تحركات «أمازون» تثير قلق المستثمرين

تحركات «أمازون» تثير قلق المستثمرين

في الأسابيع الأخيرة، اقترب جيف بيزوس من التأثير في أسواق الأسهم على نحو يحدث عادة مع رؤساء الجمهورية أو رؤساء البنوك المركزية.
تماماً مثلما تستطيع رئيسة الاحتياطي الفيدرالي، جانيت ييلين، إثارة اضطراب السوق مع تغيير بالكاد يكون ملموساً في جملة ما، أو دونالد ترمب عبر تغريدة انفرادية، بإمكان الرئيس التنفيذي لـ"أمازون" إثارة الاضطراب بتلميح بسيط أن شركته التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار لديها صناعة أخرى في مرماها.
ردود الفعل في "وول ستريت" على التهديدات من "أمازون" كانت شرسة، تمت خلالها معاقبة الضحايا المحتملين لمتجر التجزئة على الإنترنت، وتجريدهم من مليارات الدولارات من قيمتهم السوقية. هذه التحوّلات العنيفة هي علامة على الأجواء المحمومة بين المستثمرين، في الوقت الذي يعتركون فيه مع التحدي - فضلاً عن إمكانية تحقيق أرباح - من النمو الهائل للتجارة الإلكترونية.
يقول بيتر لانجرمان، من شركة فرانكلين تمبلتون للاستثمارات: "في الوقت الذي تتوسع فيه "أمازون" يغلب على الناس إطلاق النار أولاً ومن ثم التحليل"، مُضيفاً أنه بالنظر إلى أن تهديد "أمازون" المحتمل "كبير جداً فإن المستثمرين يشعرون بالتوجس". هذا أمر يعرفه لانجرمان مباشرة: صندوق فرانكلين ميتشوال شيرز بقيمة 15.8 مليار دولار الذي يُديره، يحتفظ بحصة تبلغ 200 مليون دولار تقريباً في "كروجر"، سلسلة متاجر السوبر ماركت الأمريكية التي تضررت مما يصفه بأنه "هجوم "أمازون".
في 26 حزيران (يونيو)، بعد يوم من انخفاض أسهم كروجر ما يُقارب 19 في المائة عقب تخفيض توقعاتها للأرباح عام 2017، وجهت "أمازون" ضربة أخرى، حين كشفت عن اتفاق لشراء سلسلة البقالة الراقية "هول فودز" مقابل 13.7 مليار دولار. من خلال مناورة واحدة، وضعت "أمازون" نفسها عميقاً في صناعة البقالة الأمريكية التي يبلغ حجمها تريليون دولار.
استجابة المتداولين لغزو "أمازون" في مجال المواد الغذائية كانت عنيفة. تراجعت "كروجر" 9.2 في المائة، وانخفضت "وولمارت" 4.7 في المائة، وهبط نادي البيع بالجملة "كوستكو" 7.2 في المائة، وتراجع متجر الخصومات "تارجيت" 5.1 في المائة.
طموح "أمازون" ألحق الضرر بقرارات التعويم أيضاً. "بلو أبرون"، شركة تزويد وجبات الطعام، اضطرت إلى تخفيض سعر عملية الاكتتاب العام الأولي وسط شائعات مفادها بأن "أمازون" ستُطلق خدمة منافِسة. وتحققت تلك المخاوف بعد أن قدّمت "أمازون" في وقت لاحق طلباً للحصول على علامة تجارية كان يبدو أنها تُشير إلى ذلك تماماً.
عندما يتعلق الأمر باصطدام متاجر البقالة و"أمازون"، يعتقد كثيرون أن المستثمرين لديهم سبب للقلق.
جوش كامنجز، المحلل في جانوس هندرسون، يعتقد أن أعمال البقالة "التي تتعلق بالتكرار والولاء" ستكون تركيز "أمازون" خلال الأعوام الخمسة المُقبلة في الوقت الذي تحاول فيه "تعزيز قيمة" برنامجها "برايم"، الذي يُقدّم شحنا مجانيا لمدة يومين من بين فوائد أخرى وكان مهماً في إغراء الزبائن.
بحلول أوائل تموز (يوليو)، متجر التجزئة للإلكترونيات "بيست باي" كان الهدف بعد أن سلّط تقرير إخباري الضوء على قرار "أمازون" بدء تقديم استشارات حول "حلول المنزل الذكي" في أجزاء من الولايات المتحدة. هذه بدت مُشابهة بشكل مخيف لخدمة "جيك سكواد" التابعة لمتجر بيست باي، التي تُقدّم خدمات إصلاح أجهزة الكمبيوتر وتركيب الأجهزة الإلكترونية. اهتزت السوق، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسهم بيست باي 6 في المائة.
لكن لم يشعر الجميع بالذعر. تيموثي بيتي، الذي يُدير صندوق آيه آي جي فوكستد ديفايداند ستراتيجي الذي يبلغ حجمه 13.7 مليار دولار ويحتفظ بنحو 600 مليون دولار من أسهم بيست باي، لم يشعر بالقلق. قال إن متجر التجزئة فعل الكثير بالفعل للتكيّف مع تأثير "أمازون"، من خلال تخفيض عدد المنتجات، والتنافس بقوة أكبر على السعر، وتخفيض التكاليف. وأضاف: "نحن سعيدون باستثمارنا في بيست باي. هل أرتعش من الخوف؟ لا".
ويرى بيتي أن نظرة المستثمرين إلى "أمازون" هي "مهما كان الذي ستشارك فيه يجب أن يكون جيداً". لكنها نظرة يُمكن أن تُنتج أيضاً ردود فعل شبه هيستيرية.
لنأخذ الأسبوع الماضي، عندما كشفت "أمازون" عن اتفاق لبدء بيع الأجهزة الاستهلاكية من "سيرز كِنمور". هذه الخطوة أدت إلى إحداث اضطراب في أسهم الشركات المنافسة الكبيرة، بما في ذلك، هوم ديبو، أكبر متجر تجزئة لتحسين المنازل في أمريكا الذي يُعتبر منذ فترة طويلة النقطة المُضيئة وسط ظلام التجزئة.
في إحدى المراحل أثناء جلسة التداول، هوم ديبو، ومتجر التجزئة المنافس لأدوات الإصلاح المنزلي "لاو"، وبيست باي، التي تسوّق أيضاً الأجهزة، خسرت 13 مليار دولار من القيمة السوقية.
ودافعت مجموعة من المحللين عن هوم ديبو. مثلا، بيتر بنيديكيت، من "روبرت دبليو بيرد"، أشار إلى أن تراجع هوم ديبو من حيث القيمة السوقية كان أكبر من الإيرادات السنوية التي ولّدتها من بيع الأجهزة. بعبارة أخرى، ذلك الجزء من "هوم ديبو" شُطب على الفور باعتباره بلا قيمة.
مسؤول تنفيذي في صندوق تحوط كبير يملك حصصاً في الصناعة، كرر الرأي الذي مفاده بأن المستثمرين الآن يحسبون فرص "النجاح شبه المؤكد" لمشاريع "أمازون".
وقال إن حجم ردود فعل أسعار الأسهم يكون أحياناً "عنيفاً"، بما يتناسب مع ما قد يكون عليه الأثر الواقعي على الأرباح على المدى الطويل.
تأكيداً لهذه النقطة، أرباح "أمازون" الربعية الأخيرة التي صدرت يوم الخميس قدّمت تذكيراً بأن بيزوس ليس قادراً على فعل أي شيء. حذّرت الشركة من أنها يمكن أن تُسجّل خسارة تشغيلية تصل إلى 300 مليون دولار في الربع الحالي في الوقت الذي تُكثّف فيه الاستثمار.
مع ذلك يبدو أن المستثمرين راغبون في السماح لبيزوس بإحداث انقلاب في صناعة التجزئة دون تحقيق أرباح منتظمة. يقول لانجرمان حتى لو أن المفعول هو أحيانا مبالغ فيه "إلا أنك لا تستطيع أن تتجاهل "أمازون"، وإلا ستندم".

الأكثر قراءة