سوق العمل السعودية في تقرير «هارفارد» «2»
تحدث الجزء الأول للمقال عن تقرير نشرته مجلةHarvard Business Review العريقة، كان يناقش ويحلل باختصار تحديات سوق العمل في المملكة في ظل التغيرات والطموحات الاقتصادية لـ "رؤية 2030".
أيضا يذكر التقرير برنامج "نطاقات"، الذي يعطي أولوية التوظيف للسعوديين، وكيف أن هذا يتم دون اعتبار الكفاءة والجودة المهنية للموظف، وأن هذا يجعل توظيف الأجانب أكثر صعوبة.
وهنا أتوقف عند عبارة "دون اعتبار الكفاءة المهنية". منذ سنوات وأنا أنادي بمراقبة وتطوير كفاءة العنصر السعودي في المنشآت والمؤسسات بأنواعها وأحجامها، لكن يجب معرفة كفاءة الموظف السعودي من مستوى كفاءة المنظومة المؤسساتية، حيث إن التدريب الجيد والامتيازات والبدلات الوظيفية غالبا ما تنعكس على أداء الموظف باختلاف جنسه ولونه. ومن خلال مشاهداتي خاصة في السنوات الأخيرة، فإن أداء كثير من الموظفين والموظفات السعوديين تحسن بدرجة مبهرة، وبصرف النظر عن القطاع والتخصص، فإن سلوكيات العمل أصبحت تعكس مهارة والتزاما واضحا من قبل الموظف.
النقطة الثانية أن صلابة وجودة التدريب في المنشأة تنعكس حتما على أداء موظفيها، ولا يخفى على أحد أن هناك منشآت سمعة موظفيها وخريجيها مرتفعة وقيمتهم السوقية كذلك مرتفعة، بسبب انتمائهم لها وعملهم فيها، فيقال عن الموظف هذا عمل في "أرامكو" أو غيرها مثلا.
وينتقل التقرير بعد هذا إلى عمل المرأة والمساواة في الفرص المهنية بين الجنسين.
ويقول "إن اليوم توجد في المملكة نسبة كبيرة من السيدات البارعات الطموحات، لكن لا يزال دخولهن إلى سوق العمل المناسبة مرتبطا بقواعد الجنسين في المملكة، وإن هذه التفرقة تكلف المنشآت ماليا، بداية من فصل المداخل والمكاتب وحتى المهام في بعض الأحيان".
وأذكر للقارئ الكريم أن تاريخ هذا التقرير كان في منتصف عام 2016 أي منذ أقل من عام واحد، وربما لو انتظرت الكاتبة بضعة أشهر فقط لرأت ما ينقض حديثها ومقالها تماما. فبدءا من تأنيث قطاع التجزئة بشكل كبير في عام 2011 "نتيجة لمطالبة الحملات والمجتمع"، ومرورا بإنجازات عديدة في مجال العلوم، وحتى ما شهده الأسبوعان الماضي والحالي من تولي المرأة مناصب قيادية غير مسبوقة في عالم المال، وهذا سيكون موضع المقال المقبل بإذن الله.
ثم يتساءل التقرير عن احتمالية تغير طبيعة سوق العمل في المملكة بفعل ديموغرافية السكان وهبوط أسعار النفط، وأنه لا بد للمملكة من إحداث وتفعيل التغيير الجذري في هذا النطاق. إن ديموغرافية السكان وإن فئة الشباب تحت سن 25 عاما تشكل ما يزيد على 50 في المائة من التعداد السكاني، الذين نشأوا خلال فترة الوفرة الاقتصادية "2005 حتى 2011" سيغيرون المعادلة لأكثر من سبب، فمتطلباتهم الوظيفية وتطلعاتهم وتوقعاتهم تختلف تماما عن الجيل السابق، مثل الحلم بشراء منزل، والتقاعد قبل الحد القانوني الأقصى، ثم الاستمتاع بالهوايات والسفر، وغيرها من أنواع الترفيه.
أكتفي بهذا القدر من التقرير، الذي أرى أنه لم يضف شيئا ذا قيمة، لأن المتغيرات من حولنا سريعة جدا، ولأنه يستقي معلوماته من مصادر لا ترتبط مباشرة بالشباب السعودي. أتمنى أن نرى مزيدا من التحليل الذي يدرس سوق العمل من زوايا مالية واقتصادية وثقافية ومجتمعية، بدلا من أن تقوم بعض الجهات بنشر دراسات لا تعكس واقع السوق المحلية، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
والله الموفق.