«أونكتاد»: نمو واسع النطاق للسعودية والإمارات في 2020 ومتواضع في 4 دول خليجية
توقعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، أن ينمو اقتصادا السعودية والإمارات بشكل واسع النطاق خلال العام الجاري، تماشيا مع التوسع المتسارع في الطلب المحلي.
ورجح تقرير الحالة والتوقعات الاقتصادية العالمية لعام 2020 الصادر عن المنظمة أن تشهد بقية دول مجلس التعاون "قطر، الكويت، البحرين، عمان" انتعاشا متواضعا في النمو خلال العام الجاري.
ومن دون أن تعطي أرقاما محددة، أضافت "أونكتاد"، "ينبغي أيضا لجهود الإصلاحات التي تبذلها الحكومتان السعودية والإماراتية لتيسير التنويع الاقتصادي أن تعزز الانتعاش".
ونبهت المنظمة في تقريرها إلى أن واحدة من كل خمس دول في العالم ستشهد ركودا أو انخفاضا في دخل الفرد هذا العام. وأشارت إلى أن الاقتصاد العالمي الذي عانى أدنى نمو له في عقد من الزمان خلال 2019، وتراجع إلى 2.3 في المائة، يمكن أن يشهد زيادة طفيفة في النشاط الاقتصادي في 2020 إذا تم إبقاء المخاطر في أدناها.
وذكرت "على الرغم من معدل نمو الأموال الواسع في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في 2019 كان أقل بكثير من الذروة التي بلغها في 2014، علاوة على ضعف تدفقات رأس المال من جنوب آسيا، التي حافظت على نمو القطاع غير المتعلق بالطاقة في الماضي القريب، فمن المتوقع أن تشهد اقتصادات أربع دول أعضاء في المجلس "انتعاشا متواضعا" خلال عامي 2020 و2021 مع استقرار القطاع العقاري".
وما يتعلق بالأردن، قالت المنظمة" إن الأردن تمكن من الحفاظ على نمو الطلب المحلي في مواجهة قيود ميزان الأجور من خلال زيادة الصادرات وتدفقات رأس المال الأجنبي إلى الداخل". غير أن سرعة التوسع غير كافية لتوفير دفعة ملحوظة لمستويات دخل الفرد، التي انخفضت بشكل كبير بسبب تدفق اللاجئين من سورية.
وقالت "إن نصيب الفرد الحقيقي من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 كان أقل بنسبة 10 في المائة من المستوى السائد في 2010".
وأشارت المنظمة إلى أنه في أعقاب نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأردن بنسبة 1.9 في المائة في 2019، من المتوقع حدوث تسارع متواضع إلى 2.2 في المائة في 2020 مع تنفيذ الإصلاحات الجارية بما يتماشى مع أحكام مبادرة لندن التي أطلقت أخيرا.
وعلى عكس الأردن، شهد لبنان تشديدا لقيود ميزان المدفوعات مع استمرار تضاؤل تدفقات رأس المال الأجنبي. وأنزل المصرف المركزي احتياطياته من النقد الأجنبي بمقدار أربعة مليارات دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من 2019 لتخفيف هذه القيود، غير أن الضغط على الليرة اللبنانية ازداد بسبب النقص الحاد في سيولة الدولار.
وقالت "أونكتاد"، "أدى تدهور الإحساس الاقتصادي إلى اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق قرب نهاية 2019. والآفاق الاقتصادية لعام 2020 غير مؤكدة إلى حد كبير، لأن الكثير سيتوقف على استقرار الحالة الاجتماعية - السياسية".
ملامح النمو على الصعيد العالمي
بسبب تأثيرات النزاعات التجارية المطولة، عانى الاقتصاد العالمي أدنى نمو له في عقد من الزمان، حيث تراجع إلى 2.3 في المائة في 2019. مع ذلك، يمكن أن يشهد العالم زيادة طفيفة في النشاط الاقتصادي في 2020 إذا تم إبقاء المخاطر في أدناها، وفقا للتقرير.
ويوضح التقرير أن النمو بنسبة 2.5 في المائة في عام 2020 أمر ممكن، لكن اندلاع التوترات التجارية أو الاضطرابات المالية أو تصعيد التوترات الجغرافية-السياسية يمكن أن يعرقل الانتعاش. وفي رؤية المنظمة للهبوط قالت "سيتباطأ النمو العالمي إلى 1.8 في المائة فقط هذا العام، وقد يتسبب الضعف المطول في النشاط الاقتصادي العالمي في نكسات كبيرة للتنمية المستدامة، بما في ذلك أهداف القضاء على الفقر وإيجاد فرص عمل لائقة للجميع، في الوقت نفسه، فإن أوجه عدم المساواة المتفشية وأزمة المناخ المتفاقمة تؤجج السخط المتزايد في أجزاء كثيرة من العالم".
وتحذر المنظمة من أن "هذه المخاطر يمكن أن تلحق ضررا بالغا وطويل الأمد بآفاق التنمية. كما أنها تهدد بتشجيع مزيد من الزيادة في السياسات الانغلاقية إلى الداخل، في مرحلة يكون فيها التعاون العالمي ذا أهمية قصوى".
في الولايات المتحدة، قد تقدم التخفيضات الأخيرة لأسعار الفائدة من المصرف الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بعض الدعم للنشاط الاقتصادي. مع ذلك، وبالنظر إلى استمرار عدم اليقين في السياسات، وضعف ثقة الأعمال التجارية، وتراجع الحوافز المالية، من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة من 2.2 في المائة في 2019 إلى 1.7 في المائة في 2020. وفي الاتحاد الأوروبي، سيظل عدم اليقين العالمي يمنع الصناعة التحويلية، لكن هذا سيقابله جزئيا نمو مطرد في الاستهلاك الخاص، ما يسمح بارتفاع متواضع في نمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.4 في المائة في 2019 إلى 1.6 في المائة في 2020.
توقف التقدم نحو رفع مستويات المعيشة
شهدت إفريقيا عقدا من الركود تقريبا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ولا يزال عديد من الدول في جميع أنحاء العالم يعاني آثار تراجع أسعار السلع الأساسية في الفترة 2014-2016، ما أدى إلى استمرار خسائر الناتج وانتكاسات في الحد من الفقر.
في ثلث الدول النامية المعتمدة على السلع الأساسية - يقطنها 870 مليون نسمة - يقل متوسط الدخل الحقيقي اليوم عما كان عليه في 2014. يشمل ذلك عدة دول كبيرة مثل أنجولا والأرجنتين والبرازيل ونيجيريا وجنوب إفريقيا.
في الوقت نفسه، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في عديد من الدول الإفريقية الواقعة جنوب الدول العربية وفي أجزاء من أمريكا اللاتينية وغرب آسيا. وسيتطلب إحراز تقدم مطرد نحو الحد من الفقر زيادة كبيرة في نمو الإنتاجية والتزامات ثابتة بالتصدي لمستويات عالية من عدم المساواة.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه من أجل القضاء على الفقر في معظم أنحاء إفريقيا، ستكون هناك حاجة إلى نمو سنوي يزيد على 8 في المائة، مقارنة بمتوسط المعدل البالغ 0.5 في المائة فقط على مدى العقد الماضي.
فقدان الجوانب الحاسمة للاستدامة والرفاهية
إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي، ترسم مقاييس أخرى للرفاهية صورة أكثر قتامة في عدة أجزاء من العالم. ولا تزال أزمة المناخ، واستمرار ارتفاع أوجه عدم المساواة، وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية تؤثر في نوعية الحياة في عديد من المجتمعات.
يشدد، إليوت هاريس، كبير الخبراء الاقتصاديين في الأمم المتحدة والأمين العام المساعد للتنمية الاقتصادية على القول "ينبغي لواضعي السياسات أن يتجاوزوا التركيز الضيق على مجرد تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأن يهدفوا بدلا من ذلك إلى تعزيز الرفاهية في جميع أجزاء المجتمع. وهذا يتطلب إعطاء الأولوية للاستثمار في مشاريع التنمية المستدامة لتعزيز التعليم والطاقة المتجددة والبنية التحتية المرنة".
الحد من انبعاثات الكربون
لمكافحة تغير المناخ، ينبغي تلبية احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة بمصادر طاقة متجددة أو منخفضة الكربون. سيتطلب ذلك إجراء تعديلات هائلة في قطاع الطاقة، الذي يمثل حاليا نحو ثلاثة أرباع انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. إذا ما ارتفعت نسبة الانبعاثات في الدول النامية لتعادل نسبة الانبعاثات في الاقتصادات المتقدمة، فإن انبعاثات الكربون العالمية ستزيد بأكثر من 250 في المائة، مقارنة بالهدف العالمي المتمثل في الوصول إلى صفر صاف من الانبعاثات بحلول 2050.
تقول المنظمة "لا يزال هناك بخس في تقدير الحاجة الملحة إلى التحول في مجال الطاقة، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات قصيرة النظر مثل توسيع الاستثمار في استكشاف النفط والغاز وتوليد الطاقة بالفحم. وهذا لا يترك عديدا من المستثمرين والحكومات عرضة لخسائر مفاجئة فحسب، بل يشكل أيضا نكسات كبيرة للأهداف البيئية. أي تأخير في اتخاذ إجراءات حاسمة نحو نقل الطاقة يمكن أن يضاعف التكاليف النهائية. والانتقال إلى مزيج أنظف من الطاقة لن يجلب منافع بيئية وصحية فحسب، بل سيجلب أيضا فرصا اقتصادية لعديد من الدول".
الحاجة إلى مزيج متوازن من السياسات
تقول "أونكتاد"، "إن الاعتماد المفرط على السياسة النقدية ليس غير كاف لإنعاش النمو فحسب، بل ينطوي أيضا على تكاليف كبيرة، بما في ذلك تفاقم مخاطر الاستقرار المالي. وهناك حاجة إلى مزيج أكثر توازنا من السياسات، وهو مزيج يحفز النمو الاقتصادي مع التحرك نحو مزيد من الإدماج الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين، والإنتاج المستدام بيئيا".