تقرير: 75 % من تعهدات «اتفاق باريس» غير كافية لإبطاء تغير المناخ
نحو 75 في المائة من تعهدات 184 دولة في اتفاق باريس للمناخ، عدت غير كافية لإبطاء تغير المناخ، فقط 28 دولة في الاتحاد الأوروبي وسبع أخرى ستخفض الانبعاثات 40 في المائة على الأقل بحلول 2030.
الصين والهند، هما من كبار الباعثين للغازات المضرة بالمناخ، ستقللان من كثافة الانبعاثات، لكن انبعاثاتهما ستزيد، الولايات المتحدة، هي ثاني أعلى باعث للغازات، تسير بطريق معكوس في سياسات مكافحة تغير المناخ، حيث إن نحو 70 في المائة من التعهدات تعتمد على تمويل من الدول الغنية لتنفيذ سياساتها. لكن مسؤوليات الدول في هذا الإخفاق غير متساوية.
هذا هو جوهر تقرير الصندوق الإيكولوجي العالمي، وهو منظمة غير حكومية أمريكية، تسعى إلى زيادة الوعي الذي يشجع على اتخاذ إجراءات من خلال البحث عن المعلومات المتعلقة بالتغيرات المناخية وتحليلها وإنتاجها ونشرها. تقرير "الحقيقة الكامنة وراء التعهدات المتعلقة بالمناخ"، يفحص بقدر كبير من التفصيل التعهدات الطوعية الـ184 بموجب اتفاق باريس، وهو أول جهد عالمي جماعي للتصدي لتغير المناخ.
يقول التقرير الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه في وقت مبكر قبل صدوره، إن ما نحو ثلاثة أرباع التعهدات المتعلقة بالمناخ الـ184 بموجب اتفاق باريس الرامي إلى كبح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري غير كافية لإبطاء تغير المناخ، وستواصل بعض أكبر الدول المسببة للانبعاثات في العالم زيادة الانبعاثات، وفقا لفريق من أكبر علماء المناخ. هذه الانبعاثات المتزايدة للاحتباس الحراري هي التي تدفع بتغير المناخ.
واستنادا إلى التقرير والمؤلفين المشاركين فيه، فإن "الكارثة البيئية والاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان في الأفق. لتحقيق هدف اتفاق باريس الأكثر طموحا للحفاظ على الاحترار العالمي، عند أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، يتطلب الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بـ50 في المائة بحلول 2030.
ويبين تحليل للالتزامات الحالية بخفض الانبعاثات بين 2020 و2030، أن 75 في المائة من التعهدات المتعلقة بالمناخ غير كافية جزئيا أو كليا للمساهمة في خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحدود 50 في المائة في 2030، ومن غير المرجح أن يتحقق بعض هذه التعهدات.
ومن التعهدات الـ184 المتعلقة بالمناخ المنفذة، أعتبر 36 كافيا (19 في المائة) على أساس التزامات بخفض الانبعاثات 40 في المائة على الأقل بحلول 2030، و12 كافيا جزئيا (6 في المائة) على أساس التزامات بخفض الانبعاثات بين 40 و20 في المائة بحدود 2030، و8 غير كافية جزئيا (10 في المائة)، و128 غير كافية كليا (65 في المائة). ونظرا لأن تعهدات المناخ طوعية، فإن الجوانب التقنية والثغرات والظروف لا تزال تؤجل العمل العالمي الحاسم للحد من الانبعاثات والتصدي لتغير المناخ. يقول الدكتور، جيمس مكارثي، أستاذ علم المحيطات في جامعة هارفارد ومؤلف مشارك للتقرير، "استنادا إلى تحليلنا الدقيق للتعهدات المتعلقة بالمناخ، من السذاجة توقع الجهود الحكومية الحالية ستقلص تغير المناخ بشكل كبير".
وأضاف أن الإخفاق في خفض الانبعاثات بشكل جذري وسريع سيؤدي إلى كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان".
وذكر التقرير أنه يتعين على جميع البلدان أن تخفض الانبعاثات للوفاء بأهداف اتفاق باريس، وإن لم تكن جميع البلدان على القدر نفسه من المسؤولية في التسبب في الاحتباس الحراري، وسجل الانبعاثات التاريخية، والانبعاثات الحالية لكل شخص. وتمثل الانبعاثات الناتجة عن أعلى أربعة انبعاثات -أو أعلى أربع دول- 56 في المائة من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية: الصين (26.8 في المائة)، الولايات المتحدة (13.1 في المائة)، الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء الـ28 (9 في المائة)، الهند (7 في المائة)، وروسيا (4.6 في المائة).
ويبين التحليل تعهدات كل دولة، إذ من المتوقع أن تفي الصين، وهي أكبر باعث للانبعاثات، بتعهدها "بخفض كثافة الكربون بحدود 60 و65 في المائة عن مستويات 2005 بحلول 2030". بيد أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين زادت 80 في المائة بين 2005 و2018 ومن المتوقع مواصلة الزيادة في العقد المقبل بالنظر إلى معدل النمو الاقتصادي المتوقع.
ومن الناحية التاريخية، كانت انبعاثات الصين أقل بكثير من معظم البلدان الصناعية. ومنذ 1990، زادت انبعاثاتها الكربونية للفرد بمقدار أربعة أمثال، لتصل إلى ثمانية أطنان من ثاني أكسيد الكربون للفرد سنويا في 2018.
وفي تعهدها، تذكر الصين أيضا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون "ستبلغ ذروتها نحو 2030”. بالتالي، فإن الاتجاه المتزايد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سيستمر لمدة عقد إضافي واحد على الأقل. كما تعتزم الصين في تعهدها زيادة حصة المصادر غير الأحفورية في استخدام الطاقة الأولية إلى نحو 20 في المائة. في 2017، استأثرت المصادر غير الأحفورية 14 في المائة من الطاقة الأولية في الصين، 2 في المائة النووية، 8 في المائة الكهرومائية و4 في المائة الطاقة المتجددة. وقد زاد الاستخدام المحلي لمصادر الطاقة المتجددة في الصين زيادة كبيرة بأكثر من ستة أضعاف منذ 2010. ويخلص التقرير إلى أن تعهد الصين غير كافٍ للمساهمة في خفض الانبعاثات العالمية 50 في المائة في 2030. أما الولايات المتحدة، هي أكبر اقتصاد في العالم. وعلى الصعيد العالمي، تعد ثاني أكبر باعث لغازات الدفيئة وثاني أكسيد الكربون، حيث تستأثر بنحو 13 و14 في المائة على التوالي. وتعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الأمريكي الواحد من بين أعلى الانبعاثات على الصعيد العالمي، إذ تصل سنويا 16 طنا، وهذا يعني أن كل شخص في الولايات المتحدة يبعث ضعف ما يبعثه شخص في ماليزيا، أو أربع مرات لشخص في المكسيك.
وفي 2015 التزمت الولايات المتحدة بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بـ26 و28 في المائة عن مستويات 2005 بحدود 2025 ". إلا أن الإدارة الحالية أعلنت في 2017 انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس وخفضت الأنظمة الاتحادية التي تهدف إلى كبح الانبعاثات الكربونية.
وطالما لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة باتفاقية باريس لغاية 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، تسعى الجهود الحكومية والمحلية إلى الوفاء بتعهد الولايات المتحدة. وتقود الولايات في جميع أنحاء البلاد عملية انتقال الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، أيوا، داكوتا الجنوبية، وكانساس تولد نحو 30 في المائة من الكهرباء من الرياح. وتنتج كاليفورنيا وهاواي وفيرمونت نحو 10 في المائة من الطاقة الشمسية. وتنتقل المدن أيضا إلى مصادر الطاقة المتجددة. وقد التزمت أكثر من 130 مدينة بالكهرباء المتجددة بنسبة 100 في المائة. وقد حققت ست مدن صغيرة بالفعل هذا الهدف.
ويجري أيضا تنفيذ حملة أخرى على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بإحالتها على التقاعد. وقد تقاعد أكثر من نصف محطات توليد الطاقة الـ530 التي تعمل بالفحم أو سيتم إحالتها على التقاعد في 2030. وويرى التقرير أنه إذا أخفقت الدول في خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف بحلول العقد المقبل، فإن عدد الأعاصير والعواصف الشديدة وحرائق البراري والجفاف يرجح أن يتضاعف عددها وكثافتها وخسائرها الاقتصادية. التكلفة: مليارا دولار في اليوم بحلول 2030، وهو ثمن لا يستطيع العالم تحمله.