الحديث عن موارد السعودية بشفافية

"رؤية المملكة 2030" تضع الشفافية كأحد أهم محاورها، حيث جاء المحور الثالث ليركز على دور الحكومة الذي يتطلب تطويرا مستمرا للسعي إلى العمل وفق معايير عالية من الشفافية والمساءلة، وإدارة مواردنا المالية بكفاءة واقتدار. وفي خطوة لعلها تشير فعلا بكل جلاء إلى تطبيق عملي في هذا المسار الواضح جاء الحوار الحصري للمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مع "الاقتصادية" هو الأول له منذ تسلمه حقيبة أهم وزارة في الاقتصاد السعودي. لقد كان المحور الثالث من محاور "رؤية المملكة 2030" (وطن طموح حكومته فاعلة) هو مدار الحديث والأسئلة، ولقد كانت الشفافية هي المحرك الأساس في هذا الحوار، وقد تطرق الحديث إلى تسعير النفط السعودي وكيف يتم إدراجه ضمن ميزانية الدولة، وهو حديث من النادر أن يقوم به وزير من قبل، ولم تكن هناك أسباب صريحة لعدم الحديث،
وبخلاف الشفافية والمساءلة فإن الوطن الطموح يعني في "رؤية المملكة 2030" أن تتم إدارة الموارد بكفاءة عالية واقتدار، ولهذا فقد دار الحوار حول هذه الموضوعات بشكل أساس، ولقد كان للنفط نصيب وافر من الحديث؛ فالنفط كان وسيظل إحدى أهم ركائز الإيرادات العامة للدولة، لكن النقاش دائما والشائعات تدور حول حجم هذه الإيرادات وتسعيرها، لهذا تطرق لها وزير الطاقة بوضوح، حيث أكد أن الموضوع يجب فهمه من جانبين: من جانب حجم الإنتاج الكلي للنفط في المملكة وما يخصص منه للاستهلاك المحلي، وجانب آخر وهو سياسات التسعير، ففي جانب الإنتاج فإن الأمر ينقسم إلى قسمين، قسم يصدر خارج المملكة ويباع بأسعار التصدير السوقية، وقسم آخر يباع بأسعار محلية خاضعة للدعم. فمثلا في عام 2015 كان إنتاج المملكة من النفط قد بلغ 10.2 مليون برميل يوميا لكن بلغت معدلات الصادرات للنفط الخام 7.1 مليون برميل يوميا. وفي جانب السعر فسعر مزيج برنت وهو المرجع العالمي لأسعار البترول، وهو لا يمثل على الإطلاق الأسعار التي يتم بها تسويق أنواع البترول السعودي التي تختلف عنه في المواصفات الفنية، حيث إن المملكة تسوِّق خمسة أنواع من النفط منها الخفيف والثقيل والمتوسط، وهي ذات كثافة أعلى ونسبة كبريت أكثر من نفط برنت، وعلى سبيل المثال فمعدل سعر برنت فاق سعر سلة "أوبك" بما يزيد على أربعة دولارات للبرميل في عام 2016. وبغض النظر عن هذه الأسعار، فالسعودية ستستمر في الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج للحفاظ على طاقتنا الإنتاجية من النفط الخام عند 12.5 مليون برميل يوميا.
وفي مجال الطاقة المتجددة فإن لدى السعودية المقومات الأساسية اللازمة لتحقيق الهدف المرحلي الرامي إلى إنتاج 9.5 جيجاواط من الكهرباء بحلول عام 2023 من مصادر متجددة.
وفي مقام إدارة الموارد بكفاءة ـــ كما تشير "رؤية المملكة 2030" ـــ فقد أكد الوزير خطط الوزارة في تشجيع سلوكيات واعية وفعالة لترشيد استهلاك الطاقة محليا وإعادة توجيه الدعم الذي بلغ مستويات قياسية تقارب 270 مليارا سنويا. فبدأت الوزارة خفض الاستهلاك المحلي في قطاع النقل ونجحت حتى الآن في تحقيق نسبة خفض بلغت 3 في المائة، مقابل متوسط نسبة نمو يقارب 6.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، وما زالت الوزارة تسير في خططها لإصلاح أسعار الطاقة محليا، وهذا سيضمن إعادة توجيه الدعم للفئات المستحقة. وفي المقام نفسه ومع جهود الإصلاح الاقتصادي التي تسير عليها المملكة وبعد إعادة هيكلة الأسعار لم يسجل الحمل الذروي لقطاع الكهرباء نموا سنويا لعام 2016، وهي سابقة لم تحدث منذ إنشاء الشركة السعودية للكهرباء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي