تنفيذ العولمة بسلام يؤدي إلى رخاء «2 من 3»
أدى عصر العولمة إلى تحولات سريعة في مواقع النشاط الاقتصادي. ففي عام 1990، كانت نسبة ناتج الاقتصادات مرتفعة الدخل إلى الناتج العالمي بتعادل القوى الشرائية "سعر تحويل العملة الذي يؤدي إلى شراء الكمية نفسها من السلع والخدمات في كل بلد" قدرها 70 في المائة، يسهم الاتحاد الأوروبي بنسبة 28 في المائة منها والولايات المتحدة بنسبة 25 في المائة. وبحلول عام 2019، سينخفض هذا المجموع إلى 46 في المائة وفقا لصندوق النقد الدولي.
وعلى مدار الفترة نفسها، من المتوقع أن ترتفع نسبة الصين من 4 إلى 18 في المائة والهند من 3 إلى 7 في المائة. والنمو السريع لأكثر اقتصادات الأسواق الصاعدة نجاحا، والذي تسبب في هذا التحول، لم يكن ليحدث دون الوصول إلى التجارة والمعرفة اللتين توفرهما العولمة.
وحدثت درجة من التقارب أيضا في مستويات المعيشة. ومن المتوقع أن يزيد نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في الصين مقارنة بنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة من 2 في المائة في عام 1980 إلى 24 في المائة في عام 2019. وهذا أداء استثنائي بكل المقاييس. وقد أصبحت الصين من البلدان متوسطة الدخل وسيكون نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في الصين أعلى من نظيره في البرازيل بحلول عام 2019 بتعادل القوى الشرائية. وسجلت الهند أيضا درجة من التقارب وإن كانت أكثر تواضعا. وحققت إندونيسيا وتركيا نتائج طيبة كذلك. ولكن من المتوقع أن تكون البرازيل والمكسيك أكثر فقرا بالنسبة إلى الولايات المتحدة في عام 2019 مقارنة بالوضع الذي كان سائدا في عام 1980. ويبدو أن اغتنام الفرص التي تتيحها العولمة ليس بالسهل.
وجاء عصر العولمة بانخفاض ضخم على مستوى الفقر الجماعي، ويعزى ذلك مرة أخرى إلى حد كبير إلى الصين. وفي شرق آسيا والمحيط الهادئ، انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم "بتعادل القوى الشرائية" بشكل مدهش من 77 في المائة في عام 1981 إلى 14 في المائة في عام 2008 البنك الدولي 2014. وفي جنوب آسيا، انخفضت نسبة السكان الذين يعانون الفقر المدقع من 61 في المائة في عام 1981 إلى 36 في المائة في عام 2008. ولكن في إفريقيا جنوب الصحراء، بلغت نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع 51 في المائة في عام 1981 وظلت عند 49 في المائة في عام 2008.
وأخيرا ارتبطت العولمة بتحولات معقدة في توزيع الدخول عبر البلدان وداخلها. وتشير دراسة Branko Milanovic 2012 للبنك الدولي إلى أن درجة عدم المساواة بين الأفراد عبر العالم ظلت ثابتة إلى حد ما في عصر العولمة، وزاد عدم المساواة داخل معظم البلدان ما عوض نجاح بعض الاقتصادات الصاعدة الكبيرة في رفع متوسط دخولها مقارنة بالدخل في البلدان الغنية. وتشير الدراسة أيضا إلى أن أصحاب أعلى 5 في المائة من توزيع الدخل العالمي تمتعوا بزيادات كبيرة في الدخل الحقيقي في حين تمتع أصحاب أعلى 1 في المائة بزيادات كبيرة جدا وذلك في الفترة بين عامي 1988 و2008.
وحقق الأشخاص الذين يقعون في المئين 10 إلى المئين 70 من أسفل زيادة طيبة أيضا. غير أن هناك مجموعتين حققتا نتائج سيئة نسبيا، وهما أدنى 10 في المائة، أي أفقر فقراء العالم، والذين يقعون في المئين 70 إلى المئين 95 من أسفل ويمثلون فئات الدخل المتوسط في البلدان مرتفعة الدخل. وبالتالي، فإن الارتفاع المفيد عالميا في الدخول الحقيقية ارتبط بزيادة عدم المساواة في عديد من البلدان مرتفعة الدخل.
وتفسيرات ذلك معقدة، ولكن من المؤكد أن العولمة كانت من بينها.
ولكن ما الذي يمكن أن يلوح في الأفق؟
ستواصل التكنولوجيا دفع التكامل. وقريبا، من المرجح امتلاك الأشخاص البالغين تقريبا وعديد من الأطفال جهازا متنقلا ذكيا يوفر إمكانية الوصول الفوري إلى جميع المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت. وستجعل التكنولوجيا نقل جميع الأشياء التي يمكن تحويلها إلى شكل رقمي مثل المعلومات والمعاملات المالية والترفيه وأكثر من ذلك بكثير دون تكاليف تقريبا. ومن المؤكد حدوث زيادة هائلة في مجال تبادل المعلومات.
وبينما تحقق بعض مجالات التكنولوجيا قفزات، هناك مجالات أخرى لا تؤدي فيها التكنولوجيا إلى انخفاضات بالقدر نفسه في التكاليف مثل نقل السلع والأشخاص. ويشير ذلك إلى أن التقدم التكنولوجي سيفتح فرصا أكبر بكثير لتجارة الأفكار والمعلومات عن السلع أو الأشخاص.
وهناك شكوك أكبر حول مستقبل المؤسسات والسياسات. وربما يكون أوضح مثال على إخفاق المؤسسات والسياسات هو تحرير وعولمة التمويل. فقد حدثت 147 أزمة مصرفية في الفترة من 1970 إلى 2011 دراسة Laeven and Valencia 2012 وكان لبعضها انعكاسات عالمية، خاصة الأزمة الآسيوية في الفترة 1997 - 1998 والركود الكبير في الفترة 2008 - 2009 والأزمة اللاحقة في منطقة اليورو. وكانت لهذه الصدمات تكاليف اقتصادية ومالية ضخمة.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لجعل النظام المالي أكثر قوة والتنظيم والإشراف أكثر فاعلية، فإن النجاح لا يزال غير مؤكد... يتبع.