البيئة الداخلية .. ومتغيرات الأمن الوطني

في البيئة المحلية تشكيلة واسعة من المؤثرات التي تؤثر في صياغة السياسة والاستراتيجية وفي الإجماع الوطني بشأنهما، وهي بطبيعة الحال تختلف من مجتمع إلى آخر، ويلعب النظامان الإداري والسياسي دورا كبيرا في تشكيل ملامحها.
يلعب كل من الجغرافيا والسكان والموارد وكذلك الوضع الاجتماعي والنفسي للشعب دورا كبيرا، من جهة أخرى، تؤثر كذلك بصورة كبيرة الأوضاع الاقتصادية، ولا سيما إذا كانت تمس مباشرة حياة المواطنين، بشكل أكبر في التحولات الاستراتيجية للمجتمعات، مصحوبة بالتحولات العسكرية والسياسية.
وتبقى هناك منظومات متنوعة تتكون منها الاستراتيجيات في مجال الأمن والدفاع على سبيل المثال، ودراسة تلك الاستراتيجيات ومآلاتها، والأطراف الفاعلة في البيئتين الداخلية والخارجية، أمر مهم جدا للخروج بتصورات تخدم تحقيق الأهداف وتضمن كذلك مراجعة الاستراتيجيات وما إذا كانت في الطريق الصحيح أم لا.
وللمجتمعات بصفة عامة، نقاط قوة ينبغي المحافظة عليها وتنميتها، ونقاط ضعف ينبغي القضاء عليها، وأيضا فرص يتحتم اقتناصها وجذبها، وتهديدات لا بد من تجنبها وتحييدها. وتلعب القيادة والرؤية دورا كبيرا في ذلك، ولا سيما إذا ما اتسمت بالشفافية والإخلاص في العمل.
وتبقى معايير مستوى الأهمية في الأمن أمرا مهما في تعريف الأولويات ومنها التالي:
مستوى المحافظة على البقاء، وهذا يعني إذا لم يتحقق فسيؤدي إلى دمار شامل وفوري لواحد أو أكثر من الجوانب الرئيسة للمصالح الوطنية الجوهرية.
المستوى الحيوي إذا لم يتحقق فسيترك عواقب فورية على المصالح الوطنية الجوهرية.
المستوى المهم إذا لم يتحقق فسيؤدي إلى أضرار ستؤثر في نهاية المطاف في المصالح الوطنية الجوهرية.
المستوى الهامشي إذا لم يتحقق فسيؤدي إلى أضرار لا يتوقع لها أن تؤثر في المصالح الوطنية الجوهرية.
ولذلك على صانع السياسات والاستراتيجي معرفة المعلومات والحقائق والبيانات المتعلقة بكل جانب من البيئة الاستراتيجية فيما يخص المصالح، بما في ذلك السمات والمعرفة الملموسة وغير الملموسة، والافتراضات والعلاقات والتفاعلات.
ينبغي كذلك الإشارة إلى العوامل الاستراتيجية وهي الأشياء التي يمكن أن تسهم في تحقيق المصالح المحددة أو مصالح أخرى أو الأشياء التي يمكن أن تسبب الضرر بالمصالح.
يتجلى أيضا دور العوامل الاستراتيجية الرئيسة وهي تلك العوامل التي صنفها الخبير الاستراتيجي في قمة الأهمية في التفاعل داخل البيئة، وهذه العوامل يمكن أن تستخدم، أو يجب أن تستخدم أو يجب التأثير فيها أو مواجهتها، لكي نتمكن من خدمة المصالح المحددة وحمايتها.
إن المتغيرات المحلية تؤثر تأثيرا كبيرا في أي استراتيجية، مع وجود المنظمات والشركات الكبرى، والتواصل اللامحدود مع العالم الخارجي، أصبح الداخل يتفاعل ضمن منظومات عديدة، تشمل القيم والإدارة والسلوك المجتمعي والشعبي، وذلك الوعي بالمرحلة التي يعيشها.
وهنالك تساؤلات منهجية غالبا ما يتم طرحها بالنسبة للبيئة المحلية مثل السؤال حول السبب للقيام بعمل ما؟ والغاية المنشودة من ذلك العمل وكيف يمكن تحقيقها؟
وللبيئة عوامل تؤثر فيها مثل الشعب والقيم والإرادة الوطنية، وعند الحديث عن الشعب يمكن تقسيمها حسب هاري يارجر الخبير الاستراتيجي إلى مستوى العامة، وهي تلك الشريحة التي تشكل الغالبية الأشمل في العدد، ومستوى الشريحة المطلعة التي تحاول السعي بجدية نحو الاطلاع والتعرف على الاستراتيجيات والقضايا الوطنية، من خلال الأخبار ومجموعات النقاش والإنترنت. ويشير يارجر إلى أن الشريحة المطلعة قد لا تؤثر بصورة مباشرة في أجندة قضايا الاستراتيجية والأمن، إلا أنها تلعب دورا فعالا في نقل المعلومات وتشكيل الرأي العام في الأوساط المحلية. ثم أشار بعد ذلك إلى مجموعة النخبة وتشكل نسبة بسيطة من السكان وتشارك بفاعلية في التأثير في القضايا الاستراتيجية وهي تمتلك معرفة معمقة، وتشكل القضايا الاستراتيجية جزءا من حياتهم ومهنهم.
وأخيرا تحدث عن مجموعة صناعة القرار، وهم من يتخذون القرار وذلك بعد فهم الدور والدوافع لدى مختلف شرائح الشعب حيث تظل الإرادة الوطنية في الشعب كله.
ولا شك أن للأسئلة المنهجية الأولى دورا كبيرا في اتخاذ القرار وعلى رأسها إلى أين نتجه؟ وكيف نصل؟ أي ما هي تلك التبعات والتضحيات التي سنقدمها من أجل تحقيق الهدف؟ ولمصلحة من؟ من هنا أتى تفسير المصلحة الوطنية، ليست فقط في قوة بحد ذاتها بل في تعزيز قوى الدولة جميعها، من أجل تحقيق ازدهار الوطن والمواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي