طهران تراهن على تجارة المخدرات لإنقاذ اقتصادها المنهار
تعتمد الكيانات عدائية السلوك تجاه محيطها وبقية العالم على مصادر دخل غير شرعية، لإحداث الخراب والدمار في الدول الأخرى ولتمكين اقتصادها من الاستمرارية بطريقة غير مشروعة في حال تعرضت إلى العقوبات الدولية، إذ اشتهرت أفغانستان أثناء حكم طالبان لها، بأنها الدولة المصدرة الأولى للمخدرات على مستوى العالم، خصوصا مادة الأفيون المخدرة التي تعد الأشد فتكا، وذلك بهدف تمويل شراء الأسلحة ومزيد من الدمار وبسط السيطرة على بلد عانى الأمرين من التخلف خصوصا في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، إذ تعرضت المرأة الأفغانية إلى أشد أنواع القهر والذل في ظل حكم الجماعات المتشددة لها، وعلى مستوى الدولة، فقد تخلفت المؤسسات الحكومية والرسمية، لينعكس هذا التخلف على واقع الخدمات والبنية التحتية، التي كانت تكاد تخلو منها البلاد.
وعلى خطى الدمار والخراب سار "حزب الله" اللبناني على ذات الخطى، في تجارة مادة الحشيش المخدرة، ليقوم الحزب بتمويل أعماله الإرهابية والتخريبية في لبنان الشقيق، وليفرض سطوته على الدولة، من خلال عاملين اثنين هما الدعم الإيراني، وتجارة المخدرات والأسلحة، فيما يعاني أبناء الجنوب اللبناني الجوع والبطالة، ليتم الزج بهم في الصراع الدامي في سورية أو تشغيلهم في زراعة الحشيش، كما ازداد جشع قادة الحزب، ليدفعهم الحقد الطائفي المعبأ بالأفكار الفارسية، إلى الاتجار بالدعارة، من خلال إنشاء شبكة كبيرة، جل من يعمل فيها من ضحايا هن فتايات لاجئات مختطفات، فيما تبذل السطات اللبنانية جهدا كبيرا في مكافحتها، في الوقت ذاته لا يرى القائمون على الحزب حرجا في زراعة المخدرات والاتجار بها، وتشغيل شبكات الدعارة.
وتواجه إيران العقوبات المفروضة عليها دوليا، بالتجارة السوداء، التي لا تختلف عن تابعها "حزب الله"، و"طالبان"، إضافة إلى بقية الكيانات والمنظمات الإرهابية، كما يقف النظام الإيراني بشكل رسمي على تجارة المخدرات على المستوى الدولي، إذ ينفذ هذا المشروع الركن الأقوى في الدولة والمعروف بالحرس الثوري الإيراني، الذي يقف وراء انتشار المخدرات في عديد من دول الجوار وعلى رأسها العراق ودول الخليج، إذ إن إيران تحولت إلى عاصمة ومركز للتهريب على مستوى العالم فهي تربط بين مزارع الإنتاج في أفغانستان، وأسواق الاستهلاك في الدول الأخرى، مستغلة دول الجوار في عمليات التهريب، خاصة أذربيجان والعراق ودول الخليج العربي.
تؤكد المعلومات المتوافرة أن تهريب المخدرات "المنظم" إلى داخل العراق بدأ مع التدخل الإيراني عبر الميليشيات وعصابات المخدرات والجريمة المنظمة برعاية جهاز المخابرات الدولي الإيراني ومخابرات الحرس الثوري وفيلق القدس.
كما أن أكثر من 35 في المائة من المخدرات المنتجة في أفغانستان، يمر من إيران باتجاه الدول الأخرى، إذ تعد إيران الطريق المثالية لعصابات الاتجار بالمخدرات، كما تشهد إيران استثمارا واسعا من قبل العصابات المهربة للمخدرات في إنتاج المخدرات الصناعية وتهريبها وتوزيعها في المناطق الأخرى، ويقدر إنتاج المخدرات في أفغانستان بستة آلاف و400 طن سنويا بحسب تقارير الأمم المتحدة، فيما تنتشر في إيران أنواع مخدرات عدة تصدرها إلى جانب المخدرات الأفغانية منها: الميثامفيتامين، والأفيون، والهيروين، والحشيش، وهناك أنواع من المخدرات الصناعية تروج لها مافيا الحرس الوطني للمخدرات كدواء لجميع أنواع الأمراض، مثل: التوتر، والاضطراب النفسي، والسمنة، ونحافة الجسم، وتحسين البشرة على حد سواء.
وتسيطر قوات الحرس الثوري على الحدود الشرقية للبلاد مع باكستان وأفغانستان، على الرغم أنها من صلاحيات حرس الحدود، وهو ما يثير الشكوك حول علاقته بعصابات تهريب المخدرات ومسارات مرورها إلى الدول الأخرى، في 2011 أفادت نقلا عن سجاد حق بناه العضو السابق في مخابرات الحرس الثوري، أن الحرس الثوري متورط في تهريب المخدرات وتوزيعها في منطقة الشرق الأوسط، فيما وضعت وزارة الخزانة الأمريكية في مارس 2012، غلام رضا باغباني، القيادي في فيلق قدس الإيراني، على لائحة العقوبات الإيرانية.
وكان الكونجرس الأمريكي قد كشف في تقرير له صدر في 2012، عن علاقة إيران و"حزب الله" بعصابات تهريب المخدرات في المكسيك وفقا لاعترافات أدلى بها منصور عرب سيار الذي خطط لاغتيال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عندما كان سفيرا لبلاده في واشنطن.
فيما كشفت تقارير إخبارية عن كشف عمليات تهريب يقوم بها الحرس الثوري الإيراني مستخدما مطار النجف لنقل المخدرات من إيران إلى العراق، ومن ثم تهريبها إلى دول الخليج العربي ولا سيما الكويت والمملكة العربية السعودية، ولغرض تمويل بعض أنشطته الاستخبارية والتجسسية، واستخدام مطار النجف يعود إلى أن الطائرات المدنية التابعة للحرس الثوري لا يتم تفتيشها من قبل القائمين على أمن المطار؛ لذا تسهل عمليات التهريب إلى دول الخليج عبر هذا المنفذ وعبر المنافذ الأخرى.
نشر موقع "ويكيليكس" في 2016 برقية سرية بتاريخ 12 يونيو 2009، صدرت عن السفارة الأمريكية في باكو، تشير إلى أن كميات الهيروين التي مصدرها إيران، المصدرة إلى أذربيجان، ارتفعت من 20 ألف كيلو جرام في 2006، إلى 59 ألفا في الربع الأول من 2009 وحده، وأكدت البرقية التي تستند إلى تقارير سرية لمحققي الأمم المتحدة المكلفين بالملف، أن أذربيجان من الطرق الرئيسة لتصدير الهيروين نحو أوروبا والغرب.
ونقلت هذه البرقية عن دبلوماسيين أميركيين قولهم "إن إيران تعد من أكبر مهربي المخدرات في العالم، فهي أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني، وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم"، وأضافوا أن "95 في المائة من الهيروين في أذربيجان تأتي من إيران"، في حين تصدر الكمية نفسها من أذربيجان إلى السوق الأوروبية.
بدورها، أعلنت السلطات الأوروبية الخميس، أنها ضبطت شحنة تزن 270 كيلو جراما من الهيروين قادمة من إيران في ميناء في جنوى الإيطالية وسمحت بنقل جزء منها تحت إشراف الشرطة إلى مقصده النهائي في هولندا، حيث تم توقيف شخصين، ووصفت الهيئة الأوروبية المعنية بتنسيق التحقيقات العابرة للحدود "يوروجست" العملية بالأكبر في جنوى منذ نحو 20 عاما.
وذكرت الشرطة أن الهيروين كان مخبأ في أكياس البنتونيت، المسحوق الطيني المستخدم في منتجات العناية بالبشرة، التي نقلت من ميناء بندر عباس الإيراني على متن ناقلة تحمل الاسم "أرتاباز"، وضبطت السلطات في جنوى الشحنة في 17 أكتوبر الماضي، لكنها سمحت لجزء منها بمواصلة الرحلة، واتبعت السلطات الناقلة عبر سويسرا ولوكسمبورج وفرنسا وألمانيا وبلجيكا قبل أن تصل إلى مستودع مهجور في روسندال في هولندا في 2 نوفمبر الجاري.