السوق النفطية تترقب توصيات الخبراء في "أوبك" للتغلب على وفرة المعروض
تنطلق غدا أعمال الاجتماع الفني لخبراء الدول المنتجة في "أوبك" وخارجها لبحث وضع السوق النفطية ورفع التوصيات إلى الاجتماع الوزاري للمنتجين في "أوبك" وخارجها في نهاية الأسبوع الجاري في مقر المنظمة الدولية في فيينا.
وتتضمن التوصيات الفنية في الأساس تقييما لاتفاق وفاعلية خفض الإنتاج ومدى الحاجة إلى إجراءات إضافية لدعم السوق في العام المقبل.
يأتي ذلك فيما استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع مؤثر بسبب اقتراب موعد الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك" الخميس المقبل واجتماع دول "أوبك" وخارجها يوم الجمعة لمراجعة تطورات السوق وسط توقعات قوية بتعميق مستوى التخفيضات الإنتاجية الحالية، التي تقدر بـ1.2 مليون برميل يوميا.
كما تلقت الأسعار دعما جيدا من زيادة نشاط التصنيع في الصين وارتفاع الطلب على الوقود وهو ما بث أجواء إيجابية تعزز توقعات رواج الصناعة وتعافي مستويات الطلب في ثاني أكبر اقتصاد مستهلك للطاقة على مستوى العالم.
ويضاف إلى العوامل الإيجابية توقعات حدوث انفراجة في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين بالتوصل إلى اتفاق محتمل ينهي النزاعات التجارية أو يخفف حدتها قبل حلول منتصف الشهر الجاري.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن "أوبك" وحلفاءها في الاجتماع الوزاري المقبل سيعملون على التوصل إلى أفضل الآليات، التي تمكن من التغلب على وفرة المعروض التي تلوح في الأفق مع بداية العام الجديد، التي يقودها الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري إلى جانب دول أخرى من خارج إعلان التعاون.
وأشاروا إلى أن الزيادات غير المتوقعة في الإمدادات تتطلب دورا أكبر في السوق من قبل المنتجين التقليديين لمنع الانزلاق إلى موجة جديدة من تراجع الأسعار.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن توازن السوق هو المهمة الأثقل التي تواجه المنتجين في الاجتماع المرتقب.
وذكر أن أغلب التوقعات تصب في مصلحة تعميق مستويات تخفيضات الإنتاج بنحو 400 ألف برميل يوميا– وهو ما أعلنته العراق أخيرا– وسيرفع ذلك حجم التخفيضات الإنتاجية إلى 1.6 مليون برميل يوميا، وسيمكن من استيعاب الزيادات الإنتاجية المرتقبة، خاصة أن نمو إنتاج النفط الأمريكي لا هوادة فيه حاليا، ولكنه من المتوقع أن يتباطأ بسرعة العام المقبل.
وأوضح أن السعودية تقوم بالفعل بدور مؤثر ومحوري في تحقيق التوازن في السوق من خلال قيادة "أوبك" لبذل كل الجهود الممكنة من أجل الوصول إلى حالة مستدامة من توازن العرض والطلب، ويؤخذ في الجسبان في هذا الصدد مراقبة الإنتاج الأمريكي عن كثب وحث جميع المنتجين من أعضاء إعلان التعاون على عدم تجاوز الاتفاق وتحقيق أعلى مستوى ممكن من المطابقة لتخفيضات الإنتاج المتفق عليها.
من جانبه، قال دامير تسيبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، إن المنتجين في "أوبك" وخارجها في حالة حذر ومتابعة لعدة عوامل ومتغيرات أبرزها حجم الإمدادات الأمريكية وتطورات النزاعات التجارية وتأثيرها في توقعات النمو الاقتصادي وبيانات الطلب إلى جانب العوامل الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط وتأثيرها في استقرار السوق وأيضا بيانات المخزونات، التي تؤثر بشكل كبير في تحركات الأسعار.
وأشار إلى أن وضع الإنتاج في ثلاث دول ربما يكون من الملفات المهمة والجديدة المطروحة على اجتماع المنتجين المقبل وهي دول البرازيل وجيانا والنرويج، لافتا إلى أن الزيادات في الدول الثلاث ربما تكون التحدي الأكبر أمام تحالف "أوبك+" وهو التطور الجديد، الذي قد يفوق المخاوف التقليدية السابقة الخاصة بالإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، وربما يكون السمة المهيمنة على وفرة العرض في العام الجديد المقبل 2020.
من ناحيته، أوضح لوكاس برتيرير، المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، أن أغلب التوقعات تذهب إلى أن النصف الأول من العام المقبل سيكون صعبا بسبب حالة الوفرة في الإمدادات، خاصة من خارج "أوبك" وبالتحديد من النرويج والبرازيل وجيانا.
وذكر أن دول "أوبك" ستواصل تخفيض مستويات إنتاجها لعلاج أوجه الخلل في السوق ولمنع تراكم مخزونات النفط ومن أجل الحفاظ على تماسك الأسعار وتعزيز مستويات الاستثمار في الصناعة بما يضمن الاستمرارية والنمو، مشيرا إلى أن إعلان العراق أن المنتجين في "أوبك" وحلفائها سيدرسون تخفيضات أكبر في الإنتاج أسهم في إنعاش الأسعار وفي تحقيق مكاسب جيدة في بداية تعاملات الأسبوع.
بدورها، ذكرت أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن مخاوف السوق من الركود العالمي تراجعت بشكل ملحوظ، وذلك في ضوء التفاؤل بتقدم مؤثر في مفاوضات التجارة وتوقعات إبرام اتفاق دولي مهم بين الولايات المتحدة والصين يبدد معه القلق من التباطؤ والانكماش وتراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي.
ولفتت إلى أن أبرز الملفات المهمة التي على الأرجح سيتوقف أمامها الوزراء والخبراء الفنيون في اجتماعات هذا الأسبوع هو استمرار ارتفاع مستوى المخزونات النفطية بمعزل عن تقلبات الأسعار المستمرة والمهيمنة على السوق.
وأكدت أن ميزان النفط الخام للعام المقبل يظهر سوقا ضيقة لكن عندما تضاف سوائل أخرى مثل المكثفات، فإن الرصيد يصبح أكثر مرونة، لافتة إلى سعي روسيا لفصل إنتاج المكثفات عن النفط الخام ومنح المكثفات الروسية استثناء في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط بما يزيد على 1 في المائة أمس، في الوقت الذي تشير فيه زيادة في أنشطة التصنيع في الصين إلى ارتفاع الطلب على الوقود، وتلميحات بأن "أوبك" ربما ترفع تخفيضات الإنتاج في اجتماعها هذا الأسبوع، ما يشير إلى أن المعروض ربما يشهد شحا في العام المقبل.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 07:27 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 66 سنتا أو 1.1 في المائة إلى 61.15 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 75 سنتا أو 1.4 في المائة إلى 55.92 دولار للبرميل بعد أن صعدت ما يزيد على دولار في وقت سابق.
والجمعة الماضية، انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس عند التسوية 5.1 في المائة، بينما هوى برنت 4.4 في المائة بفعل مخاوف من أن المحادثات الهادفة لإنهاء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم، ستتعطل بفعل دعم أمريكي للمحتجين في هونج كونج.
لكن النفط صعد أمس، بعد أن زادت أنشطة المصانع خلال تشرين الثاني (نوفمبر) في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، للمرة الأولى في سبعة أشهر بسبب ارتفاع الطلب المحلي في ظل إجراءات تحفيز من جانب الحكومة.
وتلقت الأسعار الدعم أيضا بعد أن قال وزير النفط العراقي أمس الأول، إن "أوبك" وحلفاءها من المنتجين سيبحثون رفع تخفيضاتهم الحالية للإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا إلى 1.6 مليون برميل يوميا.
ومن المتوقع أن تمدد منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء من بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، على الأقل التخفيضات القائمة لإنتاج النفط حتى حزيران (يونيو) 2020 حين يجتمعون هذا الأسبوع.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 63.83 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 63.94 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 64.56 دولار للبرميل.