مصالح المملكة في القطب المتجمد الشمالي
يذوب الجليد في القطب المتجمد الشمالي بشكل متسارع، ويبحث كل من صانعي السياسات والعسكريين والعلماء في مجال البيئة والاتصال والعلوم الاستراتيجية، سيناريوهات المستقبل حول التنافس حول تلك المنطقة المهمة والمؤثرة في العالم.
يتأثر كل من الملاحة، والمياه العذبة، والاتصالات، والتجارة، والنفوذ العسكري في هذه المنطقة ويتنافس كل من روسيا والولايات المتحدة، والنرويج، والسويد وفنلندا.
يتنافس كل من حلف الناتو والجانب الروسي كذلك في تموضع بعض معداته العسكرية من تمركزات، أو سفن أو غواصات، من أجل تحقيق النفوذ في تلك المناطق وحمايتها.
وعلى الرغم من المخاوف التي تبرزها الدول الأوروبية من روسيا وكون روسيا بما تملكه من أسلحة نووية تحاول استخدام ذلك السلاح من خلال تعظيم وجود وامتلاك تلك الأسلحة من أجل الوصول إلى نفوذ وأهداف سياسية ومن ثم تلغي حالة السبات التي عانتها الأسلحة الروسية النووية، وتعزز من القوة الروسية التقليدية والعمليات التي قامت بها أخيرا في أوكرانيا وتسببت في ردة فعل أوروبية سلبية ونشرت الرعب والتوجس من روسيا ودورها في أوروبا والعالم.
تاريخيا بدأت الخطوة الأولى نحو تشكيل المجلس في عام 1991 عندما وقعت ثمانية بلدان في منطقة القطب الشمالي استراتيجية القطب الشمالي لحماية البيئة أنشأ إعلان أوتاوا لعام 1996 مجلس المنطقة القطبية الشمالية رسميا كمنتدى حكومي دولي رفيع المستوى لتوفير وسيلة لتعزيز التعاون والتنسيق والتفاعل بين دول القطب الشمالي، بمشاركة المجتمعات المحلية للسكان الأصليين في القطب الشمالي وسكان القطب الشمالي الآخرين بشأن قضايا المنطقة القطبية المشتركة، قضايا محددة للتنمية المستدامة وحماية البيئة في القطب الشمالي. وحدد إعلان أوتاوا ثمانية أعضاء في مجلس القطب الشمالي: كندا وروسيا والنرويج والدنمارك وآيسلندا والولايات المتحدة والسويد وفنلندا.
ينعقد مجلس القطب الشمالي كل ستة أشهر تقريبا في دولة الرئيس المضيف لاجتماع كبار المسؤولين في المنطقة، أهم ممثلين رفيعي المستوى لكل من الدول الثماني الأعضاء ـــ في بعض الأحيان السفراء، وكثيرا ما يكونون فقط مسؤولين كبارا في وزارة الخارجية الموكلين بالتنسيق على مستوى الموظفين. ممثلو المشاركين الدائمين الستة والمراقبون الرسميون أيضا في الحضور.
في نهاية الدورة التي تستغرق عامين، يستضيف الرئيس اجتماعا على المستوى الوزاري، يتوج عمل المجلس لتلك الفترة. ويمثل معظم الدول الثماني الأعضاء وزير من وزارة الشؤون الخارجية والشؤون الشمالية أو وزارة البيئة.
تم الإعلان عن "إعلان" رسمي، غير ملزم، سمي باسم المدينة التي يعقد فيها الاجتماع الوزاري، الذي يختصر عموما الإنجازات السابقة والعمل المستقبلي للمجلس. تغطي هذه الإعلانات المجالات الرئيسة التي يهتم بها المجلس، بما في ذلك تغير المناخ، والتنمية المستدامة، ورصد وتقييم القطب الشمالي، والملوثات العضوية الثابتة، والملوثات الأخرى في القطب الشمالي، وعمل مجموعات العمل الخمس التابعة للمجلس .. تم عقد الاجتماع الوزاري الأخير في 11 أيار (مايو) 2017 في ألاسكا، الولايات المتحدة.
أبدت الصين رغبة قوية في الوجود في هذا المجلس، وقد كانت روسيا تعارض ذلك ولكن أخيرا قامت بالتدخل في ذلك وفي إحياء بعض المشاريع المشتركة للدول ذات العلاقة.
للوهلة الأولى تبدو الإجابة عن السؤال: هل يجب أن تقلق المملكة من هذا التغير؟
إن النظر للوهلة الأولى لتلك المنطقة البعيدة جغرافيا، وتلك الدول التي لا تجمع المملكة بها مصالح مباشرة، ولذا قد لا تكون مهمة أن تهتم بذلك الحدث وكل المنطقة.
ولكن التأمل في ثنايا ذلك التغير المناخي الجيولوجي وتبعاته السياسية والاقتصادية والعسكرية. ومقدار التدخل الدولي، وتأثيره بعد ذلك في ملاحة النفط وملاحة البضائع، علاوة على كون المنطقة عالما جديدا للاستكشاف النفطي والثروات المختلفة ومن ضمنها المياه العذبة.
فإن للمملكة مصالح مستقبلية مهمة، ينبغي أن تحدد بعض السياسات والطرق لتكون دولة مراقبة في تلك المنطقة المهمة، كون المملكة دولة مهمة تؤثر في الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن التغيرات في تلك المنطقة، قد تؤثر في مصالح المملكة، ولذا فإن قرب المملكة مما قد يحدث في تلك المنطقة، سيتيح إمكانية تغيير ومرونة للسياسات الملاحية أو الاقتصادية وحتى المناخية والبيئية من أجل مصلحة الوطن.
وبالله التوفيق.