شركة الغاز .. غياب التطوير
كلما شاهدت شخصا يحمل أسطوانة الغاز الحديدية، تذكرت هذا العمر الطويل لشركة الغاز الأهلية، التي مضى على تأسيسها 55 عاما دون أن تقدم فكرة تطويرية واحدة لتسويق منتجاتها بطريقة أكثر تنظيما وراحة للمستهلك.
ورغم كل الأفكار التطويرية التي تقدمها شركات الغاز في العالم، إلا أن شركة الغاز لا تزال تصر على تقديم المنتج نفسه بتلك الطريقة البدائية، غير مهتمة أبدا بانطباعات العملاء ولا تذمرهم من تردي خدمات الشركة، ولا أعرف المبررات التي تجعل شركة الغاز لا تهتم بأي تطوير لمنتجاتها، هل هو الاحتكار الذي جعل الشركة تضمن الربح بكل سهولة؟ أم غياب الكفاءات التي تستطيع قيادة التغيير والتطوير في مختلف عمليات الشركة؟
أذكر أنه في مطلع عام 2015 مرت الشركة بتغييرات إدارية، وتم استقطاب قيادات جديدة نتيجة إخفاقها في توفير الغاز لبعض المدن ووجود قصور في أدائها آنذاك، وقرأنا وقتها كثيرا من وعود التطوير، لكن شيئا لم يحدث على أرض الواقع، وبقيت الشركة أسيرة لمنتجها البدائي المثير للتذمر.
الشركة بهذا الاحتكار المقيت، لم تطور خدماتها، ولم تترك الفرصة للآخرين ليقدموا لنا ما لم تقدمه الشركة عبر مسيرتها الطويلة.
ولو نظرنا لبعض خدمات الشركات المنافسة في العالم، لوجدنا كثيرا من الأفكار الإبداعية التي تجعل من وصول منتج الغاز لعملائها أمرا سهلا ومبتكرا، ولم يعد هناك حاجة للأسطوانات الحديدية القديمة جدا، فهناك مثلا "أسطوانات" شبه بلاستيكية ذات أحجام متنوعة سهلة الاستخدام وخفيفة الوزن، ومطابقة لمواصفات السلامة، ولا أعلم لماذا ترفض الشركة استخدام مثل هذا النوع من الأسطوانات؟
في بعض الدول، هناك محطات للغاز شبيهة بمحطات البنزين، تستطيع التعبئة منها بشكل إلكتروني في أي وقت دون انتظار لمواعيد موردي الغاز، وبعض الشركات لديها موزعون معتمدون للتعامل مع توصيل الغاز، وفق مواعيد مجدولة وقسائم شراء بطرق تقنية مبتكرة بإمكانك تحديد الكمية المناسبة لك من الغاز والشركة تتكفل بالتعبئة. وأفكار أخرى كثيرة ومتنوعة ترسخ أن التنافسية تصنع مزيدا من الإبداع لكسب رضا المستهلك، وهو مبدأ يبدو أنه مازال غائبا عن استراتيجيات شركة الغاز التي تدير معظم العمليات، من تخزين، وتوزيع، وتسويق. وأظن هذا لم يعد مناسبا في بلد بحجم المملكة، ولابد للشركة من تطوير عملياتها وتتيح للمؤسسات الأخرى المشاركة في إدارة جزء منها بهدف التحسين.
وإذا كنا سنتعايش مع هذا الاحتكار بما فيه من مساوئ خلال السنوات المقبلة، فأتمنى فعلا من شركة الغاز أن تتغلب على نفسها وتولي عمليات التطوير وكسب رضا العملاء أولوية قصوى في مهامها المستقبلية، فالمؤسسات التي لا تتطور تموت.