الأحد .. العقوبات تشل اقتصاد إيران وتلغي عقود أبرمتها طهران
بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أيار (مايو) الماضي، أنه سيعيد فرض عقوبات على إيران، بدأت وزارة الخارجية الأمريكية إبلاغ الدول في أنحاء العالم بأن الوقت يمر سريعا لكي توقف تلك الدول مشترياتها النفطية من طهران.
وبحسب "رويترز"، تهدف الاستراتيجية إلى شل اقتصاد إيران المعتمد على النفط، حيث تطبق العقوبات على طهران الأحد المقبل.
وارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما يقل قليلا عن 87 دولارا للبرميل هذا الشهر، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات.
وقال مصدر مطلع إن الإدارة تدرس منح إعفاءات محدودة لبعض عملاء النفط الإيراني.
وقال المصدر "إذا كنت تتولى الإدارة، فسترغب في ضمان ألا تحدث قفزة في الأسعار".
وقد تشكل تلك الإعفاءات معضلة للبيت الأبيض مع سعيه إلى شروط أكثر صرامة، مقارنة بتلك التي فُرضت إبان حكم أوباما الذي فرض بجانب حلفائه الأوروبيين عقوبات أفضت إلى اتفاق كبح تطوير إيران لأسلحة نووية.
وذكر وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين أنه سيتعين على الدول أولا خفض مشترياتها من نفط إيران بأكثر من المستوى البالغ 20 في المائة الذي نفذته بموجب العقوبات السابقة.
وسافرت فرق من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكيتين إلى ما يزيد على نحو 20 دولة منذ أن انسحب ترمب من الاتفاق النووي في الثامن من أيار (مايو) الماضي لتحذر الشركات والدول من مخاطر القيام بأنشطة مع إيران.
وقلصت اليابان وكوريا الجنوبية الحليفتان للولايات المتحدة استيراد الخام الإيراني بالفعل. لكن الموقف أقل وضوحا بين آخرين هم المشترون الأكبر.
واجتمع بريان هوك الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية المعني بإيران وفرانك فانون أكبر دبلوماسي أمريكي معني بشؤون الطاقة لدى وزارة الخارجية في الآونة الأخيرة مع مسؤولين من الهند، ثاني أكبر مشتر للنفط الإيراني، في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الجاري بعد أن قال مصدر أمريكي للمرة الأولى إن الإدارة تدرس بجدية الإعفاءات.
وأكد مصدر حكومي هندي أن الهند أبلغت الوفد الأمريكي أن ارتفاع تكاليف الطاقة الناجم عن ضعف الروبية وصعود أسعار النفط يعني أن وقف المشتريات من النفط الإيراني تماما مستحيل حتى آذار (مارس) المقبل على الأقل.
وقال المصدر "أبلغنا الولايات المتحدة بهذا، وكذلك خلال زيارة بريان هوك. لا يمكننا وقف استيراد النفط من إيران في الوقت الذي تكون فيه البدائل مكلفة".
وأكد دبلوماسي أمريكي المناقشات، قائلا إن منح إعفاءات محدودة للهند ودول أخرى محتمل.
وعادة ما تستورد الهند ما يزيد على 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني، لكنها قلصت ذلك المستوى في الأشهر الأخيرة، وفقا لبيانات رسمية.
والمناقشات جارية أيضا مع تركيا، رابع أكبر مشتر للنفط الإيراني، على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزراء أتراك انتقدوا علنا العقوبات.
وقال مصدر بالقطاع في تركيا مطلع على المناقشات لـ"رويترز"، إن أنقرة خفضت وارداتها من النفط الإيراني بمقدار النصف بالفعل، وقد تصل إلى الصفر، لكنها تفضل استمرار بعض المشتريات.
ومنحت إدارة أوباما تركيا إعفاء مدته ستة أشهر، لكن تركيا تتوقع أن تفرض إدارة ترمب متطلبات أكثر صرامة للحصول على الإعفاءات التي من المحتمل أن تغطي فترات أقصر.
وقال المصدر "قد تكون لثلاثة أشهر، أو ربما لا يحصلون على إعفاء على الإطلاق. كل هذا غير قابل للتنبؤ بعض الشيء هذه المرة، إذ إننا ندرك أن كثيرا من الأمور بيد ترمب".
والموقف أقل وضوحا في الصين، أكبر زبون لإيران، التي تطلب الشركات المملوكة للحكومة بها أيضا إعفاءات. وحصلت بكين على ما يتراوح بين 500 و800 ألف برميل يوميا في الأشهر القليلة الأخيرة، وهو نطاق معتاد.
وقال المصدران إن إشارات بكين إلى شركات التكرير بها كانت متباينة. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت رويترز أن مجموعة سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي.إن.بي.سي)، أكبر شركتي تكرير مملوكتين للحكومة في البلاد، لم تحجزا أي نفط إيراني للتحميل في تشرين الثاني نوفمبر بسبب المخاوف بشأن العقوبات.
وقال جو ماكمونيجل محلل الطاقة لدى هيدجآي في واشنطن إنه يتوقع أن تقبل الإدارة بأن تشتري الصين مستوى ما من النفط الإيراني، بالنظر إلى استهلاكها.
وقال "من بين كل الدول، لا أظن أنهم يعتقدون أن الصين ستصل إلى الصفر".
ومن المقرر أن يسافر المسؤول بالخارجية الأمريكية فانون إلى آسيا في الأيام المقبلة، مع اعتزامه إلقاء كلمة في سنغافورة اليوم. ولم يفصح مسؤول عما إذا كان فانون سيستغل رحلته لمناقشة مسألة إيران مع الصين.
من جهتها، قالت هيونداي للهندسة والإنشاءات أمس، إنها ألغت اتفاقا بقيمة 595 مليار وون (521 مليون دولار) لبناء مجمع للبتروكيماويات في إيران، مشيرة إلى أن قدرة إيران على تمويل الاتفاق تضررت جراء احتمال فرض العقوبات.
وبحسب "رويترز"، فإنه وفي إفصاح تنظيمي، أكدت هيونداي للهندسة والإنشاءات أن كونسورتيوم قادته لإنشاء المشروع ألغى العقد أمس الأول.
وأضافت هيونداي للهندسة والإنشاءات في إفصاحها "العقد جرى إلغاؤه بسبب عدم اكتمال التمويل، الذي كان شرطا مسبقا لسريان العقد، حيث ساءت عوامل خارجية مثل العقوبات الاقتصادية على إيران".
واعتبارا من الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ستعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية.
وقد بدأت إيران أمس الأول، للمرة الأولى بيع نفطها إلى شركات خاصة من خلال بورصة الطاقة، وذلك لمواجهة التنفيذ الوشيك للعقوبات الأمريكية الجديدة.
وتم بيع 280 ألف برميل من النفط الخام في البورصة الإيرانية من أصل مليون برميل تم عرضها بقيمة 74.85 دولار للبرميل، وبأقل من أربعة دولارات من سعر الطلب الأولي، وفقا لـ"الفرنسية".
ولم يكشف عن هوية المشترين الذين ذكرت وكالة فارس للأنباء أنهم تكتل من الشركات الخاصة وقاموا بعمليات الشراء من خلال وسطاء.
وتعاني إيران تفشي الفساد في الإدارة الحكومية، إضافة إلى الفقر والبطالة، وخاصة مع ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى 28.8 في المائة في 2017، الأمر الذي يدفع آلاف الإيرانيين بالاحتجاج كل فترة على السياسة التي ينتهجها نظام الملالي.
يشار إلى أن أعضاء في "الكونجرس" مؤيدين للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، طالبوا بتشديد العقوبات التي ستفرض على إيران في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) لضمان عزل طهران عن النظام المصرفي العالمي.
ويخشى مشرعون أمريكيون أن الإدارة قد تخلف الوعد بممارسة "أقصى ضغط" على إيران مع إعادة فرض مجموعة ثانية من العقوبات عليها التي تم تخفيفها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، مؤكدين أن العقوبات الجديدة لا تتضمن قرارا يقضي بعزل إيران عن النظام المالي العالمي.
وبحسب وكالة الأسوشييتد برس، فإن أعضاء محافظين في الكونجرس ومستشارين للحكومة يضغطون على الرئيس الأمريكي من أجل إضافة حظر إيران من نظام "سويفت" على لائحة العقوبات، لأنهم يشعرون بالقلق من أن فرض عقوبات على إيران في أوائل الشهر المقبل لن يكون قويا بما فيه الكفاية.