مشروع آخر في صلب رؤية 2030 .. الصناعة البحرية
يعزز مشروع تأسيس وتطوير وتشغيل المجمع العالمي للصناعات البحرية الهائل في المملكة، الحراك الاقتصادي والتنموي السعودي الراهن المرتبط مباشرة بـ "رؤية المملكة 2030" و"برنامج التحول" المصاحب لها. فهو يدخل في النطاق الصناعي بصورة مباشرة وغير مباشرة، وهذا القطاع يمثل محورا رئيسا في عملية بناء الاقتصاد السعودي الجديد، فضلا عن أنه يقوم على شراكة بين "أرامكو" وعدد من الجهات العالمية المختصة المعروفة بنجاحاتها في هذا المجال، دون أن ننسى بالطبع أن مثل هذا المشروع، سيعزز أيضا القوة التي تتمتع بها "أرامكو" على مختلف الأصعدة، ولا سيما أنها مقبلة على طرح جزء من أسهمها في الأسواق العالمية والسوق المحلية في وقت لاحق من العام المقبل. أي أن المشروع له تفرعاته المتصلة بأكثر من قطاع على الساحة المحلية.
ورغم أن المشروع يعد الأكبر في المنطقة، ويتضمن الصيانة، والإصلاح والتجديد الكامل لمنصات حفر النفط والغاز البحرية وسفن المساندة البحرية وناقلات النفط الضخمة، إلا أنه يوفر الخدمات والمتطلبات نفسها لحراك النقل التجاري أيضا. أي أنه مشروع متكامل في طبيعته يتخذ من مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير مركزا ومنطلقا له. ومثل هذه المشاريع بشكل عام، تمثل محاور في عملية التنمية الشاملة، خصوصا مع فتح كل القطاعات السعودية تقريبا للاستثمار العام المحلي والأجنبي، إلى جانب طبعا الحاجة المحلية السعودية لتطوير هذا النوع من الخدمات التي تدعم حراك النقل الخاص في المملكة نفسها، والإمدادات النفطية وغيرها التي تخرج منها إلى العالم.
فعلى سبيل المثال، سيكون المشروع قادرا عند استكمال بناء المجمع على تلبية احتياجات بناء الحفارات البحرية للنفط والغاز، والمنصات البحرية وسفن الدعم البحري، وناقلات النفط الخام العملاقة، إلى جانب مجموعة متنوعة من المعدات البحرية والسفن التجارية، إضافة إلى إمكانية توفير أعمال الصيانة والترميم لجميع هذه المنتجات، كما يتوافق المشروع مع جميع المتطلبات البيئية السعودية. وهذه الأخيرة تمثل أيضا نقطة أساسية في الحراك التنموي السعودي الذي يعتمد على أعلى معايير الحفاظ على البيئة التي تتوافق بالطبع مع المعايير العالمية. في حين أن بلدانا كثيرة لا تزال تتلقى الانتقادات حتى الهجوم على استمرار تسيبها في هذا المجال. والحق، أن كل المشاريع التي تدخل ضمن نطاق "الرؤية" و"التحول" في المملكة، تضع في أولوياتها هذا الجانب.
سيبدأ المشروع الهائل المشار إليه عملياته الإنتاجية في عام 2019، ومع حلول عام 2022 سيكون في كامل إنتاجيته، ما يسهم في دفع أكبر لعجلة تنفيذ "رؤية المملكة 2030". وهناك نقطة تكتسب أهمية كبيرة للغاية، وهي تلك التي تتعلق بتوطين الأعمال في مشروع المجمع العالمي للصناعات البحرية، وهذا يعني أن فرص العمل ستكون متوافرة للكادر السعودي، إضافة طبعا إلى المساحة التي يوفرها للتأهيل والتدريب في مجال الاختصاص نفسه. أي أنه يندرج أيضا ضمن إطار المساهمة في التنمية البشرية المحلية، وهي أيضا محور رئيس للاستراتيجية السعودية التنموية الكبيرة. والحقيقة أن كل مشروع جديد أو يخضع للتطوير، لا بد أن يتضمن هذا الجانب، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى الوصول إلى أعلى معدلات التشغيل الوطني في غضون الأعوام القليلة المقبلة.
مشروع تأسيس وتطوير وتشغيل المجمع العالمي للصناعات البحرية، سيمثل نقلة نوعية أخرى في الحراك العام، وسيدفع المملكة إلى مزيد من التنويع ليس فقط في مصادر الدخل، بل أيضا في فتح ساحات جديدة للتشغيل وتنمية القطاعات المرتبطة بعضها ببعض.