الأراضي الخاضعة للرسوم أقل من المتوقع
بلغت مساحة الأراضي في حدود حماية التنمية لمدينة الرياض 5894 كيلومترا في عام 1433هـ، منها 4597 كليومترا مربعا أراض غير مطورة تمثل نحو 78 في المائة من المخزون الجغرافي للمدينة. وهذا يؤكد وجود كم وافر من الأراضي التي يمكن تنميتها وعدم وجود ندرة قانونية أو طبيعية في عرض أراضي العاصمة. من ضمن حدود التنمية لمدينة الرياض، بلغت مساحة الكتلة العمرانية للعاصمة 1298 كيلومترا مربعا في عام 1433هـ، منها 816 كيلومترا أراض مطورة والباقي طرق. وصل إجمالي مساحة الأراضي السكنية إلى نحو 244 كيلومترا مربعا أو ما يقارب 30 في المائة من الأراضي المطورة "18.8 في المائة من إجمالي الأراضي مع الطرق". أما في الوقت الحالي فتقدر مساحة الكتلة العمرانية في مدينة الرياض نحو 1500 كيلومتر مربع. وقد دفع تصاعد أسعار الأراضي السكنية خلال الأعوام السابقة الذي قاد إلى تدني نسبة القادرين على تملك منازل إلى فرض رسوم – ضرائب - على الأراضي غير المطورة لتسريع تطوير مخزون الأراضي داخل الكتل العمرانية. وأعتقد أن تسميتها رسوما من باب تخفيف وقعها على الآذان لعدم وجود منفعة أو خدمة مباشرة مساوية لهذه الرسوم يستفيد منها أصحاب الأراضي البيضاء دون غيرهم مقابل هذه الرسوم، ولهذا فهي ضرائب وليست رسوما.
تم منح وزارة الإسكان صلاحيات كثيرة بشأن رسوم الأراضي بما فيها تحديد مصطلح الأراضي البيضاء الخاضعة لرسوم الأراضي، وطريقة تقييمها، والاستثناءات منها، وأسلوب جمعها وصرفها، والمعلومات بخصوصها. وقد حددت وزارة الإسكان الأراضي البيضاء حاليا بأنها الأراضي السكنية والتجارية غير المطورة داخل الكتل العمرانية التي تزيد مساحتها على عشرة آلاف متر مربع. ويستثني هذا التحديد معظم الأراضي البيضاء التي تقع في حدود التنمية للمدن الرئيسة في المملكة وكل الأراضي خارجها، ما سيقلص كثيرا من تأثير الرسوم في الأراضي ومن إيراداتها. وهذا سيسمح باستمرار تدفق السيولة ودون أي تأثير للرسوم في الاستثمار في الأراضي البيضاء خارج الكتل السكانية، والاستراحات والأراضي المخصصة للاستخدامات الأخرى مثل الاستخدامات الزراعية والصناعية. ومصداقا لذلك صدرت أخيرا -بموجب تعريف وزارة الإسكان - فواتير رسوم الأراضي البيضاء التي أفادت بوصول مساحة الأراضي التي ستخضع للرسوم إلى نحو 128 كيلومترا مربعا. وهذا يعني أن نسبة الأراضي الخاضعة للرسوم ستصل إلى نحو 2.2 في المائة من الأراضي الواقعة داخل حدود التنمية، ونحو 8.5 في المائة من مساحة الكتل العمرانية في الوقت الحالي. ولو افترضنا أن كل هذه الأراضي سيتم تطويرها إلى أراض سكنية وتجارية، حيث يخصص للأراضي التجارية والشوارع والخدمات ما لا يقل عن 40 في المائة من هذه الأراضي، فإن هذا سيضيف نحو 77 كيلومترا مربعا من الأراضي السكنية المطورة. ومن النتائج الإيجابية لفرض رسوم الأراضي اضطرار الجهات المسؤولة لجمع معلومات عن الأراضي البيضاء وملاكها لفرض الرسوم، ما سيساعد في توفير صورة أفضل عن سوق الأراضي.
بناء على التطورات التاريخية تقدر هذه المقالة بوجه تقريبي أن مساحة الأراضي السكنية المطورة ارتفع في الوقت الحالي بنحو 20 في المائة عما كان عليه في 1433هـ، وفي حال صحة هذا الافتراض فإن مساحة الأراضي السكنية المطورة يصل في الوقت الحالي إلى نحو 293 كيلومترا مربعا. من ناحية أخرى، تشير بعض بيانات التنمية العمرانية إلى أن معدل نمو الأراضي السكنية يبلغ نحو 4 في المائة سنويا. وفي ظل هذه المعطيات فإن تطوير كل الأراضي الخاضعة لرسوم الأراضي البيضاء سيساعد في مواجهة الطلب المتزايد على الأراضي السكنية لنحو ست سنوات في مدينة الرياض. ومن المتوقع أن يقود فرض الرسوم إلى خفض منافع اكتناز الأراضي، ما يدفع إلى تسريع تطويرها، ولكن عدم تطويرها بالسرعة الكافية سيقود إلى الضغط على عرض الأراضي السكنية خلال خمس أو ست سنوات، ما سيولد ضغوطا على الأسعار في حال استمرار نمو الطلب عند معدلاته الحالية.
تشير بيانات الأراضي الخاضعة للرسوم إلى أن مخزون الأراضي الكبيرة غير المطورة داخل الكتل العمرانية ليس بالضخامة التي كان يعتقد بها، ما يرفع الحاجة إلى استهداف الأراضي الأقل مساحة من عشرة آلاف متر داخل الكتل العمرانية، وتطوير مزيد من الأراضي خارج الكتلة العمرانية لمواجهة الطلب المستقبلي المتوقع، وإمكانية التوسع العمودي. ويمكن وضع برنامج زمني لإخضاع مزيد من الأراضي داخل الكتل العمرانية وخارجها لرسوم الأراضي لتسريع تنمية بعضها، ومراجعة أنظمة البناء وإمكانية السماح بمزيد من الأدوار السكنية خصوصا في المناطق التي سيتم تطويرها. وسيمنح وضع برنامج زمني متوسط ملاك الأراضي مزيدا من الوقت للاستفادة من الإعفاءات من الرسوم في الوقت الحالي، ما سيسرع تطوير بعض المناطق داخل حدود التنمية لمدينة الرياض. وهذا سيساعد في توفير مزيد من الأراضي السكنية ويخفف من الضغوط على أسعارها مستقبلا.