المملكة ثاني أعلى دولة في سرعة نمو الأجور بين الدول الناشئة في مجموعة العشرين
حققت السعودية ثاني أعلى نمو في الأجور الحقيقية بين الدول الناشئة في مجموعة العشرين، وأيضا مرتبة متقدمة بين الدول التي تتمتع بأعلى حد أدنى للأجور.
هذا ما كشفته أرقام حديثة قدمها لـ"الاقتصادية"، مارك بلوك مسؤول قسم العلاقات والاتصالات في منظمة العمل الدولية، ستنشر في الربيع المقبل، علاوة على "التقرير العالمي للأجور 2018 - 2019"، وهو آخر تقرير متاح عن الأجور للمنظمة تستند نتائجه إلى بيانات من 136 دولة.
ويأتي النمو العالي للأجور في السعودية في وقت انخفض فيه معدل النمو العالمي للأجور بالقيمة الحقيقية (معدل بعد حساب أسعار التضخم) إلى 1.8 في المائة في 2017 من 2.4 في المائة في 2016، وهو أدنى معدل يصل فيه انخفاض الأجور منذ 2008، أو أقل بكثير من مستويات ما قبل الأزمة المالية العالمية.
وفي تحليل نمو الأجور في 2017 بالقيمة الحقيقية، يظهر أن نمو الأجور الحقيقي في دول مجموعة العشرين المتقدمة (عشر دول + الاتحاد الأوروبي) تراجع من 0.9 في المائة في 2016 إلى 0.4 في المائة في 2017.
على النقيض من ذلك، تراوح نمو الأجور الحقيقي في دول مجموعه العشرين الناشئة والنامية (تسع دول ضمنها السعودية) بين 4.9 في المائة في 2016 و4.3 في المائة في 2017. وقادت السعودية والصين هذا النمو، في حين جرته المكسيك وروسيا نحو الأسفل.
نمو الأجور في الدول المتقدمة
من بين الاقتصادات المتقدمة، هناك مجموعتان متميزتان: فئة شهدت معدلات نمو إيجابية وأخرى انخفض فيها نمو الأجور الحقيقي أو ظلت قريبة من الصفر.
تقود المجموعة الأولى كوريا الجنوبية، حيث ازداد نمو الأجور فيها بسرعة كبيرة بما مجموعه 15 في المائة في الفترة 2008 - 2009. تعقبها في المرتبة الثانية ألمانيا، التي بدأت الفترة بنمو صفري تقريبا في الأجور في 2008 و2009 ونموا معتدلا فقط في الفترة 2010 - 2013، بعد ذلك تسارع نمو الأجور في ألمانيا، ليصل إلى زيادة بـ11 في المائة في الأجور الحقيقية خلال الفترة الكاملة من 2008 إلى 2017.
أستراليا، فرنسا، الولايات المتحدة، وكندا - من المرتبة الثالثة إلى السادسة، حسب الترتيب - هي الدول المتقدمة الأخرى في مجموعة العشرين التي شهدت نموا إيجابيا في الأجور في الفترة التي سبقت 2017، على الرغم من أن نتائجها الإجمالية كانت أكثر تواضعا عند مقارنتها بكوريا الجنوبية واليابان - بين 5 إلى 9 في المائة على مدى الفترة-.
وعانت إيطاليا وبريطانيا - احتلتا المرتبتين الثامنة والتاسعة - من خسائر في نمو الأجور الحقيقية بلغت نحو 5 في المائة خلال الفترة 2008 - 2017.
في حالة إيطاليا، فإن عودتها إلى النمو الإيجابي للأجور في 2014 قد توقف في 2017 بانخفاض الأجور الحقيقية مرة أخرى. وفي بريطانيا، وبعد فترة انتعاش دامت عامين (2014 - 2016)، ظل نمو الأجور ثابتا منذ 2016.
أما في اليابان - المرتبة السابعة -، كان النمو العام للأجور على مدى الفترة 2008 - 2017 قريبا من الصفر.
نمو الأجور في الدول الناشئة
تقول منظمة العمل الدولية إن أرقام الاقتصادات الناشئة لمجموعة العشرين - وهي مكملة لأرقام الاقتصادات المتقدمة في المجموعة-، تظهر بشكل واضح المسار المرتفع الملحوظ والمستمر للصين والسعودية في نمو الأجور.
وتضيف، "سجلت الصين المرتبة الأولى في سرعة نمو الأجور، في حين سجلت السعودية المرتبة الثانية بين الدول الناشئة في مجموعة العشرين، لكن رغم ذلك بقيت قيمة ساعة العمل في السعودية متفوقة على نظيرتها في الصين بمسافة بعيدة.
تكشف أرقام المنظمة أن متوسط الأجور الحقيقية في الصين قد تضاعف تقريبا بين 2008 و2017، أو ازداد من نقطة الأساس 100 إلى 200. أما في السعودية ارتفع متوسط الأجور الحقيقية من نقطة الأساس 100 في 2008 إلى 158 نقطة في 2017.
ويقول التقرير (179 صفحة) عن السعودية: في الواقع، شهدت جميع المجموعات الناشئة في مجموعة العشرين، باستثناء المكسيك، نموا إيجابيا كبيرا في متوسط الأجور الحقيقية خلال هذه الفترة، لكن نمو الأجور يتواصل دون توقف في السعودية، الهند، وإندونيسيا، بينما انخفض في تركيا إلى نحو 1 في المائة في 2017.
وشهدت جنوب إفريقيا والبرازيل نموا إيجابيا في الأجور بدءا من 2016 بعد مرحلة من النمو الصفري في الأغلب خلال الفترة 2012 - 2016، ونموا سلبيا في البرازيل خلال 2015 - 2016.
من جانبها، عانت روسيا نخفاضا كبيرا في نمو الأجور في 2015 - بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط - لكنه تراجع منذ ذلك الحين بنمو معتدل.
جاء ترتيب الاقتصادات الناشئة في مجموعة العشرين من ناحية نمو الأجور، على الشكل التالي: الصين، السعودية، الهند، إندونيسيا، تركيا، جنوب إفريقيا، البرازيل، روسيا، والمكسيك.
في الأعوام الـ20 الماضية، تضاعف متوسط الأجور الحقيقية ثلاث مرات تقريبا في دول مجموعة العشرين الناشئة والنامية، بينما زادت في دول مجموعة العشرين المتقدمة بنسبه 9 في المائة فقط، حسبما يظهر التقرير.
لكن في عديد من الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا يزال التفاوت في الأجور مرتفعا، وكثيرا ما تكون الأجور غير كافية لتلبية احتياجات العمال وأسرهم.
الدول التي لديها أعلى حد أدنى للأجور
ما يتعلق بالحد الأدنى للأجر الشهري الإجمالي القانوني، تظهر السعودية في موقع متقدم بين الدول العربية وعدد كبير من الدول الأوروبية، وعموما مع 193 دولة في العالم.
وتم حساب الحد الأدنى للأجور بالدولار الأمريكي باستخدام معدلات أسعار الصرف وحساب معدل التضخم والقدرة الشرائية للعملة الوطنية. لكن لبعض الدول نظام معقد جدا للحد الأدنى للأجور، على سبيل المثال، لدى الهند أكثر من 1202 معدل للحد الأدنى للأجور.
ويشير مصطلح الأجور الدنيا إلى المبلغ الإجمالي الذي يتم تقاضيه، أي قبل خصم الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي، التي تتفاوت من دولة إلى أخرى. استبعدت من الحسابات أيضا أيام الإجازة مدفوعة الأجر، بما في ذلك العطل الرسمية والأجور المرضية والإجازات السنوية واشتراكات التأمين الاجتماعي التي يدفعها صاحب العمل.
ويوضح التقرير أن الحد الأدنى من الأجر في السعودية يصل إلى ثلاثة آلاف ريال (ما يعادل 800 دولار أمريكي) في الشهر الواحد للقطاع العام.
قيمة ساعات العمل
يبلغ عدد ساعات العمل في الأسبوع في السعودية 48 ساعة، ما يجعل قيمة ساعة العمل الواحدة 7.43 دولار أو ما يعادل 27.9 ريال في الساعة. وبقيمة ساعة العمل هذه، تكون المملكة قد تفوقت على تسع دول في مجموعة العشرين، في حين تفوقت على المملكة ثماني دول. ولم تتوافر معلومات عن ثلاثة أطراف أخرى.
بمقارنة قيمة ساعة العمل في السعودية (7.43 دولار) بدول مجموعة العشرين، تفوقت المملكة على: الولايات المتحدة (7.25 دولار قيمة ساعة العمل)، اليابان (7.37 دولار)، جنوب إفريقيا (3.80)، روسيا (2.81)، البرازيل (2.59)، المكسيك (1.78)، الصين (1.68)، إندونيسيا (1.68)، والهند (دولار).
في المقابل، تقدمت على السعودية كل من: أستراليا (11.83 دولار قيمة ساعة العمل)، فرنسا (11.53 دولار)، ألمانيا (11.27)، بريطانيا (10.26)، كوريا الجنوبية (9.98)، الأرجنتين (8.73) وكندا (8.32).
أما ساعات العمل في الدول الأوروبية الأدنى من السعودية فكانت: ليتوانيا (6.65 دولار)، اليونان (6.43)، رومانيا (6.35)، هنجاريا (6.22)، البرتغال (5.94)، التشيك (5.59)، كرواتيا (5.41)، سلوفاكيا (5.36)، إستونيا (5.26)، بلغاريا (4.91)، أوكرانيا (4.61)، صربيا (4.24)، بيلاروسيا (3.89)، البوسنة والهرسك (2.89)، مقدونيا الشمالية (2.64)، مونتينجرو (2.59)، ألبانيا (2.51)، ومولدافيا (0.84).
من الدول الأوروبية التي تقدمت على السعودية: إمارة موناكو (11.88 دولار قيمة ساعة العمل)، لوكسمبورج (11.85 دولار)، بلجيكا (11.0)، هولندا (10.47)، إيرلندا (9.80)، بولندا (7.98)، وسلوفينيا (7.63 دولار).
فيما تبلغ قيمة ساعة العمل في نيوزلندا (10.79 دولار)، هونج كونج -المقاطعة الإدارية للصين- (5.81 دولار)، الفلبين (3.32)، شيلي (3.25)، تايلاند (3.22)، أورجواي (3.20)، ماليزيا (2.66)، باكستان (2.25)، وكازاخستان (1.44).
قيمة ساعة العمل في دول عربية
تبلغ قيمة ساعة العمل في سلطنة عمان (8.33 دولار)، الأردن (4.66)، المغرب (3.74)، ليبيا (3.74)، لبنان (3.58)، الجزائر (2.70)، العراق (2.51)، تونس (1.20)، السودان (0.52)، وموريتانيا (0.14 دولار).
قيمة ساعة العمل التي تقل عن دولار
تبلغ قيمة ساعة العمل في أنجولا (0.92 دولار)، موزمبيق (0.87)، توجو (0.86)، الدومينكان (0.82)، النيجر والسنغال (0.78 دولار لكل منهما)، أوزبكستان (0.65)، مالي وطاجكستان وأوغندا (0.62 لكل منها)، كينيا (0.61)، سوازيلاند (0.54)، مالاوي (0.41)، جامبيا (0.38)، قرغيزستان (0.32)، تنزانيا (0.25)، بنجلادش (0.23)، ليبيريا (0.19)، جورجيا (0.17)، ساحل العاج (0.9)، وغينيا-بيساو (0.4 دولار).
قيمة ساعة العمل التي تقل عن سنت
كوبا (0.08 دولار -أي ما يعادل ثمانية أعشار السنت)، فنزويلا (0.01 -أي ما يعادل عشر السنت).
عقبة الأجور الراكدة
يقول المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جاي رايدر، إنه "من المحير أن نشهد في الاقتصادات المرتفعة الدخل نموا بطيئا في الأجور إلى جانب انتعاش في نمو الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض البطالة".
وأضاف "المؤشرات المبكرة تشير إلى أن بطء نمو الأجور مستمر في 2018. وهذه الأجور الراكدة تشكل عقبة أمام النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة. وينبغي للدول أن تستكشف، مع شركائها الاجتماعيين، سبل تحقيق نمو الأجور المستدام اجتماعيا واقتصاديا”.
فجوات الأجور بين الجنسين
التقرير يحسب الفجوات في الأجور بين الجنسين بطرق مبتكرة وأكثر دقة، باستخدام بيانات تغطي نحو 70 دولة ونحو 80 في المائة من الموظفين العاملين بأجر في جميع أنحاء العالم. يخلص التقرير إلى أن المرأة العاملة لا يزال يدفع لها على الصعيد العالمي أقل بـ20 في المائة تقريبا عن أجور الرجل حتى في حالات ممارستها ذات أداء الرجل.
وينقل التقرير عن، جاي رايدر، القول إن "الفجوة في الأجور بين الجنسين تمثل أحد أعظم مظاهر الظلم الاجتماعي اليوم، حيث ينبغي على جميع الدول محاولة أن تفهم بشكل أفضل ما الذي يكمن وراء هذا التفاوت وأن تسرع التقدم نحو تحقيق المساواة بين الجنسين".
ويشير التقرير إلى أن الفجوة في الأجور بين الجنسين أوسع في الدول المرتفعة الدخل، في حين أن الفجوة في الأجور بين الجنسين في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل أوسع نطاقا بين العمال الأقل أجرا.
وباستخدام الأدلة التجريبية، يبين التقرير أيضا أن التفسيرات التقليدية، مثل الاختلافات في مستويات التعليم بين الرجال والنساء الذين يعملون في وظائف مأجورة، إنما تقدم دورا محدودا في تفسير الفجوات في الأجور بين الجنسين.
وقالت لـ"الاقتصادية"، روزاليا فازكيز-الفاريز، أخصائية الاقتصاد والأجور في منظمة العمل الدولية وأحد واضعي التقرير، "في كثير من الدول، تكون النساء أكثر تعليما من الرجال لكنهن يتقاضين أجورا أقل، حتى عندما يعملن في الفئات المهنية نفسها".
وتضيف: تميل أجور كل من الرجال والنساء أيضا إلى أن تكون أقل في المشاريع والمهن التي تكون فيها القوة العاملة من الإناث هي السائدة. وإذا ما أريد الحد من الفجوات في الأجور بين الجنسين، ينبغي التركيز بقدر أكبر على ضمان المساواة في الأجر بين المرأة والرجل، وعلى التصدي لبخس قيمة عمل المرأة.
ومن العوامل الأخرى التي تثقل الفجوة في الأجور بين الجنسين هي "الأمومة"، حيث يبين التقرير أن الأمهات يملن إلى الحصول على أجور أقل مقارنة بغير الأمهات. وقد يكون ذلك مرتبطا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك انقطاع سوق العمل، والتخفيضات في وقت العمل، والعمالة في وظائف أكثر ملاءمة للأسرة مع انخفاض الأجور.