«دورا ومدينة الذهب المفقودة» .. من الأدغال إلى المدينة
في زمن تكثر فيه الشخصيات المزيفة، والضحكات المرسومة على وجوه كثير ممن نقابلهم، يقف الفرد حائرا ومستفسرا عن ماهية التصرف في ظل أجواء يسودها التمثيل، ولعل الأفلام من أكثر الوسائل التي تعبر عما يختلج عقولنا، فتأتي واضحة لتضع الإصبع على الجرح، تماما كما حصل في فيلم "دورا ومدينة الذهب المفقودة".
إن إطلاق فيلم دورا في حد ذاته يشكل عنصر جذب لعديد من الكبار وللصغار كافة تقريبا، نظرا إلى الشعبية التي تلقاها هذه الشخصية منذ أن أطلقت استديوهات نكلوديون للرسوم المتحركة حلقات "مغامرات دورا" في عام 2000، وأخذت هذه المغامرات تنتشر وتحصد اهتمام الأطفال وإعجابهم، إلى أن أصبحت شخصية أساسية في الرسوم المتحركة، ولعل الرسائل التي كانت توجهها إلى الأطفال في حلقاتها هي سبب إعجاب الأهل أيضا، فهي كانت تقدم حلقات تثقيفية، تعلم فيها الأطفال وترشدهم إلى الصواب، كعدم السرقة، والابتعاد عن الكذب، وغيرهما كثير من المبادئ التي يجب على كل طفل تعلمها، ما دفع بشركة نيكولوديون الى إصدار فيلم عائلي يضم شخصيات مسلسل "دورا" كافة، لكن مع تعديلات أو بنسخات متطورة، فهل نجح الفيلم في جذب المشاهدين، وهل قدم شيئا جديدا بعيدا عن المسلسل؟!
من الأدغال إلى المدينة
تبدأ الأحداث عندما تكون دورا في العاشرة، تقف لتودع ابن عمها دييجو - يؤدي دوره جيف وولبيرج - الذي سيذهب إلى أمريكا للعيش مع والديه بعد أن استقرا هناك، ثم تمر عشرة أعوام وقد كبرت دورا وأصبحت شابة تتجول وسط الأدغال وتتحدث مع الحيوانات برفقة صديقها القرد "بوتس"، فيقرر والداها أن يذهبا للبحث عن مدينة "باراباتا الإناكينة" المفقودة، ويرسلا ابنتهما للعيش مع جدتها وابن عمها في أمريكا.
تعيش دورا تجربة جديدة مع ركوب الطائرة والانتقال خارج الأدغال للمرة الأولى، حتى تصل إلى منزل عمها في أمريكا، إذ تجد دييجو شابا وسيما تغيرت ملامحه، ويتحتم عليها الذهاب إلى المدرسة الثانوية، لكن عفويتها وطريقة عيشها وسط الغابات تجعلانها محل سخرية زملائها في المدرسة منذ اليوم الأول، وهي لم تبذل أي جهد للتأقلم مع مجتمعها الجديد، بل استمرت على طبيعتها، وهذا سبب لها مشكلات مع دييجو بعد فترة وجيزة.
دورا الصغيرة أصبحت راشدة
منذ انتقالها تبدأ المشاهد الكوميدية تتوارد في الفيلم، فدورا تلك الفتاة الصغيرة التي تحمل حقيبة الظهر وتتسكع في الأدغال أصبحت راشدة وكبيرة وتتسكع في المدينة، تحمل دورا في حقيبة المدرسة معدات البحث والطوارئ والإنقاذ، وفي الفصل الدراسي تدّعي إحدى الفتيات سامي - تؤدي دورها مادلين مادن - أنها باحثة في الآثار وتعرف كل المعلومات عن الحياة في الأدغال، لكن دورا تتفوق عليها بمعلوماتها.
أثناء وجودها في المدينة كانت دورا تتابع مع والديها رحلتهما الاستكشافية، تفقد دورا الاتصال بوالديها اللذين اختفيا لمدة ثلاثة أيام، في هذه الأثناء يحاول دييجو أن يبتعد عنها بسبب تصرفاتها الطفولية، وفي الوقت نفسه تذهب دورا في رحلة مدرسية إلى المتحف الوطني ليجذبها جانب مخصص لقصص الفراعنة والأهرامات، لكنه مغلق ولا يسمح بزيارته.
استكشاف الفراعنة والمومياء
لكن دورا تحاول الوصول إلى هذا الجانب، فالاستكشاف يجري في عروقها، وتلتقي سيدة تعرض عليها المساعدة لرؤية آثار الفراعنة والمومياء، وتلحقها دورا فيلاحظ دييجو والفتاة سامي والمهووس راندي ما تفعله دورا، فيلحقون بها إلى الطابق الأرضي، لكن يتضح لهم أن الأمر مدبر لاختطاف دورا من قبل عصابة للتنقيب عن الآثار بطرق غير شرعية، ويرغبون في معرفة موقع والديها ومدينة الذهب المفقودة.
دورا تتعرض للخطف
تلقي العصابة القبض على دورا ورفاقها، ويوضعون في صندوق ويرسلون إلى المكسيك في حافلة، ويصعد إليها باحث في التاريخ هو إليخاندروا جوتيريز، يدعي أنه صديق والديها ويرغب في مساعدتها للعثور عليهما.
ويتمكن إليخاندروا من إخراج الفتاة وأصدقائها من الصندوق، ويأخذهم إلى سيارته للهرب من العصابة المسلحة التي تطاردهم، فيدخلون إلى الأدغال ويتعرضون لكثير من المواقف التي تجعلهم يكتشفون أن الحياة وسط الأدغال جميلة وتجعلهم أقوياء.
وينتهي الطريق بدورا وزملائها أمام خيارين صعبين، إما أن يقفزوا في الشلال أو ستلقي العصابة القبض عليهم، فتقفز دورا ويلحق بها أصدقاؤها، وعند الوصول إلى اليابسة تجد دورا والديها مختبئين عن العصابات التي تلحقهما للوصول إلى خريطة الطريق إلى مدينة الذهب المفقودة، وفي تلك الأثناء يكشف إليخاندورا عن هويته الأصلية، فهو رئيس العصابة.
ويجبر رئيس العصابة والدي دورا على تعريفه بطريق مدينة الذهب المفقودة، وحين يصل إلى هناك يحتجز هو وأفراد عصابته من قبل حراس المدينة، وينتهي الفيلم بعودة دورا وأسرتها إلى الأدغال، لكنها تفاجئهم برغبتها في العودة إلى أمريكا لاستكمال الدراسة.
مؤثرات بصرية عادية
يحتوى الفيلم على مؤثرات بصرية ليست عالية الجودة، وهناك بعض اللقطات التي أعيد استخدامها، خاصة عندما تتدحرج الشلة في ساق شجرة نحو أسفل تل، هناك أيضا مشهد رقص عند شاشة النهاية، حيث يبدو فيه الأطفال فجأة وكأنهم كبروا عشرة أعوام عما كانوا عليه في بقية الفيلم، لكن الفيلم لا يخلو من بعض المشاهد الجميلة، مثل مدينة الذهب التي صورت بطريقة رائعة، كذلك توجد الزهور السامة، فكانت لوحة جميلة.
إلغاء الشخصيات
أما الأداء التمثيلي فقد كان لا بأس به، ولقد حاول المخرج جايمس بوبين، التركيز على المغامرات بدلا من الشخصيات، وذلك طبيعي كي يعيد الحنين عند المشاهد إلى مسلسل دورا المشهور، لكنه أغفل نقطة مهمة هي الشخصيات التي تختلف بين الأنيميشن والفيلم، وهذا بالطبع لم ولن يعيد أي ذكريات عن الفيلم، فدورا في الفيلم تختلف عن دورا في المسلسل، كذلك الشخصيات تختلف عن بعضها بعضا، لذلك لم ينجح الفيلم في إعادة ذكريات دورا القديمة، بل جاء فيلما مستقلا يستطيع أي مشاهد الاستمتاع به حتى لو أنه لا يعرف المسلسل، حتى إن الشخصيات لم يُركَّز عليها، بل جاء كل التركيز على دورا فقط، لكن الموسيقى التصويرية والديكورات ساعدت على إيجاد حالة من الانسجام للمشاهدين في الحالة العامة التي يقدمها الفيلم، لكنها لم تقدم الشعور الحقيقي للمسلسل.تجدر الإشارة إلى أن إيرادات الفيلم وصلت إلى 92 مليون دولار، منذ طرحه يوم 2 أغسطس في كثير من الدول المختلفة حول العالم، وانقسمت إيرادات الفيلم إلى 58 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، و34 مليون دولار حول العالم.