الخرازة .. فن التعامل مع الجلود
في الوقت الذي يحاول فيه البعض التنصل من ماضيه، عاده من التراث الذي عفى عليه الزمن، هناك من يتمسك بهذا التراث ويرى فيه التاريخ والأصالة والانتماء، وفي القلب من هؤلاء أصحاب الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي عجت بهم جنبات مهرجان الجنادرية هذا العام، مثل صناعة الخناجر، النجارة، الخرازة، والحدادة، وغيرها من الحرف.
ولا تزال الخرازة على قدمها حرفة منتشرة حتى يومنا الحاضر، والخراز هو الذي يتعامل مع الجلود بأدوات بسيطة كالمقصات والسكاكين والمخاريز والمجاذيب، ويصنع عددا من المنتجات كالنعال والقرب والصملان الخاصة باللبن وعكاك الدهن وخباء البنادق والمحازم والغروب، وتعد الجلود هي المادة الأولية للخراز، ويتم جلبها من مناطق مختلفة.
عند دخولك منطقة الحرفيين في مقر مدينة نجران تجد محلا صغيرا للخرازة، يستقبلك صاحبه محمد بن سالم ذو الـ60 عاما وقد كساه الشيب وبان عليه كدح السنين، بابتسامته المنيرة ووجهه البشوش، بالترحيب كعادة أهل نجران الكرام.
وقال لـ "الاقتصادية" محمد بن سالم، عملت في هذه الحرفة (الخرازة) منذ نعومة أظافري وأنا بعمر 14 عاما، وها أنا قد شارف عمري على الـ60 وما زلت أعمل فيها، مؤكدا أن هذه الحرفة كانت من الحرف المهمة التي تجلب المال قديما، حيث كان لا يستغني أهل البادية والحاضرة عن الخراز ومصنوعاته.
وأضاف أصنع من الجلد عدة أنواع من المنتجات، منها الزمالة التي توضع على جانبي الجمل، وتستخدم لوضع الأغراض فيه أثناء تنقلات الناس وسفرهم، وهي أشبه بالخرج، وكذلك أصنع "الميزب" وهو السرير الذي يحمل فيه الطفل أثناء التنقل، و"الغروب" التي كانت تستخدم لجلب الماء من الآبار وأخبية البنادق، إضافة إلى الصملان وهي القرب الخاصة بخض اللبن وحفضه، قرب الماء، (العكة) المخصصة لحفظ الدهن والسمن وأهل البادية غالبا ما يصنعونها من جلد الضب، والمحافظ "الأبواك" وغيرها.