حملة أمريكية لتشديد قانون التداول من الداخل

حملة أمريكية لتشديد قانون التداول من الداخل

مجموعة من المحامين الأمريكيين ذوي نفوذ حثت الكونجرس على تشديد قوانين التداول من الداخل من خلال تحميل المطلعين المسؤولية حتى عندما لا يستفيدون من إعطاء معلومات غير عامة لمتداولين.
فريق عمل برئاسة بريت برارا، مدعي عام مانهاتن الذي قاد حملة على التداول من الداخل بعد الأزمة المالية، أصدر تقريرا يوم الإثنين يدعو المشرعين إلى إلغاء ما يسمى اختبار "المنفعة الشخصية" في قانون التداول من الداخل الأمريكي.
قال برارا لـ"فاينانشيال تايمز": "إذا كان لديك شرط واسع للمنفعة الشخصية، فإن هذا يؤدي إلى أن يفلت من العقاب مطلع ثري يسرق معلومات من شركته ويفيد أحد المحاسيب، أو أحد أفراد أسرته بمئات الملايين من الدولارات. هذا ظلم تقليدي ويجب أن يكون واضحا أن مثل هذا الشيء ينتهك القانون".
يأتي التقرير الصادر عن ثمانية مسؤولين سابقين في مجال إنفاذ القانون وقضاة وأساتذة بعد أن أقر مجلس النواب، بدعم ساحق من الحزبين في كانون الأول (ديسمبر) الماضي حظرا على التداول من الداخل. مشروع القانون لم يقره مجلس الشيوخ بعد، لكن إذا تم تبنيه، فهذه ستكون المرة الأولى التي تصدر فيها الولايات المتحدة تشريعا محددا يجرم التداول من الداخل.
في حين أن كثيرا من الدول لديها قوانين محددة تحظر التداول من الداخل، ظل القانون في الولايات المتحدة مستندا على مدى عقود إلى تشريع أكثر عمومية صدر عام 1934 لتنظيم الأسواق الأمريكية. المحاكم الأمريكية رفضت معيار العدالة المستخدم في القانون الأوروبي للتداول من الداخل، وبدلا من ذلك أسندت الجريمة إلى فكرة أن المطلعين ملزمون بواجب عدم مشاركة المعلومات الداخلية.
الجمهوريون في مجلس النواب أيدوا مشروع القانون المسمى "قانون حظر التداول من الداخل" بعد تعديله للاحتفاظ بشرط المنفعة الشخصية الذي تطور على مر الأعوام في المحاكم الأمريكية. يقول باتريك ماكنري، الجمهوري البارز في لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، إن الاختبار سيساعد على حماية "المتداولين ذوي النوايا الحسنة".
الاختبار يستند إلى قرار صدر عام 1983 عن المحكمة العليا في قضية شخص يدعى رايموند ديريكس ضد لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية. برأ القاضي محلل الأوراق المالية لأنه لم يكن مدفوعا بمصلحة شخصية عندما ناقش مع عملائه معلومات تم الحصول عليها من أحد المخبرين. "لا يوجد غرض غير مقبول، لا يوجد أي انتهاك للواجب تجاه المساهمين. ولا يوجد خرق من المطلع، لا يوجد خرق مشتق من ذلك"، حسبما قضت المحكمة.
بصفته مدعيا عاما أمريكيا في الفترة من 2009 إلى 2017، شرع برارا في حملة صارمة على التداول من الداخل بما في ذلك محاكمات بارزة لراجات جوبتا، وراج راجاراتنام، وشركة إس إيه سي كابيتال SAC Capital. الفورة تم إخمادها عام 2014 عندما وجدت محكمة الاستئناف الدائرة الثانية، في قضيتين أخريين تتعلقان بمتداولين أن الحكومة لم تثبت أن هناك منفعة شخصية تلقاها المطلعون الأصليون.
المحكمة العليا رفضت مراجعة هذا الحكم، لكن في قضية منفصلة لاحقا أوضحت أنه إذا كان المطلعون يقدمون نصائح للأصدقاء المقربين والعائلات، فإنهم يستفيدون شخصيا لأن الفعل مماثل قانونيا للتداول لحسابهم الخاص، وإهداء الأرباح بدلا من ذلك. أخيرا، قالت الدائرة الثانية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إن المدعين الذين يستخدمون قوانين معينة لا يتعين عليهم إثبات منفعة شخصية.
قال برارا: "لقد كان شرط المصلحة الشخصية الذي كبر بمرور الوقت مربكا للغاية للناس. في بعض الأوقات يمكنك تقديم نصيحة مادية غير عامة مثيرة للإعجاب بدرجة كبيرة إلى شخص ما، تكون مسألة المنفعة الشخصية غير واضحة فيها".
المجموعة التي يقودها برارا تضم جون كيم شريك في شركة كليري جوتليب ستين آند هاملتونCleary Gottlieb Steen & Hamilton، الذي كان مدعيا عاما لمانهاتن بالنيابة، بعد برارا، وجيد راكوف، القاضي الفيدرالي في مانهاتن الذي طالب بمساءلة أشد ضد المصارف الكبرى بعد انهيار عام 2008.
أما الأعضاء الآخرون في "فريق عمل برارا المعني بالتداول من الداخل " فهم كاترين جولدستين، شريكة في شركة ميلبانك Millbank، وميلندا هاج، شريكة في "أوريك" Orrick، وجوان مكاون، شريكة في "جونز داي"Jones Day، وجون كوفي، أستاذ في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا، وجوزيف جرواندفيست، أستاذ في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد.
عدم وجود حظر محدد على التداول من الداخل لم يعمل بالضرورة على إعاقة المدعين العامين الأمريكيين، الذين قادوا الطريق في اتهام حتى العصابات العالمية للتداول من الداخل. في الآونة الأخيرة عمل المدعون العموم في مكتب المدعي العام الأمريكي في المقاطعة الجنوبية في نيويورك على تفكيك مخطط يضم متداولا في سويسرا ومصرفيين في لندن.
قال كيم: "قوانين التداول من الداخل في أجزاء أخرى من العالم هي في الواقع تخص التداول من الداخل. بهذه الطريقة، تخلفت قوانين الولايات المتحدة". أضاف: "الولايات المتحدة فقط هي السلطة الوحيدة التي تطبقها فعليا بطريقة مجدية". توصيات فريق العمل متوافقة في أجزاء مع مشروع قانون مكون من سبع صفحات أقره مجلس النواب العام الماضي، يقنن الممارسات الحالية إلى حد كبير مع توسيع نطاق القانون ليغطي التداول من الداخل الذي يشمل القرصنة.
مع ذلك، المجموعة دعت إلى تمييز أوضح بين المعايير في القضايا المدنية والجنائية وضغطت لإلغاء اختبار المنفعة الشخصية.
وقال التقرير: "ولد الاختبار حصة غير متناسبة من الارتباك وعدم اليقين"، موضحا أن الأسئلة حول التقارب بين علاقة الشخص مع متلقي النصيحة لديها "القدرة على تحقيق نتائج غير متسقة واعتباطية".
أضاف: "قد يكون الصديق المقرب لشخص ما هو أحد المعارف البعيدين لشخص آخر، فهل يجب أن يكون ذلك أمرا مهما لأغراض مراقبة نزاهة الأسواق؟".

الأكثر قراءة