«العملات الرقمية» تغزو بلاد المصارف .. 50 شركة تضاعف رأسمالها إلى 40 مليار دولار

 «العملات الرقمية» تغزو بلاد المصارف .. 50 شركة تضاعف رأسمالها إلى 40 مليار دولار

قالت دراسة إن "وادي التشفير"، الذي يقع حول مدينتي زوك وزيوريخ السويسريتين (شمال / ناطقتان بالألمانية)، لديه حاليا أكثر من 800 شركة نشطة في مجال العملة الرقمية، وقواعد البيانات المتسلسلة.
وأكدت أن الشركات في الوادي توظف حاليا أكثر من أربعة آلاف مهني، كما يوجد في "وادي التشفير" ست شركات تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار.
وتضمنت الدراسة الفصلية التي أعدتها شركة الاستثمار السويسرية "CV VC"، بالتعاون مع شركة "PwC" وشريكها في تقنية المعلومات "inacta"، قائمة جديدة لأكبر الشركات في سويسرا وإمارة ليشتنشتاين المجاورة الصغيرة.
وذكرت الدراسة أن الاتجاه التصاعدي الحالي في أسعار العملات الرقمية عزز رأس المال السوقي لأكبر 50 شركة للعملات المشفرة من 20 مليار دولار في نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2018 إلى أكثر من 40 مليار دولار في تموز (يوليو) 2019.
وتؤكد الأرقام الواردة في الدراسة عودة التفاؤل في وادي التشفير السويسري.
يقول، ماتياس روش، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة CV VC: لقد ترك انهيار "بيتكوين"، أو الانهيار العظيم للعملة المشفرة في شباط (فبراير) 2018 - يعرف أيضا باسم شتاء التشفير، وهو الفصل الذي تحطمت فيه "بيتكوين"- أثرا بلا شك في هذه الصناعة، لكن الشركات التي لديها أساس صلد وتجارب وطرق غنية باستخدام العملات المشفرة قد ارتفع رأسمالها السوقي في التقييم بشكل كبير.
وفي انهيار 2 شباط (فبراير) 2018 الذي جاء بعد طفرة غير مسبوقة في 2017، انخفض سعر الـ"بيتكوين" بنحو 65 في المائة خلال شهر من 6 كانون الثاني (يناير) إلى 6 شباط (فبراير) 2018.
وفي وقت لاحق، بلغت جميع العملات المشفرة الأخرى تقريبا ذروتها أيضا من كانون الأول (ديسمبر) 2017 حتى كانون الثاني (يناير) 2018 تبعتها الـ"بيتكوين".
لكن بحلول أيلول (سبتمبر) 2018، انهارت العملات المشفرة بنسبة 80 في المائة من ذروتها في كانون الثاني (يناير) 2018، ما جعل انهيار العملات المشفرة في عام 2018 أسوأ من انهيار فقاعة "دوت كوم" التي بلغت نسبتها 78 في المائة.
وبحلول 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، انخفضت "بيتكوين" أيضا بأكثر من 80 في المائة من ذروته، بعد فقدانها ما يقرب من ثلث قيمته في الأسبوع السابق.
ويُظهر البحث ست نقاط ساخنة واضحة في وادي التشفير (زوك، زيوريخ، جنيف، تيجينو، ليختنشتاين، فو)، حيث تتركز فيها أكثر من 50 في المائة (أكثر من 400) من جميع الشركات المُسجلة. علاوة إلى ذلك، الست الكبرى من هذه الشركات تتركز في مقاطعة زوك لتصبح قلب وادي العملة المشفرة.
تتحدث الدراسة بتفاؤل عن وادي التشفير السويسري بالقول: "في 2019، شكلت مصارف التشفير السويسرية الجديدة والممولة تمويلا جيدا أعلى نموا للموظفين في جميع أنحاء صناعة قواعد البيانات المتسلسلة، وانضم عديد من المصرفيين ذوي الخبرة إلى هذه الصناعة، ليضيفوا بذلك الأقدمية والمعرفة المتخصصة إلى مصارف العملات المُشفرة بعد نيلها التراخيص المصرفية من هيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية (فنما)".
وتؤكد الدراسة أن هذا التطور يشير بوضوح إلى زيادة النضج في البيئة التنظيمية والتجارية للمصارف المشفرة في سويسرا.
وتضيف، "لكن هذه ليست سوى البداية، فمع ارتفاع مستويات البنية التحتية للسوق، سنرى مزيدا والمزيد من المشاريع الكبيرة تتطور وتنمو في وادي التشفير السويسري".
وتشير الدراسة إلى أن الأهمية المتزايدة للأصول المشفرة واشتراط تخزينها بأمان، أسس فرصة تجارية كبيرة لأمناء الأصول المشفرة المقيمين في بلاد المصارف، حيث أنشأت شركات التشفير المعروفة، مثل "بيتكوين سويس" ما يعرف بـ"قبو التشفير السويسري"، و"تمويل التشفير" و"تخزين التشفير" و"حماية التشفير".
يشار إلى أن شركة بليدتيك الناشئة في مجال تعدين العملات الرقمية، أكدت أنه بصدد بناء منشأة صناعية لإنشاء عملات رقمية، في تلك الأونة التي انتعشت فيها أسواق تلك العملات، وبلغت قيمها مستويات قياسية مذهلة لفترة ما، قبل أن تتهاوى بوتيرة لا تقل نحو الاتجاه المعاكس، حيث تقبع، بما يثير تساؤلات حول مصداقيتها الآن ناهيك عن الغد.
تقول الشركة الناشئة إن مقترحاتها في ذلك الصدد قد "تأجلت"، بسبب "الاضطرابات في أسواق العملات الرقمية".
على أن ذلك التحالف ليس وحده، حيث إن هناك عددا لا يحصى من شركات تعدين عملة "بيتكوين" التجارية، فضلا عن آلاف المتحمسين للتعدين من "الهواة" الأفراد، الذين اختاروا وقف العمليات التجارية الآن، على الأقل، لأن انخفاض أسعار العملات الرقمية أدى بها إلى تكبد خسائر فادحة.
ويقدر بعض الخبراء متوسط تكلفة تعدين عملة "بيتكوين" واحدة – "نقطة التعادل" – بنحو خمسة آلاف دولار، بما في ذلك النفقات العامة وتكاليف الاستهلاك.
وتستخدم شركات التعدين قوة الحوسبة للموافقة على التعاملات بعملة رقمية معينة وإضافتها إلى "البلوكتشين"، أو دفتر الحسابات الرقمي للنشاط.
وتتنافس أنظمة الكمبيوتر لحل المشكلات الرياضية المعقدة، من خلال اختبار المعادلات كجزء من مصادقة أحدث البيانات في الشبكة.
أيا كان من يخترق التشفير، فإنه سيعطي التفويض للمعاملة – ويحتفظ بقدر من العملة الرقمية المسكوكة حديثا، من باب أنها مكافأة له، في المقابل.
إدارة هذه الأنظمة تتطلب أجهزة متخصصة وكميات هائلة من الكهرباء، إلى حد كبير مثل مركز للبيانات.
حتى الآن، تم إنشاء كثير من عمليات تعدين العملات الرقمية التجارية في بلدان مثل الصين، وآيسلندا، وروسيا وكازاخستان، بالاستفادة من موارد الطاقة الوفيرة والرخيصة، إضافة إلى مستويات درجات الحرارة المنخفضة، التي تلعب دور نظام تبريد طبيعي لصفوف المعدات التي تصدر الضجيج، وهو ما يعد ضمن وفورات النطاق المساعدة على بلوغ نشاطات الصناعة مستويات التشغيل الكامل والإنتاجية القصوى.
إن التوصيف الدقيق حاليا لسوق تعدين عملة "بيتكوين"، التي كان يعتقد فيما مضى أنها تمثل مجال الانعطاف ومن ثم الانطلاق غير المحدود لطموحات الشركات الناشئة غير التقليدية، أو الأفراد أو الجماعات من المهووسين بالتكنولوجيا في غرف نومهم، بلغت حد الانفجار في أواخر العام الماضي، في الوقت الذي وصلت فيه أسعار العملات الرقمية إلى عنان السماء، وسعى أصحاب المشاريع في الصناعة وراء هوامش ربح دسمة، بالفعل وفي وقت قياسي.
وهناك البنية التحتية الأوسع للصناعة، التي تدعم شركات التعدين، وتوسعت أيضا بسرعة قياسية مماثلة، مستفيدة من الطفرة الهائلة التي شهدتها الصناعة، بفعل القيم الضخمة المتحققة والمتراكمة.
وأعلنت ثلاث من شركات تصنيع أجهزة التعدين قائمة في الصين، وهي على التوالي إيبانج، وكنعان، وبيتماين – خططا للإدراج في بورصة هونج كونج، للاستفادة من المزايا التي تتيحها السوق التي تتمتع بتقييمات تبلغ مليارات الدولارات.
في الوقت نفسه، فإن شركات صناعة الرقائق الحالية، بما يشمل شركتي نفيديا وأدفانسد مايكرو ديفايسز في الولايات المتحدة، كانت قد شنت عمليات غزو أولية ومنظمة في القطاع، ما أتاح لها تحقيق اختراقات لا يستهان بها في مجال الصناعة.
ولم يكن اللاعبون الصغار وحدهم الذين تضرروا من التباين الحاد في الصناعة، ما بين الصعود القياسي والانحدار المماثل، في فترة قليلة بكل معايير الصناعات والأسواق.
وتقدمت شركة التعدين الأمريكية جيجاواط بطلب إفلاس إلى السلطات المنظمة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وعلى النحو نفسه، فإن كل من شركات إيبانج وكنعان وبيتماين في الصين، قد عمدت إلى تأجيل عمليات الاكتتاب العام الأولي. كما أن شركة نفيديا أوقفت فرعها لمعدات العملات الرقمية.
وتوجد مخاطر تنظيمية كبير وجمة في الصناعة، حيث اتخذت الحكومة الصينية إجراءات صارمة ضد صناعة تعدين العملات الرقمية في وقت مبكر من هذا العام، بعد انتشار المخاوف من الاستهلاك المفرط للكهرباء لأجل إنتاج غير محسوب العوائد، وبالتالي احتمالات شبه مؤكدة من مواجهة مخاطر مالية تراوح بين العجز عن السداد الجزئي أو التأخير في آجاله ولربما طلبات إشهار الإفلاس، بما ينعكس بالسلب على النظام المصرفي في البلاد، والزج بالسلطة النقدية فيها في مآزق "أكبر من الفشل".
وبعض اللاعبين الكبار في الصناعة عمدوا إلى خيارات التنويع في البحث عن مصادر جديدة للدخل.
على سبيل المثال، فإن شركة بيتفوري التي تصنع معدات التعدين والبرمجيات، قد نجحت في جمع 80 مليون دولار خلال شهر، في محاولة لتوسيع "مجالات التركيز الحالية" ضمن تقنيات متقدمة تشمل مجالات أبحاث وتطوير منتجات وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

سمات

الأكثر قراءة