«ماركس آند سبنسر» تكافح لمواكبة المنافسين العالميين
بين حضور الصفوف للحصول على شهادتها في التصوير الفوتوغرافي، إم جودمان تبيع الملابس التي اشتُرِيت من متاجر ماركس آند سبنسر في التسعينيات، عندما كانت السلسلة هي شركة التجزئة الأكثر قيمة في المملكة المتحدة.
القمصان القصيرة وبنطلونات الجينز عالية الخصر المصنوعة في بريطانيا التي تبيعها على الإنترنت على موقع ليليز "لوك أب" هي، كما تعتقد، أكثر عصرية من المجموعات المستوردة التي توفرها السلسلة اليوم. وتتوقع أن الموديلات الكلاسيكية يمكن أن تستمر لفترة أطول، أيضاً. تقول السيدة جودمان: "فقط الناس الذين تزيد أعمارهم على 40 عاما يتسوّقون فعلا هناك الآن".
استياؤها من ملابس متاجر ماركس آند سبنسر هو شهادة على المهمة الشاقة بالنسبة لستيف رو، الرئيس التنفيذي الذي أقسم على إحياء العلامة التجارية للملابس، جنبا إلى جنب مع الجلد الشاحب والأسنان الملتوية، كانت تعمل على تحديد كيف يبدو أن تكون بريطانيا.
متجر ماركس آند سبنسر لا يزال أكبر بائع للملابس في بريطانيا، لكنه اليوم عملاق ضعيف، تفوّقت عليه علامات تجارية مثل إتش آند إم وبريمارك التي قامت بتجديد تجارة الملابس باعتبارها أعمالا عالمية حيث قوتها الشرائية تتجاوز كثيرا قوة السلاسل الوطنية.
في الأسبوع الماضي، كشف متجر ماركس آند سبنسر عن أرقام التجارة في عيد الميلاد التي وفّرت إشارة مبكرة أن بطل المتاجر البريطانية كان أخيرا يتكيّف مع الحياة كمتجر إقليمي متوسط الوزن. مبيعات الملابس والأدوات المنزلية زادت بنسبة 3.1 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2016.
هذا كان فقط الربع الرابع من النمو خلال ثلاثة أعوام. أعمال الملابس بلغت ذروتها في عام 2008، على الرغم من أن نجاح أعمال المواد الغذائية الراقية مكّن متجر ماركس آند سبنسر من النمو.
النتيجة الإيجابية أيضا أوقفت الانخفاضات الحادة التي تبعت قرار رو إلغاء تقويم حافل من المناسبات الترويجية للملابس، بينما في الوقت نفسه خفّض سعر البيع العادي في كثير من التصاميم.
في العام الماضي، أعلن عن برنامج لإغلاق المتاجر وتعهد بالانسحاب من التصاميم "الأكثر عصرية" لمصلحة التصاميم المعقولة - وإن كانت مملة - التي اشتهر بها متجر ماركس آند سبنسر تقليدياً. يقول: "وجدت سروالا قصيرا رائعا ذهبي اللون في نورويتش في أحد متاجر ماركس آند سبنسر. لا ينبغي أن نبيع السراويل القصيرة الذهبية. الزبائن دائما يتحدثون عن الملابس الأنيقة التي يُمكن ارتداؤها".
يقول المحللون إن الاستراتيجية الجديدة معقولة، لكن معظمهم - إلى جانب رو نفسه - يُصرّ على أنه من السابق لأوانه الاستنتاج بأن أعمال الملابس في متاجر ماركس آند سبنسر خرجت أخيرا من دورة الأداء الضعيف التي استمرت مع أربعة رؤساء تنفيذيين.
يقول توني شيريت من وكالة هايتونج للأوراق المالية: "سبق أن رأينا بوارد مُشجّعة من قبل".
"هناك سبب هيكلي متأصل في أن متاجر التجزئة العريقة الكبيرة تجد صعوبة في الحفاظ على الانتعاش".
بإمكان متاجر ماركس آند سبنسر تتبع تراجعه النسبي إلى إدخال قواعد التجارة الجديدة في عام 1995 التي دمّرت نظام حصص الاستيراد التي كانت تحافظ على سوق الملابس العالمية مُقسّمة إلى إقطاعيات وطنية.
سواء من خلال التهاون أو العجز، كان متجر التجزئة بطيئا في الاستجابة، في الوقت الذي كان فيه الكثير من الشارع الرئيس البريطاني مليئا منذ فترة بمنتجات المصانع الآسيوية الرخيصة. هذا أدى إلى تآكل ميزة سلسلة ماركس آند سبنسر التنافسية، ما اجتذب عرضين للاستحواذ – وتبين أنه تمت مقاومتهما بصعوبة - من قُطب الأعمال رئيس توب شوب، السير فيليب جرين.
إحدى شركات التوريد النموذجية كانت "ريتشارد روبرتس نيتوير"، التي في مطلع الألفية كانت توظّف 800 شخص في ثلاثة مواقع بالقرب من لستر في وسط بريطانيا. يقول شخص يعرف سلسلة التوريد في الشركة جيدا: "هذه المصانع كانت أيضاً المخزن في الأساس. سلسلة ماركس آند سبنسر لم تكن تحتفظ بأي مخزون، لكن في غضون ثلاثة أيام يُمكن الاتصال بالمصنع ونقل المخزون إلى المتجر".
عندما أجبرت محاولة السير فيليب الفاشلة سلسلة ماركس آند سبنسر على البحث عن طرق لزيادة الأرباح وإرضاء المساهمين، كان عليه ارتجال طريقة لشراء المزيد من الملابس من المصانع غير المألوفة في الشرق الأقصى - إضافة إلى شبكة خدمات لوجستية في المملكة المتحدة تتولى أعمال التحرّي التي كانت تقوم بها شركات التزويد البريطانية سابقا.
النتيجة، كما يقول بعض المسؤولين التنفيذيين السابقين، كانت فاشلة، موزّعة على 110 مراكز توزيع كانت إدارتها مُكلفة، وبطيئة في التسليم وعُرضة للحوادث المؤسفة. تطلّب الأمر حتى هذا العام، واستثمارا بقيمة مليار جنيه في البنية التحتية للخدمات اللوجستية والتكنولوجيا، لخفض عدد المخازن إلى 30؛ تعتقد الشركة أن معظم عملياتها ينبغي توحيدها في أربع فحسب.
وفي حين أن هذا سيجعل سلسلة ماركس آند سبنسر أكثر قدرة على التنافس ضد منافسيه في المملكة المتحدة، إلا أن عولمة سوق الملابس أطلقت العنان لمنافسين من النوع الذي لم تواجهه سلسلة الملابس الأكبر في بريطانيا في تاريخها على مدى 132 عاما: السلاسل الأكبر.
"إتش أن إم" في السويد، الذي كان بمستوى ماركس آند سبنسر نفسه في عام 2004، يملك الآن أربعة آلاف متجر في 62 بلدا - مقارنة بمتاجر ماركس آند سبنسر البالغ عددها 1380 متجرا، التي في المملكة المتحدة بشكل رئيس - ويبيع أربعة أضعاف حجم الملابس التي تبيعها المجموعة البريطانية. إنديتيكس، المجموعة الإسبانية مالكة العلامة التجارية زارا، تبيع نحو خمسة أضعاف ذلك.
في المقابل، المواقع البعيدة التي حافظت عليها متاجر ماركس آند سبنسر في شنغهاي أو باريس، كانت تبدو كأنها متاجر حديثة بطابع بريطاني أكثر من كونها محاولة جدّية لتُصبح أكبر تجّار الملابس في العالم.
يقول كيني ويلسون، الذي شغل مناصب بارزة في شركة ليفي ستراوس، العلامة التجارية للجينز الأمريكي: "الأمر يتعلق بالتنوع بقدر ما يتعلّق بالحجم".
"الاقتصادات مثل ألواح الغزل؛ أحدها دائما ما سيتذبذب. إذا كنت تحتفظ بالكثير من الألواح، فإن شركات التزويد التي تتعامل معها تعرف أنها لن تعْلَق مع اللوح المنحرف".
شركات زارا، وإتش آند إم، وبريمارك، أخذت جميعا شريحة مربحة من قاعدة الزبائن في سلسلة ماركس آند سبنسر. الأسوأ من ذلك، أنها جمعت ما يكفي من القوة الشرائية لسرقة الميزة التقليدية التي كان يتمتع بها متاجر ماركس آند سبنسر: القدرة على إقناع المصانع بتزويدها بملابس أفضل بأسعار أقل مما يُمكن أن يوفّرها أي متجر تجزئة بريطاني آخر في الشارع الرئيس.
من كل جنيه تُنفقه متاجر ماركس آند سبنسر، 45 قرشا تذهب إلى الدفع للمعامل وتكاليف أخرى تشمل نقل البضائع إلى المتجر. في شركة إنديتكس، الشركة الأم للعلامة التجارية زارا، الرقم المُعادل يقل عن نحو 7 في المائة.
هذا الواقع الاقتصادي وضع عقبة أمام سلسلة من الرؤساء التنفيذيين الأكبر من الحياة في متاجر ماركس آند سبنسر، الذين كل منهم وضع خطة انتعاش كانت تبدأ عادة بإلغاء حكاية سلفه.
مارك بولاند (الذي حصل على ما لا يقل عن 12 مليون جنيه خلال الأعوام الخمسة التي قضاها في سلسلة ماركس آند سبنسر، وذلك وفقا لبيانات الشركة) فتح متجرا في الشانزليزيه كجزء من حملة لدخول أوروبا. هذا كان عكس انسحاب لوك فانديفيلد من القارة، التي هي نفسها تم عكسها منذ ذلك الحين: رو قرر في العام الماضي إغلاق معظم متاجر ماركس آند سبنسر في الخارج.
التردد نفسه واضح في قرارات التصميم في سلسلة ماركس آند سبنسر. ستيوارت روز (الذي حصل أيضا على ما لا يقل عن 12 مليون جنيه) ألغى التركيز على تطلعات الأزياء الراقية الخاصة بسلفه، روجر هولمز، وهو قرار تم عكسه في وقت لاحق من قِبل بولاند وأعاده رو.
كل من هذه الخطط كانت تبشر بالخير لبعض الوقت، وغالبا ما تُبرر مكافآت أسهم كبيرة لكبار التنفيذيين، جنبا إلى جنب مع رواتبهم السخية. لكن بشكل تراكمي، كانت بمثابة خيبة أمل شديدة. اليوم، متاجر سلسلة ماركس آند سبنسر تساوي 40 في المائة أقل من مبلغ التسع مليارات جنيه التي عرضها السير فيليب في عام 2004.
رو يرفض فكرة أن خطوات الإدارة السيئة هي السبب الرئيس للمشكلات في سلسلة ماركس آند سبنسر. يقول: "النوايا كانت جيدة وفي الواقع غالبا ما كانت سليمة، تعتمد على المعلومات التي كانت تملكها الشركة في ذلك الوقت. هل توقعتم خروج بريطانيا؟ أعني، الأمور تتغير". يعتقد المحللون أن تلك القرارات قد قيّدت بشكل دائم المجال أمام رو للمناورة. وفي حين أن البعض يشعر بالتفاؤل من أن متاجر ماركس آند سبنسر يُمكن أن تحقق المزيد من الأرباح من الموقف الريادي في السوق الذي هو إرث حقبة محمية أكثر، إلا أن قليلين يعتقدون أن الشركة يُمكن أن تدخل إلى أراض جديدة أو تستعيد ما فقدته لمصلحة الغزاة الأجانب.
يقول شيريت: "لقد احتضنوا منافسيهم بأنفسهم وخسروا هيمنتهم في بريطانيا. لا يستطيعون الآن إبطال هذا الأمر. مستقبل متاجر ماركس آند سبنسر على الأرجح لن يكون حول النمو الهائل. وإنما سيدور حول إدارة الأمور بصورة أكثر ربحية".