«الريت» .. بعد سنة من النظام
منذ سنة مضت تقريبا أعلنت هيئة السوق المالية التعليمات الخاصة بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة "ريت", ثم بدأ طرح أول صندوق في "تداول" بعد أن تمت الموافقة على طرح وحدات الملكية في صندوق الرياض "ريت" من قبل هيئة السوق المالية في تاريخ 08 / 11/ 2016, وتبعتها مجموعة من صناديق "الريت" للطرح, بعضها كان مؤسسا من قبل كصندوق استثمار عقاري إما خاص أو عام, والبعض الآخر تم تأسيسه خصيصا للاستفادة من مميزات "الريت", حيث بلغت إجمالي أصول صناديق الريت 3.65 مليار ريال, وبمتوسط قيمة 522 مليون ريال, وهذا يشمل الصناديق الخمسة المطروحة في "تداول" وكذلك آخر صندوقين تمت الموافقة عليهما سواء الذي انتهى الاكتتاب به أو الذي سيتم الاكتتاب به قريبا, وكذلك كانت نسبة التغطية ممتازة جدا للاكتتابات الأربعة الأخيرة حيث وصلت إلى 1520 في المائة للمعذر "ريت", وأدناها 890 في المائة لتعليم "ريت", وبمتوسط 1172 في المائة وهذا يعني أن الإقبال ممتاز جدا وأن هناك تعطشا كبيرا للأدوات الاستثمارية الجديدة لاسيما المتعلقة بأصل مميز كالعقار وأعتقد خلال السنة المنصرمة وبعد خوض عديد من التجارب من قبل المشرع وكذلك الجمهور لا بد أن هناك كثيرا من الدروس المستفادة سواء لهيئة السوق المالية أو للشركات المالية أو الجهات التي تخدم هذا المجال مثل المقيمين العقاريين وشركات الاستشارات العقارية ومقدمي الخدمات الفنية.
كان التوزيع الجغرافي لصناديق "الريت" أكثر تركيزا في المدن الرئيسة وهي الرياض والدمام الكبرى ومكة المكرمة وجدة, حيث وصلت نسبة العقارت في مدينة الرياض إلى 65 في المائة, وتليها الدمام الكبرى بـ19 في المائة, ثم جدة ومكة بـ8 في المائة لكليهما, وهذا يعطي انطباعا أوليا لمراكز القوى في التداولات العقارية التجارية ومدى وجود الفرص وتركزها في هذه المدن, ولذلك لابد من تشجيع الاستثمارات والصناديق للاتجاه للمدن الأخرى الكبيرة والمتوسطة ومحاولة تنشيط القطاع العقاري التجاري فيها, وإعطاء مميزات معينة لجذب الاستثمارات نحوها, وأعتقد أننا سنشهد مجموعة من الصناديق التي لا يتركز نشاطها على المدن الرئيسة فقط بل على كل المدن التي يوجد فيها فرص واعدة لكن قد تعاني إشكاليات مثل عدم وجود أصول ذات قيمة كبيرة يمكن أن تكون مجدية لتحويلها إلى صندوق "ريت", وكذلك ثقافة المستثمرين الذين تعودوا على العمل الفردي وبعيدا عن العمل المؤسسي ولا يفضلونه, كذلك فإن معدلات الإشغال في العقارات ممتازة حيث إن أغلبها مستأجر بالكامل وأقلها معدل الإشغال فيها قرابة 95 في المائة وهذا كذلك مؤشر جيد والتحدي أن تستمر هذه المعدلات المميزة, والتحدي الأكبر إقناع المستأجرين خاصة من ذوي العقود قصيرة المدى السنوية أن يدفعوا نفس القيمة التأجيرية عند الاستحواذ على هذه العقارات, ولذلك سبق وأن نبهت أن تتأكد هيئة سوق المال ومدير الصندوق أن تقرير المقيم العقاري يحتوي على مؤشرات القيمة التأجيرية السوقية وتوصية بمدى مواءمة قيمة عقود الإيجار مع أوضاع السوق المحيطة, وكذلك لابد أن يذكر في تقرير التقييم صراحة أن غرض تقييم العقار هو طرحه في صندوق "ريت", ومن الملاحظات المهمة كذلك أن أغلب الصناديق المطروحة حاليا ذات عوائد مقبولة وبعضها جيد جدا, وتراوح العوائد المتوقعة قبل الرسوم والمصاريف الأخرى من 6.8 في المائة وحتى 8.5 في المائة من قيمة الأصول, بل إن في المدن المعروف تدني العوائد فيها مقابل القيمة مثل مكة والمدينة نجد أن هناك عوائد تصل إلى 7 في المائة وهذا ممتاز مقارنة بالاستثمار المباشر والملكية الخاصة في تلكم المدن, ويقدر المتوسط الموزون للعوائد وفقا لحجم كل صندوق بـ7.78 في المائة عند الاكتتاب بالطبع, ولذلك أعتقد أن هذه العوائد الجيدة لابد أن تغير قواعد الاستحواذ على العقارات التجارية وإعادة النظر في صافي العوائد التشغيلية لمن يريد التملك حاليا بشكل مباشر وتحمل عناء الإدارة والتشغيل للعقار وكذلك مخاطر الشاغر والتعثر في السداد مع المستأجرين, كما تراوحت رسوم الإدارة من قبل مديري الصناديق من 0.5 في المائة وحتى 1.2 في المائة, والمعدلات العالية التي تصل إلى 1 في المائة أو أكثر مستغربة في هذا النوع من الصناديق التي لا تحتاج إلى متابعة دقيقة دورية وغالبا يكون دور مدير الصندوق عبارة عن التنسيق والتأكد من أن كل طرف يقوم بعمله بالشكل الصحيح وأن التوزيعات تتم بشكل منتظم وغيرها من المهام التي لا تستدعي أعمالا تنفيذية يومية أو أسبوعية, خاصة مع حجم الصناديق الكبيرة التي رأت هيئة السوق المالية ألا تقل عن 500 مليون كحد أدنى, تعتبر هذه النسبة كبيرة وذات تأثير مباشر في عوائد المستثمرين وأعتقد أن المنافسة مستقبلا بين الشركات المالية هو إعادة النظر في هذه الرسوم ومحاولة تخفيضها لاستقطاب الملاك والمستثمرين.
الخلاصة, يتضح أن سوق "الريت" واعدة وهناك توسع قادم فيها وخلال الفترة الماضية بدأت الهيئة مشكورة بإجراء بعض التعديلات وننتظر مزيدا منهم, وذلك على مستوى إجراءات الطرح وكذلك حجمها حتى تتوافق مع استراتيجية وجود هذا النوع من الصناديق وأن تكون مستقرة وذات عوائد جيدة وجاذبة لادخار صغار المستثمرين.