ترمب يطلق معركة تجارية ضد الأوروبيين .. رسوم جمركية على السيارات مقابل ضرائب الإنترنت
بعد الهدوء على جبهة حربه التجارية مع الصين، استغل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، ليصعد الضغط على الاتحاد الأوروبي مع تهديده من جديد اليوم بفرض رسوم جمركية على صادراته من السيارات.
وبحسب "الفرنسية"، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية على هامش منتدى دافوس "إن التفاوض مع الاتحاد الأوروبي أصعب من التفاوض مع أي أحد آخر؛ لقد استفادوا من دولتنا على مدى أعوام عديدة".
وأضاف ترمب "إذا لم نتوصل إلى اتفاق تجاري، فسأتخذ إجراءات، وستكون عبارة عن ضرائب مرتفعة جدا على سياراتهم ومنتجاتهم الأخرى المصدرة إلى دولتنا".
وتابع ترمب "أريد الانتظار حتى أنتهي من الصين، لا أريد أن أنشغل بالصين وأوروبا في الوقت نفسه، والآن انتهينا من الصين"، في إشارة إلى الاتفاق الذي أبرمته واشنطن وبكين في وقت سابق من هذا الشهر.
من جهتها، أبدت أورزولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية تفاؤلها حيال قرب إتمام اتفاقية تحرير التجارة مع الولايات المتحدة، ومنع فرض عقوبات جمركية على واردات واشنطن من السيارات الأوروبية.
وصرحت فون دير لاين، بأنه "من الجيد أن تكون هناك عملية مفاوضات مع الولايات المتحدة"، في إشارة إلى محادثاتها مع الرئيس الأمريكي، "لأننا نريد أن تكون لدينا في غضون بضعة أسابيع اتفاقية تتمم هذه القضايا".
غير أن فون دير لاين، التي تنتمي إلى حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، لم توضح إلى أي مدى ستكون هذه الاتفاقية شاملة.
وأضافت فون دير لاين أنها "تحدثت مع ترمب حول كيفية سير هذه العملية لاحقا.. وخبراؤنا يجتمعون مع بعضهم بعضا الآن، وينظرون إلى الحقائق ويتبادلون الأرقام، ويوجهون السؤال إلى الجانبين عن العدالة".
ورأت فون دير لاين أنه من المهم أن تتواصل المحادثات، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على هذا، وإلا "فلن يخرج أحد بشيء إذا دخلنا في نزاع تجاري يستمر على مدار شهور"، وأكدت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة "ولذلك فمن الذكاء التفاوض الآن وبحث الحقائق مع بعضنا بعضا وإتمام المفاوضات والتوقيع".
وهددت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض ضرائب على واردات السيارات الأوروبية ردا على فرض أي ضرائب رقمية أوروبية، قبل ساعات من إجراء مباحثات في "دافوس" حول كيفية ضمان دفع شركات الإنترنت الكبرى حصة عادلة من الضرائب.
وحذر ستيفن منشن وزير الخزانة الأمريكي خلال نقاش في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس "إذا كانت هناك رغبة في فرض ضرائب بصورة تعسفية على شركاتنا الرقمية، فسندرس فرض ضرائب بصورة تعسفية على شركات السيارات".
وأشار منشن إلى أن أمريكا تشارك في مباحثات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لوضع قواعد دولية جديدة بشأن فرض الضرائب على الخدمات الإلكترونية، لكنه حذر من أن ذلك قد يستغرق وقتا.
وأضاف قبل ساعات من لقائه برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي وأنجيل جوريا أمين عام منظمة التعاون الاقتصادي "قضايا الضرائب العالمية معقدة للغاية، ومناقشتها تستغرق وقتا طويلا".
وكانت فرنسا وألمانيا أعربتا عن رغبتهما في وضع قواعد جديدة بحلول نهاية هذا العام، وهددت أمريكا فرنسا بالفعل بفرض رسوم على منتجات مثل الجبن، ردا على ما طرحته باريس العام الماضي بشأن فرض ضريبة بنسبة 3 في المائة على إجمالي الأعمال المحلية لشركات الإنترنت الكبرى.
وأكد لومير أن فرنسا على استعداد لتعليق تحصيل الضريبة الرقمية الجديد حتى نهاية هذا العام لتسهيل التوصل إلى اتفاق.
وقال لومير أثناء حديثه لتلفزيون "بلومبيرج" في المنتدى الاقتصادي العالمي "إن المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكي دونالد ترمب الإثنين الماضي أوجدت مناخا جيدا للتفاوض ومحاولة التوصل إلى حل وسط.. تربطنا علاقات رائعة بستيفن منشن، وأتمنى أن نتوصل إلى حل وسط خلال بضع ساعات".
من جهته، عد الرئيس الأمريكي الذي التقى أول اليوم أورسولا فون دير لايين رئيسة المفوضية الأوروبية في "دافوس" بهدف التحضير لمفاوضات حول "اتفاق تجاري" ثنائي، "الأمر بسيطا للغاية"، موضحا في مقابلة أخرى مع "فوكس نيوز"، "إذا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، فسنفرض ضريبة بنسبة 25 في المائة على سياراتهم".
وخلال مؤتمر صحافي في "دافوس" تقرر في اللحظات الأخيرة، رد ترمب عند سؤاله حول إذا ما كان يأمل الحصول على اتفاق مماثل قبل الانتخابات، "أعتقد أننا سنحصل على اتفاق قبل الانتخابات".
لكن ترمب خفض من حدة نبرته مع إعلانه أن الولايات المتحدة مستعدة لمناقشة إصلاح "واسع للغاية" في منظمة التجارة العالمية.
وتنتقد الولايات المتحدة بشدة منظمة التجارة العالمية، وتتهمها بأنها تعامل القوى الصاعدة مثل الصين بشكل تفضيلي، فيما يظهر الأوروبيون تمسكا بهذه المنظمة.
وربط ستيفن منوتشين وزير الخزانة الأمريكي فرض رسوم عقابية على الأوروبيين بفرضهم ضرائب رقمية، وليس بالتوصل إلى اتفاق تجاري واسع كما فعل ترمب.
ويثير موضوع الضرائب الرقمية خلافا كبيرا بين واشنطن وبعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، التي كانت أول من بادر إلى فرض هذه الضرائب.
وحذت دول أوروبية أخرى حذو فرنسا بفرض ضرائب وطنية على أنشطة الشركات الرقمية، مثل النمسا وإيطاليا، فيما تدرس إسبانيا والمملكة المتحدة القيام بالأمر نفسه.
وأكد ساجد جاويد وزير المالية البريطاني أن لندن تعتزم إدخال ضريبتها الرقمية "حيز التنفيذ في أبريل".
من ناحيته، ذكر برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي، أنه "في جميع الأحوال، ستدفع الشركات الرقمية ضريبة في فرنسا عام 2020".
وبعد حديث بين ترمب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في عطلة نهاية الأسبوع، أكد ماكرون أن فرنسا ستنظر في "تعليق" فرض هذه الضريبة هذا العام تفاديا للعقوبات الأمريكية، وأيضا لإتاحة الوقت أمام التوصل إلى اتفاق دولي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
واستغل ترمب وجوده في "دافوس" أيضا للقاء عدد من مديري الشركات الأمريكيين والأجانب، معربا عن "خيبة أمله الكبيرة" من الانتكاسات التي تعرضت لها طائرة 737 ماكس التابعة لشركة بوينج، كما كرر دعوته شركة "أبل" العملاقة إلى "المساعدة" على الوصول إلى بيانات الهواتف المشفرة خلال التحقيقات الجنائية.
في المقابل، أشاد ترمب بـإيلون ماسك مدير شركة تيسلا، واصفا إياه بـ"أحد عباقرتنا العظام"، ويأتي ذلك تزامنا مع انطلاق المحاكمة الهادفة إلى تقرير مصيره في الرئاسة في واشنطن، التي شهدت بدايتها اليوم الأول في مجلس الشيوخ سجالا حادا بين الجمهوريين المدافعين عنه والمدعين العامين الديمقراطيين.
وأعلن ترمب "أود المشاركة في المحاكمة، أرغب في أن أجلس في الصف الأول وأراقب وجوههم الفاسدة"، لكنه ذكر أن محاميه قد يجدون في تلك الفكرة "إشكالية".