طائرات وقطارات وصناديق مجهزة للتنفس .. هروب غصن أشبه بفيلم هوليوودي

طائرات وقطارات وصناديق مجهزة للتنفس .. هروب غصن أشبه بفيلم هوليوودي

بين طائرات خاصة وقطارات سريعة وصناديق مجهزة للتنفس، تبدو عملية فرار كارلوس غصن من اليابان، حيث كان ينتظر محاكمته، أشبه بسيناريو فيلم من إنتاج هوليوود.
من غير المستغرب أن نجم عالم صناعة السيارات المليونير، الذي كان دائما بين شخصيات الطبقة المخملية الحاضرة في قمة دافوس، لم يتحمل القيود الصارمة التي فرضت عليه كشروط الكفالة، التي أفرج عنه بموجبها قبيل محاكمة كان من المتوقع أن يطول أمدها في اليابان بتهم تتعلق بارتكاب مخالفات مالية.
ومع اقتراب نهاية عام 2019، هرب الرئيس السابق لتحالف "رينو- نيسان- ميتسوبيشي" من اليابان عائدا إلى بلده الأم لبنان.
وظهر الأربعاء علنا للمرة الأولى منذ أن أوقفته السلطات اليابانية، لكن رغم الكم الهائل من الأسئلة التي وجهها إليه الصحافيون خلال مؤتمر استمر أكثر من ساعتين في بيروت، رفض الإفصاح عن أي تفاصيل متعلقة بعملية هروبه.
واكتفى غصن بالقول، إنه "لم يكن أمامه من خيار" إلا الهروب من اليابان حيث كان "يعد مذنبا" قبل ثبوت التهم في حقه، حيث قضى 130 يوما في السجن.
وأفاد "كان من غير الممكن أن أعامل بشكل منصف ليست مسألة عدالة. شعرت بأنني رهينة في بلد خدمته على مدى 17 عاما".
فيما يأتي ما نعرفه عن عملية هروبه "الدرامية": بدأت عملية فرار غصن بخروجه بكل بساطة من منزله الفخم وسط طوكيو في 29 كانون الأول (ديسمبر)، بحسب تسجيل مصور التقطته عدسة كاميرا للمراقبة.
وبحسب وسائل إعلام يابانية، التقى مواطنين أمريكيين في فندق قريب واستقل الثلاثة أحد قطارات "شينكانسن" السريعة من حي شيناجاوا الشهير في طوكيو إلى أوساكا في غرب اليابان في رحلة استمرت نحو ثلاث ساعات.
وتوجه الثلاثة إلى فندق قرب مطار كانساي الدولي، حيث أظهر تسجيل كاميرات المراقبة الأمريكيين يغادران وحدهما وهما حاملان "صندوقين كبيرين" يبدو أن غصن كان داخل أحدهما.
وغادر في طائرة خاصة قال محققون أتراك إنها من طراز "بومباردييه" تحمل علامة "تي. سي. تي. إس. آر" هبطت في إسطنبول الساعة 05,15 صباحا بالتوقيت المحلي في 30 كانون الأول (ديسمبر).
وتظهر صورة أصدرتها شرطة إسطنبول الصندوقين اللذين يعتقد أن غصن استخدمهما في عملية فراره.
وقال مسؤول في وزارة النقل اليابانية لـ"فرانس برس"، إن عمليات التفتيش على الأمتعة غير ضرورية عادة بالنسبة لمشغلي الطائرات الخاصة، وإن حجم الصندوقين كان على ما يبدو أكبر بكثير من إمكان تمريرهما على أجهزة الأشعة في المطار.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مصادر مقربة من التحقيقات في تركيا، بأنه تم حفر ثقوب في الصندوق الذي حمل فيه غصن ليتمكن من التنفس.
ولدى سؤاله خلال المؤتمر الصحافي عن رأيه في الصناديق كوسيلة للسفر، رفض غصن الإجابة وانتقل إلى السؤال التالي.
أفادت وكالة الأنباء التركية "دي. إتش. أيه" بأن غصن استقل في إسطنبول طائرة خاصة ثانية إلى بيروت هي "بومباردييه تشالنجر 300 تي. سي. آر. زي. أيه"، غادرت بعد 45 دقيقة.
وأعلن وزير العدل التركي عبدالحميد جول أن سبعة أشخاص اعتقلوا على خلفية صلتهم بالطائرتين بينهم أربعة طيارين. وتم رسميا توقيف خمسة أشخاص.
والجمعة، تقدمت شركة "إم. إن. جي" التركية للطائرات الخاصة بشكوى جاء فيها أن إحدى طائراتها استخدمت بشكل غير قانوني، وأشارت إلى أن أحد موظفيها أقر بأنه زور قائمة المسافرين في الرحلة منعا لذكر اسم غصن.
بدوره، أصر المسؤول السابق في قطاع صناعة السيارات البالغ من العمر 65 عاما على أنه تصرف بمفرده بدون مساعدة من أفراد عائلته.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أنه تلقى مساعدة من عميل سابق في القوات الخاصة الأمريكية يدعى مايكل تايلور، ويعمل حاليا متعاقدا أمنيا خاصا ووصف بأنه "خبير في فن عمليات الهروب السرية". وتنص شروط الإفراج عنه بكفالة على احتفاظ محاميه بجوازات سفره.
لكن مصدرا مطلعا أفاد لـ"فرانس برس" بأن محكمة طوكيو سمحت لغصن بالاحتفاظ بجواز سفره الفرنسي على أن يوضع "داخل حقيبة مقفلة" يبقى مفتاحها مع محاميه.
وكان الهدف من ذلك تمكينه من إثبات وضعه كحامل لتأشيرة قصيرة الأمد في حال احتاج إلى ذلك خلال تحركه في اليابان، وهو أمر تسمح به شروط الكفالة التي حصل عليها.
ويبدو أنه استخدمها لدخول لبنان، إذ تظهر وثائق المطار التي اطلعت عليها "فرانس برس" أنه دخل بجواز سفر فرنسي.
وقال جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، إنه لا يملك "معلومات محددة" في هذا الشأن.
وأكدت السلطات اليابانية أن خروج غصن من البلاد لم يسجل قط، وهو ما يعزز فرضية سفره داخل صندوق.
أصدرت الشرطة الدولية إنتربول "نشرة حمراء" لتوقيف غصن، لكن لا اتفاق بين بيروت وطوكيو لتسليم المطلوبين. ويؤكد المسؤولون اللبنانيون أنه دخل البلاد بشكل قانوني.
لكن مسؤولا طلب عدم كشف هويته قال لـ"فرانس برس" إن غصن سيتسلم استدعاء من القضاء اللبناني "الملزم الاستماع إليه"، لكن "بإمكانه اتخاذ قرار بشأن توقيفه أو تركه طليقا".
مع ذلك، قد يواجه قضايا أخرى في لبنان، إذ قدم ثلاثة محامين طلبا إلى الادعاء العام لملاحقته قضائيا على خلفية زيارة أجراها لإسرائيل عام 2008.
وقال مصدر مطلع على القضية في اليابان لـ"فرانس برس"، إن المحاكمة المرتبطة بالمخالفات المالية التي يشتبه بأن جريج كيلي، المقرب من غصن، و"نيسان" ارتكباها، ستجري كما هو مقرر.
وينفي غصن جميع التهم الموجهة إليه وتحدث الأربعاء عن "تواطؤ" بين المدعين اليابانيين ومسؤولين في "نيسان" لمنع الشركة من التقرب كثيرا إلى "رينو الفرنسية".

سمات

الأكثر قراءة