التمدد الإيراني في المنطقة وأثره في السياسات الخليجية
تقوم طهران بالتمدد في عدد من العواصم العربية، سواء من خلال التقارب السياسي أو الوجود العسكري أو التعاون الاقتصادي أو التشيع الثقافي، خاصة أن هناك اتجاها داخل إيران يرجح سيناريو تقسيم الدول العربية خلال المرحلة المقبلة، بما يصب في مصلحة طهران ومخططاتها الفاسدة.
تنحاز إيران كذلك إلى نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري وهذا الانحياز مع النظام الذي يقتل شعبه، وكذلك تسعى في اليمن من خلال ميليشيات الحوثي الطائفية مثل ما تعمل كذلك في العراق. واعتماد سياسة عرقية دينية سخيفة لا يمكن تطبيقها في أي بلد من البلدان العربية مهما اختلفت المعتقدات الدينية بين المجتمعات المتعايشة في أي بلد عربي لأن معظم هذه الزواجات الاجتماعية تبحث عن الاستقرار والأمن الاجتماعي ولا تميل كثيرا إلى إثارة الفتن الطائفية الدينية فيما بينها، ولذلك من الصعب تنفيذ هذه المخططات الإيرانية الدخيلة مهما حاولت طهران بأساليبها السيئة غرس الفتن بين هذه الأعراق الاجتماعية التي تقطن في وطن واحد وتعيش على أرض وتراب واحد منذ آلاف السنين.
في هذا السياق، قال كبير مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية، رحيم صفوي، في ندوة "التحولات الجيوبوليتكية في العالم الإسلامي" في طهران في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 إن "بعض الدول في المنطقة كالعراق وسورية وليبيا يتجه نحو التقسيم، حيث ينقسم العراق إلى ثلاث دويلات، وسورية إلى قسمين، وليبيا إلى قسمين".
وتتصدر أولويات طهران إضعاف الجماعات السنية على نحو يعكس دعمها لزيادة السيطرة الجغرافية لحلفائها، سواء قوات الجيش الوطني وميليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، أو جماعة الحوثيين في اليمن، أو "حزب الله" في لبنان، أو جيش الأسد والمقاتلين الباكستانيين والأفغان في سورية، فضلا عن حرصها على الدفاع عما تطلق عليه "مظلومية" الشيعة في العالم، رغم أنها تنتصر لمصالحها في النهاية.
خلاصة القول، إن جغرافيا الصراع في الشرق الأوسط في نهاية عام 2016 تشير إلى تشكيل خرائط مختلفة وحدود جديدة بواسطة فاعلين قدامى وجدد تختلف عما كان سائدا قبل عقود، بعد سقوط الحدود الفاصلة بين بؤر الصراع في سورية والعراق، ودعم بعض القوى لميليشيات متصارعة، وعدم اعتراف الميليشيات المسلحة بخطوط الحدود، وتنامي الميول الانفصالية للفاعلين العنيفين، وتصاعد الدور الروسي الجديد في الإقليم، على نحو يعكس الإقامة في أرض لا خريطة لها.
الحالة اليمنية والسياسات
لا يمكن حصر جميع السياسات الخليجية تجاه جميع القضايا الإقليمية ولكن سنحاول في هذه الجزئية الإشارة إلى الموقف الخليجي تجاه الأزمة اليمنية، والوضع الدفاعي الخليجي المشترك.
تعتبر اليمن في حالة من تعدد الفاعلين من القوة الصلبة، على مستوى الدفاع والهجوم، وهذا ما يزيد في فوضى المشهد اليمني، فالداخل اليمني، من القوة الصلبة يضم الحوثيين، وأتباعهم وكذلك، بعضا من قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ومن يواليهم، ويقابلها القوات الشرعية والقبائل وقوات التحالف.
وعلى مستوى قوات التحالف التي تأتي على رأسها القوات السعودية، وكذلك المشاركة مع القوات الإماراتية وباقي دول التحالف الذي يشكل المكون الصلب.
على المستوى الدبلوماسي، يشكل مجلس التعاون الخليجي ولا سيما المبادرة الخليجية لحل الأزمة وانتقال السلطة بشكل تدريجي وسلس في الداخل اليمني أحد الحلول التي كانت ستسهم في حل الأزمة اليمنية، لولا تعنت علي عبد الله صالح، وكذلك التدخل الإيراني الذي يزداد في الداخل اليمني. ويحاول بقدر الإمكان تسييد التفرقة بين الجماعات الاجتماعية التي تعيش في ربوع اليمنيين، ولكن مهما اختلفت الفوارق العقدية فإن إيران لن تنجح في تنفيذ هذه المخططات التي الهدف منها التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.