لا تتأخر في الاتصال على «1919»
قد تسيطر على تصرفات طفلك وتحد من أخطائه عبر الضرب، ويمكن أن تزرع الخوف في جوفه عندما يكون طفلا صغيرا، وتسهم في تقويمه، ولكن ماذا عنه عندما يكبر ويدخل سن المراهقة، ويشتد عوده، ويتخلص من الخوف في داخله؟ هل يمكن أن تمارس معه الضرب ذاته وتردعه؟ بلا أدنى شك لن تستطيع، بل سيمارس الأخطاء، ولن يردعه الضرب أو خلافه. مؤمن جدا بأن أجمل وأمتن علاقة يمكن أن تجمع الطفل بوالديه هي علاقة "الحب والاحترام"، والتجارب ونحن صغار تخبرنا أن أكبر رادع قد يحمي الطفل من الخطأ والمسارات غير السوية هو خشية غضب الأب أو الأم، ليس خوفا منهم بل حبا فيهم، فكم من خطأ وسلوك يمتنع الطفل عن فعله عندما يشاهد صورة والده أو والدته أمامه، ويستشعر حجم الألم الذي يمكن أن يتعرضوا له عندما يقدم على سلوك خاطئ، أيضا زراعة خشية الله - سبحانه وتعالى- في نفوس الأبناء منذ الصغر من أكثر أساليب التربية الرادعة لهم، التي تمنعهم من الأخطاء والسلوكات المنحرفة. أختلف مع سياسة الضرب في تأديب الأطفال، ولكني أبرره عندما يكون غير عنيف وغير مؤذٍ، وفي سن معينة لا تقل عن السابعة، ولا تزيد على الثالثة عشرة، ولكن ما هو غير مبرر، ولا يمكن أن يقدم عليه إنسان سَوِيٌّ وعاقل وراشد هو إيذاء الأطفال الصغار، الذي وصل إلى "الرضع" في أكثر من مقطع شاهدناه في مواقع التواصل الاجتماعي، ولعل آخرها مقطع تعنيف الطفلة من والدتها في مدينة جدة، التي تدخلت فيها الجهات المختصة مشكورة، وأحالت الأم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها. الأطفال هم زينة الحياة الدنيا، والعقل والمنطق يقول إن مَن يؤذي طفله فهو يؤذي نفسه، فهل يعقل أن يؤذي الإنسان نفسه؟ بالطبع لا يمكن أن يقدم أي شخص على إيذاء طفل سواء كان ابنه أو غيره، وهو بكامل قواه العقلية، فهذا الأب أو الأم الذي يمارس تعنيف أطفاله ما هو إلا شخص مريض، ولا يجب السكوت عنه من قبل الأقارب أو الجيران، ويجب الإبلاغ عنه فورا، خاصة أن خطوات الإبلاغ سهلة وميسرة، ولا يكلف المبلغ إلا الاتصال على الرقم المجاني "1919"، وهو رقم الإبلاغ عن حالات العنف، الذي يستقبل الاتصالات على مدار الساعة. علينا أن نحمي الأطفال المعنفين ونحمي آباءهم وأمهاتهم من أنفسهم، فكما أسلفت، فمن يعنف طفله ويؤذيه كمن يعنف نفسه ويؤذيها.