قرية "ذي عين" الأثرية.. 85 منزلا تراثيا شيدت على قمة جبل أبيض
يعد إحياء التراث العمراني وإعادة تأهيله مطلبا ملحا للأمم التي قررت المشاركة الفعالة في العطاء الإنساني على الصعيد الثقافي والتاريخي بشكل يعكس خصوصيتها وهويتها وثوابتها في الفضاء الإنساني.
وأولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة اهتماما كبيرا للاستفادة من تنوع وثراء المقومات في بلادنا للنهوض بالسياحة والتراث الحضاري الوطني بصفته صناعة منظمة ومتكاملة، وتحويلها إلى مورد ثقافي واجتماعي واقتصادي، يسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية، وزيادة الدخل، وتوفير فرص عمل للمواطنين إلى جانب الإسهام في تعزيز انتماء المواطن لوطنه.
ونظرا للميزات الطبيعية والتراثية والزراعية والتاريخية لقرية ذي عين التراثية في محافظة المخواة في منطقة الباحة، سارعت الهيئة إلى اللحاق بترميم وتأهيل وتطوير القرية، ومعرفة الخبرات المتراكمة وما تمثله من ضوابط مهنية كانت سائدة في مجال البناء بالحجر التقليدي لأبناء المجتمع المحلي في "ذي عين"، إلى جانب ما كان سائدا من موروث ثقافي واجتماعي واقتصادي وتأثيرها المباشر على العمارة التقليدية القديمة، فقد شرعت الهيئة أعمالها التطويرية بعد توقيع الاتفاقية مع الجمعية التعاونية متعددة الأغراض في قرية ذي عين في 23/1/1435، وهو المشروع الإنقاذي لقرية ذي عين للمرحلتين الأولى والثانية.
فمن خلال المواثيق العالمية الضابطة لأعمال الترميم ومن خلال الممارسة العلمية التي تؤمن بها هيئة السياحة التي تحكم أعمال الصيانة لأعمال الترميم التي شملت تنفيذ خطة عمل بترميم المباني المحاذية لمسار القرية المؤدي للشلال ومباشرة الأعمال في المباني الأكثر خطورة، بما يحقق الحفاظ على هوية القرية التراثية وتأمين وتسهيل حركة الزوار داخل القرية.
وتطمح هيئة السياحة إلى أن تكون قرية ذي عين التراثية، في مصاف القرى العالمية حيث تعمل مع شركة خاصة على تأهيل وتطوير القرية، وقد تم توظيف العديد من مباني القرية إلى متاحف، ومطاعم شعبية، ومبان للحرفيين والحرفيات، شقق فندقية، محل هدايا تذكارية، تموينات، مكتبة، فن تشكيلي، نادٍ للأطفال.
وبالرجوع إلى الدراسات التي تم إعدادها عن القرية، فإن الدراسة التاريخية عن قرية ذي عين هي إحدى قرى تهامة زهران، وتتكون من 85 منزلا تراثيا تراوح مابين الدور إلى الخمسة أدوار شيدت على قمة جبل أبيض، وتشتهر بزراعة الموز البلدي والكادي والنخل الباسق، وبعض الموارد الطبيعية الأخرى مثل المانجو والجوافة، كما تشتهر بجودة الصناعات اليدوية، والأكلات الشعبية، وتضم مسجدا ومصطبة بجانب الشلال، كما تمتاز القرية بعين ماء عذبة جارية على مدار العام تسقي الوجهات الزراعية.
أما دراسة الرفع المساحي للقرية فيشمل ربط المباني التراثية مع المناسيب المحيطة بالموقع ورفع الحدود الخارجية وحدود المباني المحيطة ، وكذلك رفع مساحي لكافة شبكات الطرق والمرافق الموجودة، وفيما يخص الدراسة المعمارية تم إعداد دراسات معمارية تضمنت الرفوعات المعمارية " مساقط أفقية ، مقاطع ، وواجهات لكامل مباني القرية"، حيث تم إعداد المخطط العام للقرية ، وتم وضع الخطط والتصورات المستقبلية لإعادة تأهيل وتطوير القرية بكل عناصرها ومكوناتها بالرفع المعماري للوضع الراهن في القرية.
وتضمنت الدراسات التاريخية للقرية، الدراسة التوثيقية التي تهدف لتوثيق كافة العناصر المعمارية والإنشائية والطرز والتفاصيل والزخارف وفتحات الأبواب والشبابيك لتكون بمنزلة قراءة معرفية وتوثيقية للعناصر والمواد والتقنيات المستخدمة في القرية وكدلائل استرشادية، ودراسة التوثيق الفوتوغرافي الذي يتم فيه تصوير المباني من الخارج والداخل وتفاصيلها المعمارية والإنشائية وتوضيح حالتها الراهنة والأرضيات والأسقف، كما أجريت كذلك العديد من الدراسات الأخرى المتعلقة بمكونات القرية.
وتعيش اليوم قرية ذي عين مرحلة انتقال من الاندثار إلى الازدهار، حيث صدر قبل أربعة أعوام موافقة المقام السامي الكريم بترشيحها لمنظمة اليونسكو العالمية حيث تعمل هيئة السياحة على ملفيها الطبيعي والثقافي لإدراجها في المنظمة.