عذرا طبيبي .. لا أثق فيك
ثقة المريض بالطبيب يصعب وصفها لأنها هي أساس التعاون. قبل أسبوع زارتني امرأة كبيرة في السن مع ابنها وكان عندها في الخد الأيسر ورم كبير بعد أخذ العينة اتضح أنه سرطان. وفي الزيارة القادمة أتاني ابنها وطلب مني عدم إخبارها بأنه سرطان وأصررت عليه أنها لا بد أن تعرف ويصعب علي أن أكذب عليها إذا سألتني وكان تبريره أن شخصية أمه قلقة ولو عرفت بذلك قد تصاب بالاكتئاب. حاولت أن أقنعه أن الأفضل هو المصداقية مع المريض إلا أنه أصر علي ألا أخبرها. فاحترمت الخصوصية العائلية لكني أحسست بالتقصير تجاه مريضتي.
أليس من الأفضل لكبير السن إذا أصيب بمرض خطير أن يخبر بذلك لأنه من الأنسب له أن يرتب أموره المالية قبل وفاته وأن يستعد أكثر للقاء ربه.
أما الرأي الآخر فأحترمه لكن صدقوني لو سألت هذا الابن هل ترضى أن يخفي عليك طبيبك مرضك؟ مؤكدا سوف يقول لا... أريد أن أعرف كل تفاصيل حالتي الصحية.
المشكلة من كثرة ما يطلب المجتمع من الأطباء عدم إخبار ذويهم بالتشخيص نجد أن شريحة كبيرة من المجتمع أصبح لا يثق بالطبيب وأحيانا يطلب مني مرضاي أن أحلف لهم بالله أن ما أقوله صحيح وبالأمس سألت أ.د. جمال الجار الله أستاذ طب الأسرة في جامعة الملك سعود ورئيس اللجنة التي كتبت كتاب أخلاقيات الممارس الصحي وكان رأيه أن من حق المريض أن يعرف تشخيص مرضه وليس للأهل الحق في إخفاء التشخيص لأنه عاقل وله الحق بقبول ورفض أي علاج له.
وتخيل أن هذا كبير السن لا بد أن يخضع لعلاج كيماوي أو شعاعي أليس له الحق في رفض وقبول مثل هذه العلاجات.
فأعتقد يجب ألا نكون عاطفيين في مثل هذا الموضوع لأنه لا بد من النظر في جميع الجوانب.
وقد أوافق على حالات نادرة من الأفضل عدم إخبار المريض إذا كان عنده حالة نفسية تجعله في حالة ذهنية لا يستطيع اتخاذ قرار سليم لعلاجه أو أي حالات نادرة يكون الأهل عندهم يقين في ضرر إخبار كبير السن بتشخيصه الحقيقي إما أن يكون كقاعدة عامة هو ألا يخبر كبير السن بمرضه الحقيقي فأعتقد أن هذا فيه ضرر على المريض خاصة عند طلب موافقته على العلاج، تقدم معرفته بالتشخيص الحقيقي قد يغير في مدى مرضه وموافقته على العلاج وسينشر ثقافة عدم الثقة بين الطبيب والمريض.
أعتذر عن طرح مثل هذا الموضوع الحساس لكن كثرة الممارسات الخاطئة عند البعض ويريد أن يأخذ الطريق الأسهل لكنه قد يكون الأصعب والأكثر حظا للمريض.
أتمنى أن نكون صادقين مع مرضانا وإن كبر سنهم فإنهم أكثر إيمانا وحكمة منا فلا نقلل من قدرات وإيمان آبائنا وأجدادنا فمنهم استمددنا القوة والصبر وغيرها من مكارم الأخلاق.
أسأل الله أن يشفي مرضانا ومرضاكم..