ما بعد انضمام الأحساء ل «يونسكو»
الأحساء من أكثر المدن العالقة في ذاكرتي، حيث كانت من أهم المناطق السياحية في فترة الثمانينيات الميلادية بالنسبة لسكان وأهالي الرياض والمناطق المجاورة لها، وقد زرتها صغيرا مع والدي وأسرتي عدة مرات، فكثير من معالمها ومواقعها، كجبل قارة ومزارع النخيل الكثيفة، لم تبرح الذاكرة وما زالت مغروسة فيها، أيضا لا يمكن أن أنسى عيونها التي تزار في تلك الفترة للاستشفاء أو السياحة، ولا أعلم إن كانت باقية حتى الآن أم أصابها الجفاف.
الأحساء التي تعد أكبر واحة نخيل في العالم، قد تم تسجيلها ضمن مواقع التراث العالمي في الـ"يونسكو"، وهو أمر لا شك يستحق الاحتفاء من قبلنا نحن السعوديين، حيث إنها الموقع السعودي الخامس المنضم إلى القائمة، ويستحق أيضا الثناء والشكر منا للمسؤولين في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وفي مقدمتهم رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان، فالتسجيل في قائمة الـ"يونسكو" ليس بالمهمة اليسيرة والسهلة، ولم يكن له ليتم إلا بعد جد وتعب وملف متكامل، ورغبة جامحة في تسجيل كل المناطق السياحية في المملكة في قائمة التراث العالمي، وواحة الأحساء من أهمها، خصوصا أن جذورها ضاربة في تاريخ البشرية، وحضارتها تعود لما قبل أكثر من سبعة آلاف سنة.
بالطبع، تسجيل واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي خطوة مهمة، لكن المهم الآن هو العمل لما بعد التسجيل، فأعداد السياح للمدينة سيتضاعف خلال الأشهر والسنوات القادمة، والرغبة لدى السياح، سواء كانوا سعوديين أو أجانب، في استكشاف تراث المدينة والاطلاع عليه عن قرب ستتضاعف، وستصبح المدينة ملاذا لأعداد كبيرة منهم، ما يتطلب تطويرها والتوسع في مشارع الفندقة والإيواء والمرافق الخدمية التي تخدم السياح، وتنشيط حركة الطيران الدولي من وإلى مطار المدينة، ليكون سفر السواح إليها ميسرا ومباشرا، وألا يكون الطريق إليها عبر الدمام أو الرياض، إضافة إلى العمل على جذب شركات الطيران العالمية والترويج لها في المحافل السياحية، سواء في المملكة أو غيرها، حتى تستفيد المدينة من خطوة التسجيل في الـ"يونسكو"، وأن نستفيد من تلك الخطوة في تطوير القطاع السياحي في المملكة بما يحقق طموحات "رؤية السعودية 2030".