الطائرات المسيرة .. من عاصفة الصحراء إلى مقتل سليماني

الطائرات المسيرة .. من عاصفة الصحراء إلى مقتل سليماني

اغتيال قاسم سليماني، أعلى جنرال في إيران، في هجوم بواسطة طائرة مسيرة أمريكية من نوع "ريبر" Reaper الأسبوع الماضي، أحدث مفاجأة. على مدى العقدين الماضيين تصاعد استخدام الولايات المتحدة للطائرات المسيرة بشكل كبير، لكن القضاء على سليماني كان المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة هذه التكنولوجيا لقتل قائد عسكري كبير لبلد آخر على أرض أجنبية.
الطائرة المسيرة طراز MQ-9 المستخدمة في الهجوم، مزودة بصواريخ "هيلفاير" Hellfire ، وهي طائرة مدمرة لأنها تجمع بين خاصية طائرة "الشبح" والقدرة على الطيران في ارتفاعات أعلى من التي تحلق فيها الطائرات التجارية، فضلا عن قدرتها على حمل قوة نارية كبيرة.
في ظل إدارة باراك أوباما في الفترة 2008 - 2016، كثرت هجمات الطائرات المسيرة كونها وسيلة لمحاربة التمرد في العراق وأفغانستان دون المجازفة بأفراد عسكريين في مهام جوية خطيرة.
في الآونة الأخيرة وسع دونالد ترمب استخدام الطائرات المسيرة إلى خارج مناطق النزاع المعتادة ليشمل الحرب على الإرهاب في اليمن والصومال. والآن أظهرت الإدارة الأمريكية أنها على استعداد لاستخدام قدرة الطائرات المسيرة على إصابة الهدف بدقة، في تنفيذ عمليات اغتيال. لكن الطابع التصعيدي للهجوم على سليماني فاجأ أصدقاء واشنطن وأعداءها، وهو يمثل فصلا جديدا في حروب الطائرات المسيرة الأمريكية.
فيما يلي بعض المراحل البارزة في استخدام الطائرات المسيرة على مدار الـ20 عاما الماضية:
1991: ظهرت الطائرات المسيرة لأول مرة في الاستخدامات العسكرية بوصفها وسيلة للمراقبة. أثناء حرب الخليج الأولى بدأت الولايات المتحدة في استخدام طائراتها من نوع "بايونير آند بايونير" باستمرار للمراقبة، بما في ذلك التحليق في دوريات جوية على امتداد الحدود السعودية الكويتية. قال تقرير للبحرية الأمريكية نشر بعد النزاع: "كانت في الجو طائرة مسيرة واحدة على الأقل، مركبة جوية من دون طيار، في جميع الأوقات خلال عاصفة الصحراء".
1993: اشترت وكالة الاستخبارات المركزية خمس طائرات مسيرة من طراز Gnat، صممتها شركة ليدينجز سيستمز في كاليفورنيا، واختبرتها في عمليات مراقبة في حروب البلقان لرصد تحركات الدبابات والقوات الصربية. تعد Gnat الأنموذج الأولي لما أصبح لاحقا طائرات "بريديتور" المسيرة التي تستخدمها وزارة الدفاع.
2001: تطور "بريديتور" سجل قفزة إلى الأمام عندما تمكن الجيش الأمريكي من تزويد الطائرة المسيرة بصواريخ. هذا التطور تم اختباره خلال محاولة فاشلة لوكالة الاستخبارات المركزية لقتل القائد الأعلى لطالبان، الملا محمد عمر، في تشرين الأول (أكتوبر) 2001. أطلقت الطائرة الصاروخ في توقيت مبكر للغاية فأصابت شاحنة فارغة بدلا من الهدف.
2002: ضربت الولايات المتحدة مجموعة من الرجال شرقي أفغانستان مستخدمة طائرة مسيرة طراز "بريديتور"، كان يعتقد أن أحدهم هو أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة. تبين أن الهدف لم يكن صحيحا.
2008 - 2016: وفقا لـ"مكتب الصحافة الاستقصائية" TBIJ، تم تنفيذ ما مجموعه 563 هجمة، معظمها بطائرات مسيرة، في باكستان والصومال واليمن خلال فترتي رئاسة باراك أوباما، مقارنة بـ57 هجمة في عهد إدارة بوش السابقة. وقتل ما بين 384 و807 مدنيين في تلك الهجمات.
ومع أن الاستخدام المتزايد لهجمات الطائرات المسيرة يجلب انتقادات متزايدة ويؤدي إلى وقوع ضحايا من المدنيين، يقول البيت الأبيض إن الطائرات المسيرة أدوات "دقيقة" تسهم في تجنب الأضرار الجانبية التي تتسبب فيها حملات القصف الجوي.
2017: في عهد دونالد ترمب، تضع الولايات المتحدة سياسات جديدة تسمح بتوسيع نشاط الطائرات المسيرة المسلحة خارج ساحات القتال المعتادة. هذا التخفيف للقوانين - الذي يجعل أجزاء من الصومال "منطقة أعمال حربية نشطة" - يمنح القادة الأمريكيين الحق في تنفيذ هجمات قاتلة لو كان الاعتقاد هو أن الأهداف لا تمثل تهديدا نشطا ـ بطبيعتها لا تشكل خطرا وشيكا ولا تهديدا فوريا ـ لأمريكا.
استنادا إلى "مكتب الصحافة الاستقصائية" كانت الإدارة الأمريكية تشن في ذلك العام ما بين 114 و124 هجمة بطائرات مسيرة في اليمن، أي نحو ثلاثة أضعاف الهجمات في 2016.
وزادات الولايات المتحدة أيضا عملياتها في الصومال، بشنها ما بين 18 و30 هجمة، مقارنة بـ14 في 2016. وكان هذا الارتفاع جزءا من التزام متزايد بمحاربة "حركة الشباب" و"داعش" في البلاد.
2018: أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن بلاده عاكفة على تطوير طوربيد مسير عابر للقارات يعمل بالطاقة النووية، أطلقت عليه اسم "بوسيدون" Poseidon، لتوجيه ضربات نووية للمدن الساحلية ومهاجمة مجموعات حاملات الطائرات في البحر.
كانون الثاني (يناير) 2020: مقتل الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، بطائرة مسيرة أمريكية بينما كان في موكب بالقرب من مطار بغداد. قتل أيضا تسعة آخرون، من بينهم أبو مهدي المهندس، زعيم مجموعة "كتائب حزب الله" الشيعية شبه العسكرية.
ومع أن إمكانية توجيه مثل هذه الضربة كانت متاحة منذ فترة طويلة، إلا أن خبراء يشعرون بالدهشة كون ترمب قرر استعمالها ضد هذا الهدف الإيراني الكبير في هذا الوقت بالذات.

الأكثر قراءة