محللون: السوق النفطية ستواجه فائض معروض في 2020 رغم التباطؤ الأمريكي

محللون: السوق النفطية ستواجه فائض معروض في 2020 رغم التباطؤ الأمريكي

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع مع تجدد الآمال في التوصل إلى اتفاق ينهي النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعد تطورات إيجابية وتصريحات داعمة صدرت عن كبار المسؤولين في البلدين.
وتتلقى الأسعار دعما من توقعات تراجع المخزونات الأمريكية هذا الأسبوع، واقتراب موعد الاجتماع الوزاري الموسع لدول "أوبك" وخارجها في فيينا يومي 5 و6 ديسمبر المقبل، الذي من المتوقع أن يشهد توافقا جديدا من المنتجين على دعم وتعميق خطة خفض المعروض العالمي من النفط الخام لتحقيق مزيد من التوازن وتماسك الأسعار.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إن أغلب التوقعات تذهب إلى حدوث فائض في المعروض من النفط العام المقبل، حيث لن يكون الأمر قاصرا على إمدادات النفط الأمريكي، بل توجد توقعات بإمدادات أخرى من دول مثل البرازيل والنرويج وجيانا، ولكن نمو الإنتاج الأمريكي تحديدا موضع شكوك في ضوء تباطؤ أنشطة الحفر وتعثر تمويل المشروعات الجديدة.
وأشار المختصون إلى أن وتيرة نمو الإمدادات الأمريكية تتجه إلى التباطؤ بشكل ملحوظ، حيث تشير البيانات والتقارير الدولية إلى أن الولايات المتحدة أضافت نحو مليوني برميل يوميا في العام الماضي 2018، بينما اقتصر الأمر على بضع مئات من آلاف البراميل يوميا في 2019 وتحديدا في الفترة من يناير إلى أغسطس.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن الجميع ينتظر خطوة تحالف المنتجين "أوبك+" المقبلة في اجتماع ديسمبر خاصة إذا استمرت حالة التفاؤل الحالية بإحراز مزيد من التقدم في مفاوضات التجارة مع توقع التوصل إلى صفقة جزئية قبل حلول منتصف الشهر المقبل.
وأوضح أن أهم التحديات، التي تواجه "أوبك" في هذه المرحلة هو مخاوف التباطؤ الاقتصادي وانكماش الطلب، التي تأتي مع وفرة جيدة من الإمدادات تلوح في الأفق بقيادة الإنتاج الأمريكي، لافتا إلى أن السوق قد تحتاج إلى إجراءات أكثر قوة من مجرد تمديد اتفاق خفض الإنتاج أو حث الدول الأقل التزاما بخفض الإنتاج على رفع مستويات المطابقة.
من جانبه، قال ألكسندر بوجل، المحلل في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية للطاقة، إن التقدم في مفاوضات التجارة جدد الآمال وعزز الحالة المعنوية الإيجابية في السوق وسط مؤشرات جادة وحقيقية عن ذوبان الجليد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي يمكن أن توفر بعض أجواء داعمة بقوة لنمو الاقتصاد العالمي.
وذكر أنه لا تزال المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي قائمة، حيث حذر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيتباطأ إلى 2.9 في المائة فقط هذا العام وسيظل ضمن نطاق يراوح بين 2.9 و3.0 في المائة حتى 2021، معتبرا أن هذا هو أضعف معدل نمو منذ عقد، وهو منخفض بشكل حاد عن 3.8 في المائة، الذي شهده العام الماضي.
من ناحيته، أوضح بيتر باخر، المحلل ومختص الشؤون القانونية في قطاع الطاقة، أن الحرب التجارية أضرت كثيرا بتوقعات نمو الاقتصاد العالمي وأثرت في سوق النفط الخام بشكل خاص ورغم التطورات الإيجابية من حين إلى آخر إلا أنه لا يمكن إنكار أنه لا تزال هناك احتمالية أن تنهار المحادثات، وأن تستمر الحرب التجارية أو حتى تزداد سوءا.
وذكر أن النفط والغاز سيستمران في الهيمنة على مزيج الطاقة، حيث تصل نسبة الوقود الأحفوري حاليا نحو 80 في المائة في مزيج الطاقة العالمي، وخلال الأعوام المقبلة من المتوقع أن يتزايد الاعتماد على موارد الطاقة المتجددة بوتيرة سريعة، ولكن ستبقى للنفط والغاز حصة تتجاوز 50 في المائة.
بدروها، قالت أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، إن استمرار بناء المخزونات يؤثر في أسعار النفط الخام ويعكس عدم نمو الطلب إلى المستويات الصحية الملائمة لتوازن العرض والطلب، خاصة في ضوء توقع موجة جديدة واسعة من الإمدادات النفطية في الأمد القريب.
وأشارت إلى عمق الشراكة التجارية في النفط الخام بين السعودية وهي أكبر منتج في "أوبك" وبين الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد مستهلك للطاقة، لافتة إلى البيانات الحديثة، التي تشير إلى ارتفاع واردات الصين من النفط الخام السعودي 76.3 في المائة في أكتوبر بفعل زيادة الطلب، موضحة أن السعودية احتلت مركزها كأكبر مورد للصين وتحرص دوما على تعزيز الحوار بين منظمة "أوبك" والصين.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط اليوم، إذ أحيت أحاديث إيجابية من واشنطن الآمال في الأسواق العالمية في إمكانية توقيع الولايات المتحدة والصين قريبا اتفاق تجارة مرحليا لإنهاء حربهما التجارية المريرة.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام غرب تكساس الوسيط 18 سنتا، بما يعادل 0.31 في المائة، إلى 57.95 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:26 بتوقيت جرينتش، وذلك بعد أن أنهى الأسبوع الماضي على تغير طفيف بعد أن اقتفي أثر محادثات التجارة صعودا وهبوطا.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 27 سنتا، أو 0.43 في المائة، إلى 63.66 دولار للبرميل بعدما أنهت أيضا الأسبوع الماضي دون تغير يذكر.
وقال مايكل مكارثي، رئيس استراتيجيات الأسواق لدى "سي.إم.سي" في سيدني "لا يزال الأمر برمته يتعلق بمحادثات التجارة.. يبدو أنها تهيمن على حركة الأسواق في الوقت الراهن".
جاء صعود الأسعار عند الفتح في أعقاب قول مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين السبت الماضي إنه ما زال من الممكن التوصل إلى اتفاق تجارة أولي مع الصين بنهاية العام.
وفي اليوم السابق، عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج عن الرغبة في توقيع اتفاق تجارة أولي ونزع فتيل الحرب الممتدة منذ 16 شهرا، ونجم عنها تراجع النمو العالمي، وذلك على الرغم من أن ترمب قال إنه لم يقرر بعد ما إذا كان يريد إتمام اتفاق، بينما قال شي إنه لن يخشى الرد إذا اقتضت الضرورة.
وذكر مكارثي أن تحركا من جانب الصين لحماية الملكية الفكرية يقدم أيضا مناخا داعما لمحادثات التجارة.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 64.56 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 63.68 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 63.12 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة