الخميس, 10 أَبْريل 2025 | 11 شَوّال 1446


بروكسل تمهد الطريق للمصادقة على «بريكست» .. ولندن تعطي 3 إشارات متناقضة

في الوقت، الذي تعطي فيه لندن إشارات متناقضة بشأن ملف "بريكست"، مهدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الطريق أمام البرلمان الأوروبي للمصادقة على الاتفاق، الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لكنها لم تتخذ قرارا بشأن طلب تأجيل الخروج لما بعد الموعد المقرر له في 31 تشرين الأول (أكتوبر).
وبحسب "الألمانية"، وجد الأوروبيون أنفسهم اليوم أمام ثلاث رسائل متناقضة، تقول جميعها الأمر ونقيضه، في حين لا يزال هناك أقل من أسبوعين لتجنب خروج دون اتفاق يثير قلق الأوساط الاقتصادية.
وتطلب الرسالة الأولى، التي لم يوقعها جونسون، إرجاء موعد "بريكست" ثلاثة أشهر، وفي الرسالة الثانية يؤكد رئيس الوزراء أنه لا يريد التأجيل. أما الرسالة الثالثة، التي أرسلها تيم بارو السفير البريطاني لدى الاتحاد الأوروبي، فتشير إلى أن الإرجاء لم يطلب إلا امتثالا للقانون.
وذكر مايكل جوف أقرب مساعدي جونسون أنه على الرغم من هذا الطلب "سنخرج في 31 أكتوبر. نملك الوسائل والمهارة لتحقيق ذلك.. نعرف أن الاتحاد الأوروبي يريد أن نخرج ولدينا اتفاق يسمح بتحقيق ذلك".
ونقلت الوكالة عن مصادر دبلوماسية، طلبت عدم ذكر أسمائها، أن سفراء الاتحاد الأوروبي أطلقوا رسميا عملية المصادقة على الاتفاق، خلال اجتماع قصير مع ميشيل بارنييه كبير مفاوضي ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وذكر مصدر دبلوماسي أنه تم إطلاع السفراء على طلب التأجيل، الذي تم تقديمه الليلة الماضية، ولفت إلى أن دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي سيجري على مدار الأيام القادمة مشاورات مع قادة الاتحاد الأوروبي بشأن الطلب، مع الأخذ في الاعتبار "التطورات في الجانب البريطاني".
وأفاد مصدر آخر بالاتحاد الأوروبي أن الوضع في بريطانيا "غير واضح للغاية"، مشيرا إلى أن التكتل لا يريد اتخاذ قرار بشأن التأجيل ثم يجد البرلمان البريطاني قد صادق على الاتفاق.
وأضاف أنه "ليس مستبعدا" أن يتمكن الجانبان من استكمال عملية المصادقة قبل الـ31 من تشرين الأول (أكتوبر)، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه قد يكون هناك تأجيل "تقني" لاستكمال العملية.
ورفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات الاتفاق، الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.
وصوت مجلس العموم البريطاني بأغلبية 322 صوتا مقابل 306 السبت الماضي على تأجيل تصويته الحاسم بشأن اتفاق "بريكست" الذي تم التوصل إليه يوم الخميس الماضي بين لندن وبروكسل.
ويتعين مصادقة نواب بريطانيا وأوروبا على الاتفاق المعدل قبل الـ31 من الشهر الجاري لضمان انسحاب منظم من الاتحاد.
وقبل11 يوما من الموعد الأخير لـ"بريكست"، أكدت حكومة بوريس جونسون أنها قادرة على احترام وعدها بالخروج الأوروبي في 31 تشرين الأول (أكتوبر)، على الرغم من الغموض الذي أثاره توجيه رسالة إلى المفوضية الأوروبية لطلب إرجاء موعد الانفصال.
وكان يفترض أن يوضح تصويت نواب البرلمان البريطاني على الاتفاق، الوضع بعد أكثر من ثلاثة أعوام من استفتاء 2016، إلا أن النتيجة كانت إرجاء القرار عبر تبني تعديل يمنحهم مزيدا من الوقت لمناقشة النص والتصويت عليه.
وفي بروكسل، صرح دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي أنه "بدأ مشاورة قادة الاتحاد الأوروبي حول طريقة التحرك بعدما تحدث هاتفيا إلى جونسون، وذكر مصدر أوروبي أن المشاورات ربما تستمر بضعة أيام".
وأفادت الحكومة البريطانية أن رئيس الوزراء تحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فيما أعلنت الرئاسة الفرنسية أن "مهلة إضافية ليست في مصلحة أحد".
ورأى جيريمي كوربن، زعيم المعارضة العمالية أنه انتصار، مضيفا "أن جونسون أرغم على الخضوع للقانون، اتفاقه المدمر هزم".
وأقر القانون، الذي أرغم جونسون على طلب هذا التأجيل، في أيلول (سبتمبر) لتجنب حصول "بريكست دون اتفاق"، وينص على أنه في حال لم يصادق البرلمان على أي اتفاق للخروج بحلول 19 تشرين الأول (أكتوبر)، ينبغي على رئيس الوزراء طلب إرجاء موعد "بريكست" حتى 31 كانون الثاني (يناير) 2020.
وكان يأمل جونسون الإفلات من هذا القانون عبر المصادقة على الاتفاق الجديد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، الذي انتزعه الأسبوع الماضي في بروكسل، على عكس التوقعات، لكن مجلس العموم أرغمه السبت الماضي على الامتثال للقانون عبر إرجاء التصويت على الاتفاق.
وأشار النائب جون ماكدونيل المكلف بالمسائل الاقتصادية في حزب العمال، إلى أن بوريس جونسون "يسعى إلى تقويض الرسالة الأولى" التي تطلب إرجاء، عبر إرسال "رسالة أخرى تناقضها".
وأضاف "إنها مسرحية إلى حد ما.. لكنها أيضا أمر أساسي" معتبرا أن جونسون ليس جديرا بالثقة. من جهتها، انتقدت الصحف البريطانية المحافظة البرلمان، وكتبت صحيفة "ذي ميل أون صانداي" "اليوم، كان يمكن للمملكة المتحدة أن تبدأ بالشفاء عبر إنهاء المرحلة الدقيقة لـ"بريكست". لكن بدلا من ذلك، أخضعنا النواب إلى إرجاء يجعلنا نحتضر أكثر، وتساءلت صحيفة "ذي صانداي تلجراف" "لماذا لا يتركوننا نغادر؟".
وتلقى مئات آلاف المتظاهرين المؤيدين لأوروبا، بحسب تقديرات وسائل إعلام بريطانية، الخبر بهتافات البهجة أثناء سيرهم في شوارع لندن مطالبين باستفتاء جديد.
وكتب جونسون في رسالته إلى توسك أن "إرجاء جديدا سيكون مدمرا لمصالح المملكة المتحدة وشركائنا الأوروبيين، وكذلك لعلاقاتنا. ويجب قيادة هذه العملية إلى نهايتها".
وحذر جونسون من أنه لا ينوي "التفاوض" بشأن إرجاء مع الاتحاد الأوروبي وأكد أنه سيقدم "الأسبوع المقبل" في البرلمان القانون اللازم لتطبيق اتفاق "بريكست".
وفي ظل عدم تبني أي اتفاق، تواجه المملكة المتحدة احتمال حصول "بريكست دون اتفاق"، ما يثير قلق الأوساط الاقتصادية التي تخشى حصول فوضى على الحدود ونقص في المواد الغذائية والأدوية وارتفاع في الأسعار وحتى ركود.

سمات

الأكثر قراءة