السياسة الناجحة في التفاوض على العقود «2»
استكمالا لما كتبته في الأسبوع الماضي؛ أود الإشارة إلى بعض النقاط المهمة في مرحلة التفاوض في العقود التجارية.
كنت قد تحدثت عن الضرر الكبير الذي قد يسببه ضعف كفاءة الأشخاص الذين يتولون علمية التفاوض، ما قد يتسبب في فشل التفاوض، وبالتالي ذهاب فرصة جيدة، إضافة إلى ضياع الوقت والجهد المصروف، ما يؤخر النجاح والربح.
في هذا السياق، من أهم النقاط في هذه المرحلة؛ أن يكون المفوّضون بالتفاوض مشكلين بالتوازي في تخصصاتهم، حيث يجب أن يشارك في التفاوض أهم أركان المؤسسة الذين سيتحملون أعباء هذا العقد، حيث يجب أن يشارك المستشار القانوني كجزء أساسٍ في العملية والصياغة للتفاوض، إضافة إلى اختيار القوالب القانونية المناسبة لطبيعة العقد والاتفاق، كما أن مشاركة المدير المالي مهمة جدا أيضا، حيث من خلاله يتم التأكد من التكلفة وهامش الربح أو الخسارة وهكذا، إضافة إلى الطرف ذي العلاقة من المؤسسة، فإن كان العقد فيه تصنيع، فتجب مشاركة المختصين والمهندسين بإدارة التصنيع في المؤسسة، وكذلك الإدارة التي ستقوم بتسويق المنتج والتحقق من مدى أهمية المنتج وخلافه في السوق وهكذا. كل هؤلاء وربما غيرهم حسب طبيعة العقد يجب أن يشاركوا في عملية التفاوض بشكل تكاملي، كون كل طرف منهم هو من سيتحمل مسؤولية الشق الخاص به، ولا يمكن أن تكون الرؤية متكاملة أثناء التفاوض ما لم تكن جميع عناصر استيعاب العقد وتغطيته لاحتياجهم موجودة.
أمر آخر أود تأكيده؛ وهو أن التفاوض يجب أن يؤسس على قاعدة الثقة والفائدة للكل دون إجحاف بأي طرف دون الآخر، وهذا أمر من أهم أخلاقيات التجارة، كون جميع الأطراف تبحث عن الفائدة، وفي حال اختلال هذه القاعدة؛ فإنه في النهاية سيكون نوعا من الغش أو الخسارة للطرف الآخر. نعم كل طرف يبحث عن الحد الأعلى للفائدة، لكن ليس بالإضرار بالطرف الثاني وهضم حقوقه، ولذلك فإن من أهم القواعد في صياغة العقد أن تكون الحقوق متساوية إلا في حالات الاستثناء، فمثلا يجب أن تكون صياغة العقد بأن المسؤولية متساوية، بمعنى أن كل طرف مسؤول فيما يخصه من أداء العقد، وليس بإلقاء المسؤولية على طرف دون الآخر بسبب قوة الأول مثلا، وهكذا.
الخلاصة؛ أن مرحلة التفاوض في صياغة العقود مرحلة مهمة جدا، ويجب الاعتناء بها وعدم التردد في البحث عن مختص يساعد في تقديم العون والاستشارة إن استلزم الأمر، كونها تساعد كثيرا على تقليل المخاطرة مستقبلا وزيادة الربح، بإذن الله.