الخدمات الصحية .. كثافة الإنتاج وسوء التوزيع

طبيبة سعودية متميزة علما وخلقا تخرجت في برنامج البورد السعودي للأمراض الجلدية ولم تجد وظيفة بسهولة.
السبب باختصار أننا بحاجة إلى استراتيجيات واضحة للدراسة والوظيفة.
نحن مقبلون على مشكلة أرجو أن يوجد لها حل سريعا: وهي "تكدس" التخصصات النادرة من الشهادات العليا والعائدين من أمريكا وأوروبا دون أن يجدوا وظائف مناسبة لتخصصاتهم الدقيقة.
وبدأنا نسمع تضجر بعض العائدين من البعثات أنهم لا يزاولون تخصصهم نفسه الذي أنفقت الدولة عليه الكثير والبعض لا يجد وظيفة ويكون عاطلا لعدة أشهر بعد عودته من البعثة متأبطا أعلى الشهادات فيصاب بصدمة نفسية اجتماعية كبيرة ويكون حبيس "ملحق" المنزل يمضي الليالي والأيام يبحث عن وظيفة.
هذه المشكلة ومع الأسف انتقلت إلى معشر الأطباء فمن سبع كليات طب إلى ما يفوق 30 كلية طب - ولله الحمد - وهي مخرجات كليات الطب وطب الأسنان بدأت تزداد على حاجة المدن الكبرى وأيضا مخرجات برامج التخصصات الطبية "الزمالة السعودية" رغم قلة العدد إلا أن المدن الكبرى بدأت تتشبع بالاستشاريين مع الأسف.
لو سرت من الرياض إلى الطائف ما يقارب 800 كيلو متر قد لا تجد استشاريا سعوديا واحدا وتواجهك خدمات صحية جدا ضعيفة. في الوقت نفسه أعرف مستشفى حكوميا في الرياض عنده أكثر من عشرة أطباء جلد.
الحل هو أن توضع لجنة من عدة قطاعات "الصحة، الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، المالية، العمل..."، وتعمل هذه اللجنة على تقنين عدد المقبولين بحسب توافر الوظائف وتشجيع الأطباء "بشكل مغر" للعمل في المناطق خارج المدن الكبرى ويكون لهذه المناطق نطاق بحسب مساحة المنطقة وليكن A للمنطقة الأكبر C للأصغر وتكون حوافز C أكبر.
وأعرف أنه توجد حوافز للمدن النائية لكن لا بد من إعادة دراسة تلك الحوافز غير المغرية ولا بد أن تكون مغرية أو ملزمة مثل بعض الدول المجاورة أصبح الطب مثل العسكرية يلزم الطبيب بقضاء مدة من الزمن في المدن الصغيرة وهذا سوف يعود بالفائدة للطبيب والمدينة الصغيرة.
يجب أن تتغير الاستراتيجيات باختلاف الزمان والمكان. أصبحت مدينة الرياض متكدسة صحيا لكثرة المستشفيات والأجهزة الطبية والأطباء وكل هذا خير ولكن كثافة في الإمكانات وسوء في التوزيع.
ولو تعلمون أن مدنا كبيرة في كندا لا يوجد فيها إلا عدة أجهزة أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي ولا أدعي أني أعرف عددها في الرياض لكن أجزم أنها بالعشرات فلو تم توزيع مثل هذه الأجهزة على مدن المملكة لوفرنا وقت المريض وانتعشت المدن الصغرى صحيا؛ وهذا مثال واحد وأنا على يقين بأن هذا المثال ممكن تطبيقه على كل الخدمات الصحية من منشآت وأجهزة وأطباء.
أعرف مدى جهود وقدرات وزيرنا المحبوب وزير الصحة وأعرف أن مثل هذا الموضوع هو تحت الدراسة.
طلبي هو أن يكون لهذا الموضوع أولوية في الطرح.
كلي فخر بما وصلت إليه بلادنا من خدمات صحية لا تضاهيها أي دولة عربية. كل الذي نحتاج إليه هو الاهتمام بالمدن الصغرى صحيا.

استشاري الأمراض الجلدية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي