زعيم حزب العمال البريطاني أمام مستودع لـ"أمازون": سنتصدى لغش الشركات المتعددة الجنسيات
تعهد حزب العمال البريطاني المعارض خلال تجمع انتخابي أمام مستودع تابع لشركة أمازون اليوم باستهداف الشركات متعددة الجنسيات، التي يتهمها بالتهرب الضريبي وخداع العمال، فيما يتعلق بالأجور إذا فاز في الانتخابات العامة الشهر المقبل.
وبحسب "رويترز"، كشف حزب العمال في بيانه الرسمي عن خطة لإنفاق نحو 83 مليار جنيه استرليني (106 مليارات دولار) على برنامج تأميم واسع النطاق وخدمات عامة مجانية تمول من عائدات ضريبية من أصحاب الدخل المرتفع والشركات.
ويقول الحزب إن برنامج "الضريبة العادلة" سيضمن أن تدفع الشركات في الحي المالي في منطقة لندن والشركات الكبرى ومن يتهربون من الضرائب نصيبهم.
وذكر جيريمي كوربين، زعيم الحزب أمام مستودع أمازون في يوركشير شمال إنجلترا أن "الشركات الضخمة متعددة الجنسيات تتصرف في العادة كما لو أن القواعد، التي نلتزم بها جميعا لا تنطبق عليها. تستغل هذه الشركات الثغرات لادعاء أنها يجب ألا تدفع ضرائب، ومن السخرية أنها تستنزف عمالها لأقصى حد".
وتقول شركة أمازون إن ما يدعيه كوربين لا أساس له من الصحة، وأفاد متحدث باسم الشركة في بيان بأن "الحكومة صاغت قوانين الضرائب بهدف تشجيع الاستثمار.. ونحن نستثمر مبالغ ضخمة في توفير فرص عمل وإنشاء بنية تحتية في أنحاء المملكة المتحدة .. أكثر من 18 مليار جنيه استرليني (23 مليار دولار) منذ 2010".
وأوضح جيمس كليفرلي، رئيس حزب المحافظين، أن "جيريمي كوربين ينتقد الشركات لأنه يائس ليصرف الانتباه عن أنه ليس لديه خطة يعتد بها لتنفيذ بريكست"، في إشارة لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وأشار زعيم المعارضة البريطانية إلى أنه سيبقى "محايدا" في حال إجراء استفتاء جديد حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي يريد تنظيمه إذا تولى السلطة نتيجة انتخابات الشهر المقبل.
وتابع: "سأتخذ موقفا محايدا كرئيس للوزراء حتى أتمكن من تنفيذ النتيجة بمصداقية وجمع بلدنا معا بدلا من متابعة نقاش لا ينتهي حول الاتحاد الأوروبي وبريكست".
ويعد هذا أوضح موقف لزعيم حزب العمال، الذي تعرض لانتقادات شديدة لرفضه تحديد خياره في حال إجراء استفتاء ثان.
وأضاف كوربين: "دوري ودور حكومتنا سيكون ضمان إجراء هذا الاستفتاء وسط أجواء جيدة وسنلتزم بالنتيجة" في إشارة إلى الانقسامات العميقة الناجمة عن استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، حين أيد 52 في المائة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويأمل بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، الذي يعد حزبه المحافظ الأوفر حظا الفوز في الانتخابات، التي ستجري في 12 كانون الأول (ديسمبر) ما سيسمح بالمصادقة على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تفاوض حوله مع هذا التكتل الأوروبي.
وعلى الرغم من أن العمال ما زالوا حتى اللحظة في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بفارق كبير مع حزب المحافظين، وبعيدين من الوصول إلى رئاسة الحكومة البريطانية، لكن التساؤل المطروح، هو عن ماهية إيجابيات وسلبيات خطط حزب العمال المعارض لإعادة تلك القطاعات إلى الدولة؟
وخصخصت القطاعات الخدماتية في بريطانيا خلال عهد مارجريرت تاتشر التي يعود وصولها للسلطة 1979 بدرجة كبيرة لاستياء البريطانيين بعد سلسلة من الإضرابات، من الخدمات العامة الممسوكة حينها بيد الدولة.
وقد يبدو لذلك التصميم على تأميم القطاعات الخدماتية في بريطانيا بمنزلة العودة إلى الوراء 40 عاما، لكن عمليات الخصخصة كافة التي تمت في العقود الأخيرة لم تسر، كما كان متوقعا.
ففي قطاع المياه على سبيل المثال، يجري انتقاد "المدفوعات الزائدة إلى المساهمين، والديون المتراكمة، وضعف صيانة الشبكة" الذي ترجم بتسربات ضخمة للمياه، وفق ما يلحظ جوناثان بورتس، أستاذ السياسات العامة في جامعة كنجز كولدج في لندن.
وتشكل هذه الإخفاقات، إضافة إلى غياب المنافسة بنظر المستهلكين، "حججا قوية لتأميم" القطاع.
أما بالنسبة للإنترنت الفائق السرعة، فإن الشبكة تعمل بشكل سيئ في معظم المناطق خارج لندن، ما يضر بالنشاط المحلي.
وتعاني القطارات تأخيرات متكررة وأسعارا مرتفعة، كما أن الشكاوى شبه يومية، علما أن قطاع سكك الحديد يستفيد من إعانات باهظة.
ودأب جونسون على انتقاد مشاريع العماليين "ذات التكاليف غير المسؤولة التي ستضرب الاقتصاد البريطاني".
ويقول حزب العمال إنه سيمول برنامجه عبر زيادة الضرائب على الأكثر ثراء وعلى الشركات، لكن إعادة شراء الشركات المعنية (أوبن ريتش للاتصالات ورويال مايل للبريد)، ستؤدي دون شك إلى ارتفاع كبير في الدين العام.
وأثار أصحاب العمل من جهتهم خطر تسرب الاستثمارات بوجه التهديد بتأميمات جديدة قد تؤدي إلى الإضرار بمصالح المساهمين.
ويرى جوناثان بورتس، أستاذ السياسات العامة في جامعة كنجز كولدج في لندن، أن على العمال أن يثبتوا، خصوصا في مسألة سكك الحديد، أن "لديهم خطة لتنظيم القطاع إذا أعيد تأميمه"، وإذا لم يفعلوا، فسيبرز خطر وقوع اضطرابات خطيرة في شبكة تشهد أصلا مشكلات.
ويطرح الاقتصاديون نقاط استفهام أيضا حول خطط تأميم شركة "رويال مايل" في وقت لم يعد فيه رائجا إرسال رسائل عبر البريد.
ويعد جون فان، رينين الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد أن الوعود الانتخابية للعمال تركز على المدى القصير وتقوض النقاش الموضوعي حول الاستثمارات الهيكلية.
ويعتقد فان رينين أن "النقاش حول العام مقابل الخاص ليس في محله"، موضحا أن ما هو أكثر أهمية في هذا الإطار ليس من يملك القطاع.
ويلحظ أن في أغلب الأحيان طريقة التنظيم هي التي تؤدي إلى حل المشكلة.
ولكي يستفيد الجميع من إنترنت عالي السرعة مجاني أو منخفض التكلفة، يكفي دفع "إعانات مرتفعة" والإشراف على المشغل الخاص الحالي، بدلا من تأميمه، وفق بورتس.
وفي مجال الكهرباء، ولوضع حد للتجاوزات، أعادت الحكومة من جديد فرض "حدود على الأسعار".
ويستنتج فان رينين أن "السؤال هو، هل نريد مزيدا من المنافسة؟ وكيف يمكن تجيير استثمارات طويلة المدى؟"، خصوصا "هل سيكون لذلك نتيجة أفضل بالنسبة للمستهلكين؟"