«جنرال إلكتريك» تجاهد لاستعادة ثقة المستثمرين

«جنرال إلكتريك» تجاهد لاستعادة ثقة المستثمرين

في التقرير السنوي الذي أصدرته شركة جنرال إلكتريك في شباط (فبراير) الماضي، خاطب الرئيس التنفيذي جون فلانيري المستثمرين قائلا: أريد "تكريس عام 2018 لكسب ثقتكم مرة أخرى وتحقيق النتائج لكم". تلك كانت كلمات منتقاة بعناية. مهمته لم تكن تتضمن تحسين الأحوال في أداء الشركة الكئيب فحسب، بل منح المستثمرين الثقة بأن التحسن حقيقي، أيضا.
الأشهر التسعة الأولى التي قضاها فلانيري في منصبه رئيسا تنفيذيا للشركة منذ توليه المهام من جيف إميلت في آب (أغسطس) من العام الماضي، كان يطغى عليها وابل من الأخبار السيئة، بما في ذلك خفض في أرباح الأسهم، ومدفوعات بقيمة 15 مليار دولار لازمة للوفاء بالمطلوبات المالية بسبب قسم التأمين المهمل منذ فترة طويلة، وتراجع حاد في الطلب على توربينات الغاز لتوليد الكهرباء.
الجمعة الماضية، نشرت شركة جنرال إلكتريك أرباحا معدلة عن عامي 2016 و2017، وهي إعادة صياغة بهدف إدراج معايير محاسبية أمريكية جديدة للاعتراف بالإيرادات المتأتية من عقود طويلة الأجل، والتي سلطت الضوء على حجم التحديات التي يواجهها. أرباح الربع الأول من عام 2018 التي ستنشر لاحقا، ستوضح مدى التقدم الذي تحرزه.
على الرغم من أن شركة جنرال إلكتريك تخضع حاليا لتحقيق من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات حول ممارساتها من حيث الاعتراف بالإيرادات، إلا أن إعادة صياغة أرباح السنوات الماضية هي أمر عادي.
يتعين على كل شركة أمريكية أن تعتمد المعيار المحاسبي الجديد، الذي يعرف باسم إيه إس سي 606، وقد اختارت عدة شركات بما فيها بوينج وجنرال دايناميكس تعديل الأرباح السابقة.
المعيار الجديد يؤثر في محاسبة الأرباح والإيرادات، وليس على حركات النقدية أو الاقتصاديات الأساسية للعقود، بحسب ما قالت شركة جنرال إلكتريك.
إعادة صياغة الأرباح تؤثر بالتأكيد في كيفية عرض أداء الشركة أمام المستثمرين. بموجب المعيار الجديد، تبدو تقارير الأرباح القاتمة للشركة عن العام الماضي أسوأ حتى مما كانت تبدو عليه في السابق.
كانت عمليات التنقيح الناجمة عن المعيار الجديد (إيه إس سي 606) أكبر بكثير بالنسبة لشركة جنرال إلكتريك مما هي لدى بعض أقرانها. عدلت شركة بوينج أرباح عملياتها التشغيلية عن عام 2017 التي بلغت 10.3 مليار دولار، بأن رفعتها بمقدار 66 مليون دولار.
وخفضت شركة لوكهيد مارتن مبلغ ثمانية ملايين دولار من أرباحها التشغيلية التي أبلغت عنها سابقا، التي بلغت 5.12 مليار دولار. وقالت شركة التكنولوجيات المتحدة في شباط (فبراير) الماضي، إنها توقعت أن يكون للمعيار الجديد "تأثير قليل" في صافي الدخل لهذا العام.
بالنسبة لشركة مايكروسوفت، عدلت الشركة الدخل التشغيلي المعلن لعامي 2016 و2017 إلى الأعلى، من 22.3 مليار دولار إلى 29 مليار دولار.
في المقابل، بالنسبة لشركة جنرال إلكتريك كان المعيار الجديد يعني تعديل أرباح 2017 المتأتية من العمليات التشغيلية الصناعية إلى الأدنى بنسبة 17 في المائة، من 14.7 مليار دولار إلى 12.2 مليار دولار، ومعظمها بسبب تغير وجهة النظر حول العقود طويلة الأجل لصيانة المعدات مثل المحركات الهوائية والتوربينات الخاصة بمصانع الطاقة.
كما ورد سابقا، انخفضت تلك الأرباح بنسبة 16 في المائة عن عام 2016. أما بموجب المعيار الجديد، انخفضت بنسبة 23 في المائة.
كما تبدو المساهمات المقدمة من أقسام الشركة مختلفة أيضا. كما ورد سابقا، ارتفعت أرباح قسم الطاقة المتجددة التابع لشركة جنرال إلكتريك، الذي يصنع توربينات الرياح، بنسبة 26 في المائة لتصل إلى 727 مليون دولار.
بموجب المعيار الجديد، انخفضت تلك الأرباح بنسبة 8 في المائة لتصل إلى 583 مليون دولار. كما أن قسم معدات الطائرات، الذي أبلغ سابقا أنه أسهم بنسبة 44 في المائة من الأرباح التشغيلية الصناعية في العام الماضي، حقق زيادة في الأرباح نسبتها 8 في المائة. وبحسب الصياغة الجديدة تم تخفيض تلك النسبة إلى 1 في المائة.
قال ستيفن توسا، محلل لدى بنك جيه بي مورجان: "أوصى بأن يقلل المستثمرون من أسهم شركة جنرال إلكتريك في محافظهم" مذكرا بأن تأثير المعايير المحاسبية الجديدة كان يتمثل في "كشف حقيقة الاقتصاديات الفعلية" لعقود شركة جنرال إلكتريك، "والتي من الواضح أن الإدارة تستخدم لأجلها جميع السبل المتاحة لتسجيل نسبة الإيرادات إلى الحصة السوقية".
يتفق المحاسبون على أنه في إطار المعايير القديمة، كان هنالك مجال أمام الشركات لاستخدام سلطتها التقديرية في الإبلاغ عن الإيرادات. أوضحت شركة جنرال إلكتريك في تقريرها الصادر الأسبوع الماضي أنه من بين التغييرات الأخرى، يقدم معيار إيه إس سي 606 "إرشادات أكثر إلزاما" في محاسبة اتفاقيات الخدمة طويلة الأجل.
روبرت ويلينس، محلل محاسبة وأستاذ في كلية إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا، قال إن القيود المفروضة بموجب المعيار الجديد يمكن أن يكون لها "تأثير محبط على وتيرة الإبلاغ عن الإيرادات والأرباح".
اتخاذ موقف أكثر حذرا من قبل شركة جنرال إلكتريك حول موعد تسجيل الإيرادات والأرباح ينبغي أن يكون أمرا مرحبا به من قبل المستثمرين، بحسب ما قال جاك سايزيلسكي من هيئة خدمات البحوث المحاسبية، لأن المعيار المحاسبي الجديد "فرصة عظيمة" لذلك.
كما قال أيضا: "إن كانوا يريدون زيادة الكفاءة والفاعلية، ولديهم موثوقية أكبر في أهداف الأرباح والإيرادات لديهم، حينها يجدر بك أن تشجعهم على ذلك".
ثمة جانب إيجابي آخر لإعادة صياغة الأرباح وهو أن تسجيل إيرادات أقل في الدفاتر عن السنوات السابقة ينبغي أن يعني تسجيل المزيد في المستقبل، بحسب ما قال بول تشيني، أستاذ المحاسبة في جامعة فاندربيلت.
بالنسبة للوقت الحاضر، من المحتمل أن يواصل المستثمرون مراقبة الوضع النقدي لشركة جنرال إلكتريك بشكل وثيق على الأقل، مثل مراقبة أرباحها المحاسبية.
كتب المحللون العاملون لدى وكالة موديز الأسبوع الماضي أنه نظرا للحركات النقدية "المتواضعة جدا" لدى شركة جنرال إلكتريك، "نعتبر من المهم بصورة متزايدة أن يتم استخدام العائدات المتأتية من مبيعات الأقسام في تقليص الديون أو العجز في المعاشات التقاعدية".
فرض اعتماد شركة جنرال إلكتريك على الاقتراض قصير الأجل في سوق الأوراق التجارية "خطرا ماديا"، بحسب ما أضافت وكالة التقييم الائتماني. كما عانت كل من أقسام النقل والغاز والنفط والطاقة، والتي تستأثر جميعا بنحو 50 في المائة من الإيرادات، من تدهور في الأداء المالي.
إذا عمل المعيار المحاسبي الجديد على ربط الأرباح والإيرادات المعلنة بشكل وثيق أكثر مع المدفوعات النقدية، كما تتوقع شركة جنرال إلكتريك، فإن ذلك ينبغي أن يعمل على الأقل على تحسين عرض أرباحها.
حتى يستعيد فلانيري ثقة المستثمرين بالطريقة التي يريدها، فسوف يتعين عليه إحداث تأثير كبير في علاج المشاكل الكامنة التي كشفها المعيار الجديد.

الأكثر قراءة