أهم ضمانات استمرار ونمو الشركات العائلية
للشركات العائلية في الاقتصاد السعودي أهمية كبيرة جدا لكونه اقتصادا ناشئا، كما أن كثيرا من الشركات، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، غالبا ما تكون غير مرتبة قانونيا ومحاسبيا بشكل جيد، وبالتالي فإن كثيرا من تلك الشركات تنتهي بفعل الخلافات وتنازع الصلاحيات بين الشركاء أو الورثة غالبا، ولذلك اهتمت وزارة التجارة بهذا الأمر كثيرا سأذكر بعضا من ذلك.
السؤال هل يوجد حل يقضي على هذه الخلافات أو على الأقل يحد منها؟ الجواب بالتأكيد نعم، فأغلب الشركات الدولية العملاقة اليوم بدأت بتأسيس أفراد، ولكن ما يميزها أنها تحولت من الشكل الفردي إلى الشكل المؤسسي الحديث، ما ساعدها على تخطي كثير من العقبات والتركيز على الإنتاج ورفع الجودة والتنافسية لديها. البعض يظن أن هذا الأمر مكلف، ولكن الحقيقة أنه ليس كذلك، بل يمكن، خصوصا في الشركات الصغيرة أن يدرسه الفرد بنفسه ويطور نموذجا جيدا لحوكمة الشركة وإقرار سياسات مالية وإدارية جيدة، وقد اهتمت وزارة التجارة بهذا الأمر كثيرا وقامت بنشر نموذج استرشادي لحوكمة الشركات العائلية يمكن الاستفادة منه، خصوصا في الشركات الصغيرة، كما قامت بنشر ميثاق استرشادي للشركات العائلية يمكن لتلك الشركات إقراره ليصبح من ضمن وثائق الشركة التي تسهم في استقرارها ونموها.
من أهم ما يرتكز عليه نجاح الشركات هو قوة البنية القانونية الداخلية، أو لنعبر عنه بقوة هيكلة وحوكمة الشركة داخليا، حتى على صعيد المؤسسات الشخصية، فإن وضع سياسات حوكمة في غاية الأهمية، وتساعد بقوة على الحد من الفساد الداخلي، وعلى توزيع الصلاحيات والمسؤوليات داخل المنشأة، يساعد على تركيزها ومن ثم تنمو المسؤولية والخبرة بشكل أفضل وأكثر مهنية. سبق أن استعرضت أهم جوانب الحوكمة داخل المنشأة، التي تزيد من قوتها ومتانتها الداخلية، وأود استعراض أهمها باختصار للفائدة؛ فمن بين أهم فوائد الحوكمة الحديثة أنها توزع المهام داخل المنشأة، وتضع آليات للعمل الداخلي، وبالتالي فإن أي تعد على تلك الآليات يجعل من مسؤول الحوكمة يتوقف ويحاسب، هذا المسؤول قد يكون بشكل لجنة المراجعة في مجلس الإدارة، أو إدارة للمراجعة الداخلية، أو مسؤول الحوكمة Governance Officer.
على سبيل المثال؛ فإن مسؤولا كبيرا في المنشأة لا يستطيع أن يقوم بدفع مبلغ مالي لم يستكمل فيه اشتراطات الحوكمة؛ كون سياسات الحوكمة تضع اشتراطات تحول دون تصرف ممكن أن يكون ضد مصلحة الشركة، كما أن من السياسات الجيدة أن تكون سياسات الإنفاق داخل المنشأة مقننة، فالمبالغ وصلاحيات صرفها يجب أن تكون مرتبة، حسب قيمة المبلغ وصلاحيات الشخص، أحيانا يشترط توقيع عدة أشخاص داخل المنشأة وإذا زادت تلك المبالغ يشترط توقيع رئيس مجلس الإدارة مثلا.
أمر آخر مهم، وهو محاربة تنازع المصالح؛ فالحوكمة تحارب بشدة أي تنازع مصالح بين المنشأة وأفرادها حتى لو كانوا من الملاك الرئيسيين للشركة، وهذا الأمر يحد كثيرا من الفساد، ويعزز ثقة الشركاء ببعض أيضا.