التجارة الدولية تضاعفت 4 مرات في ربع قرن .. والتعريفات الجمركية تراجعت إلى 6.4 %

 التجارة الدولية تضاعفت 4 مرات في ربع قرن .. والتعريفات الجمركية تراجعت إلى 6.4 %

رغم الإنجازات، التي حققتها منظمة التجارة العالمية إلا أنها تواجه تحديات خطيرة لا مثيل لها في تاريخها القصير نسبيا، فعلى مدى العامين الماضيين، استحدثت الحكومات قيودا تجارية تغطي مبلغا كبيرا من التجارة الدولية، أثرت في 747 مليار دولار من الواردات العالمية في 2019 وحده.
وخلال الربع الأخير من القرن الماضي، ساعدت منظمة التجارة العالمية على تحويل العلاقات الاقتصادية الدولية ووضعها في إطار قانوني قضائي.
ويسرت قواعد المنظمة الملزمة للتجارة العالمية في السلع والخدمات النمو الهائل في أنشطة الأعمال التجارية عبر الحدود، لكن هذا لا يعني أن المنظمة تسير بمأمن عن التحديات الخطيرة، التي تواجهها.
هذا ما قاله، روبرتو أزفيدو، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، في رسالة وجهها للدول الأعضاء بمناسبة الذكرى السنوية الـ25 لتأسيس المنظمة على أنقاض منظمة الاتفاقية العامة للتجارة والتنمية (جات).
وأضاف أزفيدو، أنه منذ 1995، تضاعفت قيمة التجارة العالمية، مقومة بالدولار، أربع مرات تقريبا، في حين اتسع الحجم الحقيقي للتجارة العالمية بنحو 2.7 مرة، وهذا يفوق بكثير الزيادة، التي تضاعفت مرتين في الناتج الإجمالي العالمي خلال تلك الفترة.
وخلال عمر المنظمة القصير، انخفض متوسط التعريفات إلى النصف تقريبا، من 10.5 في المائة إلى 6.4 في المائة.
وأجرت عشرات الاقتصادات، التي انضمت إلى منظمة التجارة بعد إنشائها، إصلاحات بعيدة المدى والتزمت بفتح الأسواق وارتبطت بدفع دائم للدخل القومي.
واقترنت ظروف السوق الممكن التنبؤ بها، التي ترعاها منظمة التجارة بتحسين الاتصالات للتمكين من زيادة سلاسل القيمة الشاملة، ومن خلال ثقة المنظمة في قدرتها على تعظيم التجارة والخدمات المرتبطة بها، تمكنت الشركات من تصنيف الإنتاج الصناعي عبر البلدان والمناطق، وتمثل التجارة ضمن سلاسل القيمة نحو 70 في المائة من مجموع تجاره السلع.
وكان ارتفاع سلاسل القيمة العالمية (الأشخاص والأنشطة التي ينطوي عليها إنتاج السلع أو الخدمات وتجهيزها وتوزيعها وأنشطة ما بعد البيع) عاملا رئيسا في تمكين النمو السريع للاقتصادات النامية للحاق بالنمو، مع تيسير زيادة القوة الشرائية واختيارات المستهلكين في جميع البلدان.
ويؤكد المدير العام للمنظمة، أنه ليس من المصادفة أن الأعوام الـ25 الماضية شهدت أسرع تقليص للفقر في التاريخ، ففي 1995، خرج واحد من كل ثلاثه أشخاص في العالم من الفقر المدقع المحدد، طبقا للبنك الدولي عند 1.90 دولار في اليوم، ويقل معدل الفقر المدقع عن 10 في المائة، وهو أدنى مستوى له على الإطلاق.
وفي الأعوام الأخيرة، اتفق أعضاء منظمة التجارة على تبسيط وتوحيد إجراءات الحدود في جميع أنحاء العالم من خلال اتفاق تاريخي بشأن تيسير التجارة يتوقع أن يرفع التجارة على ما يربو على تريليون دولار في السنة.
كما تم تحرير التجارة في منتجات تقنية المعلومات، وعدم فرض رسوم جمركية على الإرسال الإلكتروني لمدة سنتين أخريين، وإلغاء الإعانات الضارة للصادرات الزراعية.
ويؤدي تزايد عدم التيقن بشأن ظروف السوق إلى تأخير الشركات في الاستثمار، والموازنة بين النمو والإمكانات المستقبلية لاقتصادات العالم.
ورغم أنه ليس هناك شك في أن منظمة التجارة والنظام التجاري، الذي تشرف عليه، يعدان من قبل الأعضاء الـ 164 مصلحة عامة تستحق الحفاظ عليها وتعزيزها، إلا أن الحيوية الهادئة، التي تشهدها ممرات منظمة التجارة العالمية والطاقة الواضحة المبذولة في غرف الاجتماعات تشير إلى تغييرات عميقة في الأعمال.
وعد المدير العام للمنظمة أن الطريقة، التي يواجه بها أعضاء المنظمة هذه التحديات "ستشكل مسار الاقتصاد الدولي لعقود مقبلة".
وتشهد أعمال التفاوض، التي تقوم بها المنظمة الآن مرحلة من التجريب تبشر بوضع قواعد جديدة ذات صلة مباشرة باقتصاد القرن الـ20 وشواغل الاستدامة المعاصرة.
وقبل رحيل 2019، تم إعادة ترتيب المفاوضات بالغة الأهمية والرامية إلى خفض إعانات الصيد الأكثر ضررا، التي تستنفد محيطات الأرض، بطريقة تضمن الوصول إلى اتفاق بحلول حزيران (يونيو) المقبل في المؤتمر الوزاري الـ12 في نور سلطان في كازاخستان، أو سيتعين على المنظمة أن تتحمل اللوم عن فقدان هدف حاسم من أهداف التنمية المستدامة.
وأعيد تنشيط المفاوضات الزراعية باتخاذ الأعضاء خطوات عملية لتحديد المجالات، التي يمكن فيها التوصل إلى اتفاق بشأن قضايا ذات أهمية حيوية.
وتعمل مجموعات من الأعضاء أيضا لوضع قواعد جديدة بشأن مجموعة من المسائل، وهي التجارة الإلكترونية، وتيسير الاستثمار، والتنظيم المحلي في مجال الخدمات، التي تهدف إلى جعل التجارة أكثر كفاءة في القطاعات المتطورة من الاقتصاد.
ويسعى الأعضاء أيضا إلى تيسير المشاركة في التجارة العالمية وجعلها أكثر أمانا وأكثر قابلية للاستمرار بالنسبة للنساء والشركات الصغيرة بهدف جعل التجارة أكثر شمولا، وأن تصل فوائدها إلى أكبر عدد ممكن من الناس في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في أفقر البلدان.
لكن النكسة الكبرى، التي حلت بالمنظمة في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) الماضي تكمن في هيئة تسوية المنازعات عندما شلت الولايات المتحدة عمل الهيئة مطالبة بإصلاحها، وإخفاق الأعضاء في الاتفاق على مبادئ الإصلاح.
وحول شلل الجهاز القضائي للمنظمة، الذي يعد أحد أكثر نظم تسوية المنازعات التجارية فعالية في العالم، حيث تعامل مع أكثر من 500 حالة في أكثر من 20 عاما، أوضح أزفيدو، أن "مشاورات مع الأعضاء بدأت بالفعل لاستكشاف جميع جوانب إصلاح تسوية المنازعات، وسننخرط في مناقشات جدية على المستويات السياسية العليا، سواء في جنيف أو في العواصم لتحديد الحلول الممكنة".
وأشار أزفيدو، في الوقت ذاته إلى أن عديدا من الأعضاء يزنون مجموعة من الخيارات المؤقتة الخلاقة للحفاظ على نظام تسوية المنازعات القائم على مرحلتين، بمعنى وجود محكمتين عليا ودنيا.
ويعتقد أزفيدو أن منظمة التجارة باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة لاقتصاد العالم، ولإيجاد فرص العمل، وللنمو وللتنمية، مضيفا أنه على الرغم من الشكوك حول التجارة اليوم، إلا أن 2020 تحمل إمكانات حقيقية لتحقيق نتائج ذات مغزى، وهناك فرصة جيدة أن تؤتي مفاوضات جنيف ثمارها في نور سلطان، على شكل اتفاقات أو أطر جديدة يمكن أن تنتج واحدة من المجموعات الأكثر إثارة للإعجاب من الاتفاقات في التاريخ.
وأصبحت منظمة التجارة، منذ إنشائها في 1995، جزءا أساسيا من إدارة الاقتصاد العالمي، وباعتبارها المنظمة الدولية الوحيدة، التي تتعامل مع قواعد التجارة بين الدول، فإن 98 في المائة من التجارة تتم في إطار قواعدها.
ويراقب أعضاء المنظمة الممارسات والأنظمة الخاصة بهذه القواعد من أجل تحسين الشفافية وتجنب الحمائية، وعلاوة على ذلك، تعمل المنظمة أيضا على بناء القدرة التجارية للبلدان النامية والبلدان الأقل نموا، ومساعدتها على الاندماج والاستفادة من النظام التجاري متعدد الأطراف.

سمات

الأكثر قراءة