية البشرية من جانب وبين دعم القطاع الخاص من جانب آخر، ويعكس ذلك ما سبق أن أشار إليه ولي ولي العهد السعودي خلال استعراضه لـ"رؤيته 2030"، بضرورة توفير أيد عاملة سعودية تتسم بالمهارة، إلا أن آليات استيعاب تلك العمالة ستمر عبر دعم جهود القطاع الخاص التنموية، وبذلك فإن الموازنة تضمن عملية متواصلة من تحديث الاقتصاد السعودي على الأمد الطويل".