أهمية الاستدامة وأهداف التنمية المستدامة في السعودية
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015 خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وأقرت أهدافها السبعة عشر.
القرار ترتبت عليه الكثير من النتائج بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فرؤية المملكة 2030 تحدد خارطة طريق للبلاد نحو مستقبل مزدهر في جميع مجالات التنمية، على أساس ثلاث ركائز: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
وتُوجّه العديد من مبادرات الرؤية نحو الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلاوة على ذلك، فإن أهداف التنمية المستدامة قد تم دمجها في خطط محددة ومفصلة، وبرامج تحققها الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني.
ترأس وزارة الاقتصاد والتخطيط وفد المملكة المشارك في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للأمم المتحدة الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بعنوان "التحول نحو مجتمعات مستدامة ومرنة"، وستقدم المملكة في الاجتماع استعراضها الوطني الطوعي الأول، الذي سيكون المحاولة الأولى من المملكة لإجراء استعراض منهجي وشامل للوضع الحالي لأهداف التنمية المستدامة والإجراءات المتخذة لتحقيقها، ويقترح الاستعراض أيضًا مخططًا للمستقبل.
تطوير المجتمع
المملكة العربية السعودية قامت بتحديث نظام الرعاية الاجتماعية لديها، سعياً إلى تعزيز قدرات وفعالية القطاع، وتشمل المبادرات الرامية إلى تحقيق ذلك برامج الحماية الاجتماعية، المساعدات المالية، رعاية الأطفال، معاشات التقاعد، رعاية المسنين، ورعاية المرأة. بالإضافة إلى ذلك، فإن مبالغ دعم الوقود والماء والكهرباء والغذاء التي تقدمها الحكومة يتم إعادة توجيهها لضمان وصولها حصرا للمستفيدين المؤهلين لذلك، ويمثل برنامج "حساب المواطن" وسيلة أخرى للتخفيف من الأعباء المالية على المواطنين ذوي الدخل المنخفض أو المتوسط.
وقد أدى الاستثمار المستمر والمتزايد في التعليم والرعاية الصحية إلى تحسن كبير في ناتج هذين القطاعين، كما حدثت تطورات إيجابية في الأمن الغذائي والمائي، والزراعة المستدامة ومشاركة القوى العاملة.
وتحقيقا لالتزامها التام بتمكين المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع، أطلقت المملكة عدة مبادرات في هذا المجال، من أبرزها "المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية"، ويرصد مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن بين الإسهامات الأخرى للنهوض بالمرأة إطلاق بوابة رقمية للباحثات عن العمل، وبرنامج "جمعية النهضة النسائية الخيرية" لمساعدة النساء العاملات على التنقل (وصول)، وبرنامج الرعاية النهارية المصمم لمساعدة النساء العاملات (قرّة).
مؤسسة الملك خالد
تعد مؤسسة الملك خالد الخيرية أول مؤسسات المجتمع المدني التي تجري أبحاثًا تختص بقضايا المرأة، حيث قامت المؤسسة بإجراء مسح شمل 10000 أسرة من جميع مناطق المملكة، وكان للنتائج تأثير واضح ساعد على صياغة مقترحات حول أفضل الحلول لمعالجة هذه القضايا، وتعد مؤسسة الملك خالد عضوًا في الفريق الوطني لاستراتيجية الحماية الاجتماعية الذي يطور السياسات والبرامج لمعالجة الفقر واحتياجات شرائح المجتمع الضعيفة.
التحول الاقتصادي
في محاولة لزيادة التنويع الاقتصادي ورفع مستوى مهارات القوى العاملة السعودية واستغلال الموارد الطبيعية الوفيرة في المملكة بحكمة، فقد خصصت حكومة المملكة العربية السعودية أموالاً لزيادة الاستثمار في الاتصالات، والحكومة الإلكترونية، والمياه، ومياه الصرف، والطاقة.
كما تواصل الحكومة جهودها لتطوير وتحديث البنية التحتية للبلاد، بما في ذلك توسيع نظام السكك الحديدية وإدخال مشروع قطارات النقل الجماعي الخفيفة مع خطوط المترو وشبكة الحافلات الجماعية في مدن المملكة الرئيسية في الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.
بالإضافة إلى ذلك ، تقوم الحكومة بإجراء برامج البحث والتطوير والابتكار من خلال الجهود المتضافرة للقطاعين العام والخاص والمؤسسات المدنية ومراكز الأبحاث والأوساط الأكاديمية وغيرها من الجهات الفاعلة.
كما اتخذت خطوات مهمة لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار لتشجيع التنمية الصناعية، ولا سيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، ووفقاً لتقرير حديث نشره البنك الدولي، فقد أقامت المملكة العربية السعودية أكبر عدد من الإصلاحات التجارية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالإضافة إلى استضافة ملايين الزوار سنوياً لأداء فريضتي الحج والعمرة، تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً واسعة النطاق للترويج للبلاد كوجهة سياحية جذابة، وتشمل هذه الجهود تخفيف القيود المفروضة على التأشيرات، وزيادة الاستثمارات في مشاريع الضيافة، وتطوير البرامج السياحية والمنتجات التي تستجيب لمطالب وتوقعات السياح.
حماية البيئة
سعياً إلى تحسين نوعية الحياة في المملكة، استثمرت المملكة العربية السعودية بشكل كبير في المشاريع البيئية، بما في ذلك الأنظمة المتطورة للتعامل مع النفايات، ومشاريع إعادة التدوير المتكاملة، وجهود مكافحة التصحر والحد من التلوث. ومن ناحية أخرى، تعالج المملكة ندرة المياه من خلال تدابير مثل الحفاظ على الموارد، وتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة. كما أن المملكة نشطة في تعزيز تقنيات الأبنية المستدامة. كما تُبذل جاهود حثيثة لضمان حماية واستدامة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية للبلد وزيادة حجم وعدد المحميات الطبيعية في جميع أنحاء المملكة.
وفي محاولة لتنويع مصادر الطاقة، تقوم الحكومة ببناء منشآت الطاقة النظيفة. كما تم إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وإطلاق برنامج وطني للطاقة المتجددة لتعزيز مشاركة الشركات المحلية والدولية في مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة. وبالإضافة إلى طاقة الرياح، بادرت المملكة العربية السعودية في إعداد خطة لمشاريع الطاقة الشمسية. وتستهدف "خطة الطاقة الشمسية 2030" إنتاج الكهرباء من حقول الطاقة الشمسية المختلفة في جميع أنحاء المملكة.
الإغاثة الإنسانية
المملكة العربية السعودية هي رابع أكبر دولة مانحة للمساعدات في العالم، مع العديد من المساعدات الإنسانية ومساعدات التنمية التي تقدمها المملكة إلى البلدان والمجتمعات المحتاجة. وكما تعد المملكة العربية السعودية مصدراً رئيسياً للتحويلات المالية التي تتلقاها بلدان منخفضة الدخل، مصدرها ملايين الوافدين العاملين في المملكة. فهذه التحويلات المباشرة كانت مفيدة في تخفيف الفقر وتحسين الظروف المعيشية في العديد من البلدان.
المساعدات الإنسانية السعودية لليمن
من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، قدمت المملكة العربية السعودية مساعدات لليمن بلغت قيمتها الإجمالية 5.79 مليار ريال سعودي (1.543 مليار دولار) خلال السنوات الثلاث الماضية، كما نفذ المركز 260 مشروعا استهدفت الأمن الغذائي، واللاجئين والسيطرة على الكوليرا، والمياه، والصرف الصحي، ودعم البنك المركزي اليمني.
الصندوق الخيري الاجتماعي
رسالة الصندوق الخيري الاجتماعي تكمن في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين المحتاجين في المملكة، والتصدي للتحديات التي تواجه العمل التنموي، من خلال التمكين والابتكار وتقييم الأثر.
ويقدم الصندوق الخيري الاجتماعي أنشطته للمستفيدين المستهدفين من خلال شبكة من الشراكات المتعددة، ففي عام 2016م خصص الصندوق الخيري الاجتماعي مبلغ 524.3 مليون ريال سعودي (139.81 مليون دولار) لبرامج الابتعاث، بالإضافة إلى 114.4 مليون ريال سعودي (30.51 مليون دولار) مخصصة لبرامج التدريب والتوظيف.
ورغم الخطوات الكبيرة التي قطعتها المملكة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فلا يزال هناك العديد من التحديات التي ينبغي مواجهتها لتسريع تحقيق هذه الأهداف. فقد كثفت الحكومة جهودها لزيادة توافر البيانات ولتعزيز قدرة الهيئات الإحصائية على تجميع ونشر الإحصاءات المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة، وذلك إدراكا منها لأهمية وضع معايير يمكن على أساسها قياس النجاح.
وتشمل المجالات المهمة الأخرى التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية وتعزيز الوعي بأهداف التنمية المستدامة على المستويين الإقليمي ودون الإقليمي، وتمكين قطاعات مختلفة من المجتمع لتصبح جزءًا من تنفيذ المبادرات المصممة لتعزيز الاستدامة.