محللون لـ"الاقتصادية": التفاهمات السعودية - الروسية كلمة المرور لاستعادة استقرار الأسواق النفطية
قال محللون نفطيون إن التفاهمات السعودية- الروسية ستكون كلمة المرور لاستعادة استقرار الأسواق النفطية والتوافق بشأن تعميق تخفيضات الإنتاج بعد توصيات اللجنة الفنية بخفض إضافي قدره 600 ألف برميل حتى نهاية العام الجاري، متوقعين استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري، تفاعلا مع التطورات الجديدة في الجهود الدولية لاحتواء فيروس كورونا في الصين، وعدد من دول العالم وهو ما تسبب في واحدة من أصعب موجات التوتر في السوق، حيث سجلت أسعار النفط انخفاضا للأسبوع الخامس على التوالي، وخسر خام برنت 6.3 في المائة على أساس أسبوعي، بينما خسر الخام الأمريكي 2.4 في المائة.
ويرى المحللون أن جهود "أوبك+" المرتقبة ستسهم في تقييد المعروض بشكل أكبر في التغلب على حالة المخاوف وعدم اليقين في الأسواق، خاصة المتعلقة بتوقعات ضعف الطلب العالمي على النفط واضطراب الأداء الاقتصادي في عديد من الاقتصاديات الكبرى وعلى رأسها الصين.
وأضافوا لـ"الاقتصادية"، أن أسواق الطاقة ما زالت في حالة اضطراب وهناك انخفاض ملحوظ في أنشطة الحفر في الولايات المتحدة مع تسارع انخفاض أسعار النفط وفي الوقت نفسه لا يزال نحو 800 ألف برميل يوميا من الإنتاج الليبي معطلة.
ورجح المحللون استمرار حالة المخاوف بشأن سوق النفط لبعض الوقت، بحسب بيانات كومرتس بنك الدولي، لافتين إلى أن الطلب الصيني ووارداته مهمان لاستقرار سوق النفط العالمية ومن الضروري سرعة الخروج من حالة التراجع الهائل في الطلب على المدى المتوسط.
وفي هذا الإطار، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن التفاهمات السعودية- الروسية كعادتها ستكون كلمة المرور إلى استعادة الاستقرار في السوق، لافتا إلى أن الاجتماعات الفنية المطولة جعلت من غير الضروري تقديم موعد الاجتماع الوزراي لحين الاتفاق على كل التفاصيل الفنية المطلوبة، موضحا أن الالتزام الروسي سيكون أكبر داعم لخطة خفض الإنتاج، خاصة في ضوء تراجعات سعرية مؤثرة، حيث سجلت أسعار النفط أكبر خسارة في الشهر الماضي خلال 30 عاما.
وأشار جونسون إلى أن السوق تترقب بلهفة الجهود الدولية في احتواء الفيروس، وإذا تحقق ذلك فقد يتعافى الطلب بسرعة، منوها إلى أنه بحلول موعد اجتماع المنتجين في آذار (مارس) المقبل ستكون قد اتضح كثير من تطورات السوق، ومدى الإنجاز في احتواء انتشار الفيروس، ومدى تأثير تخفيضات المعروض من "أوبك+" في المقابل.
بدوره، يقول أندرو جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية، أن هناك جهودا مشتركة وقوية بين المنتجين للتغلب على حالة الضعف في السوق جراء الضغوط الهبوطية، التي نتجت عن عوامل متتالية أبرزها حرب التجارة ثم انتشار فيروس كورونا ومخاوف النمو الاقتصادي وضعف الطلب.
وأشار جروس إلى أن الاجتماعات الفنية كشفت عن تقارب في وجهات النظر بين المنتجين بشأن الحاجة إلى التدخل في السوق بإجراءات أعمق لتقييد المعروض، لافتا إلى أن المعلومات كانت متضاربة في البداية حول الموقف الروسي، ولكن أحدث المعلومات تؤكد جاهزية موسكو لدعم جهود "أوبك" وعلى رأسها السعودية في الدفع نحو خفض الإنتاج بشكل أعمق.
من جانبه، يرى ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أن اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة لـ"أوبك+" امتدت أكثر من المتوقع، حيث من الواضح أن وضع السوق يحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث بسبب توقعات الإفراط في العرض والحاجة إلى إجراء تخفيضات متتالية للسيطرة على تلك الوفرة ودفع السوق نحو التوازن.
وأشار لديسما إلى أن الأسبوع الجاري ستستمر فيها التقلبات السعرية مع الميل أكثر إلى تسجيل انخفاض في أسعار النفط، التي ظهرت بقوة نهاية الأسبوع الماضي انتظارا لحدوث تقدم فعال في احتواء انتشار فيروس كورونا المستجد، إضافة إلى وضوح الصورة بشأن خطوة المنتجين المقبلة في تعميق خفض الإنتاج، وإن كانت التكهنات تميل إلى إضافة 600 ألف برميل يوميا جديدة لاتفاق خفض الإنتاج.
من ناحيته، أوضح فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، أن تخفيضات الإنتاج العالمي تتوالى فقد شهد الربع الأول تعميق الخفض بنحو 500 ألف برميل يوميا، إضافة إلى 400 ألف برميل تخفيضات طوعية من السعودية، وربما يشهد الربع الثاني تخفيضات أوسع تقدر مبدئيا بنحو 600 ألف برميل يوميا بخلاف التخفيضات الطوعية الإضافية.
ولفت موسازي إلى أن تحركات المنتجين تجيء في إطار قراءة موضوعية لتطورات السوق وسط محاولات حثيثة لعلاج ضعف الطلب الصيني الناجم عن أزمة انتشار الفيروس، حيث إن استهلاك الصين من النفط، حسب بعض التقديرات، سينخفض بمقدار ثلاثة ملايين برميل يوميا، ما يوسع الفجوة بين العرض والطلب في السوق ويزيد الأعباء على "أوبك+" لتقليص المعروض من جانبها.
وسجلت أسعار النفط انخفاضا للأسبوع الخامس على التوالي، إذ يحجم المضاربون بسبب تراجع أرقام الاستهلاك والتوقعات بأن الفيروس، الذي أودى بحياة أكثر من 600 شخص، سيظل يضغط على الطلب.
وبحسب "رويترز"، خسرت العقود الآجلة لخام برنت 46 سنتا أو ما يعادل 0.8 في المائة لتبلغ 54.47 دولار للبرميل عند التسوية، ونزل برنت 6.3 في المائة في الأسبوع الماضي.
وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 63 سنتا أو 1.2 في المائة إلى 50.32 دولار للبرميل عند التسوية، وخسرت 2.4 في المائة الأسبوع الماضي.
واقترحت لجنة تسدي المشورة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها بقيادة روسيا، في إطار ما يعرف بمجموعة "أوبك+"، خفضا مؤقتا للإنتاج بمقدار 600 ألف برميل يوميا.
وقال ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي إن موسكو تحتاج إلى مزيد من الوقت لتقييم الموقف، وتراجعت أسعار النفط بنحو الخمس منذ تفشي الفيروس بمدينة ووهان في الصين.
وتعد الصين ثاني أكبر مستورد في العالم للنفط، إذ تلقت نحو عشرة ملايين برميل يوميا في 2019، وتوقع نوفاك بأن الطلب العالمي ربما ينخفض بين 150 و200 ألف برميل يوميا في 2020 لأسباب من بينها الفيروس.
وزادت مجموعة "أوبك+" هذا العام تخفيضات قائمة إلى نحو 1.7 مليون برميل يوميا، أي نحو 2 في المائة من الطلب العالمي، لكن الأسعار ظلت داخل نطاق ضيق.
ومن المقرر أن يجتمع منتجو "أوبك+" في فيينا في الخامس والسادس من مارس، لكن الاجتماع قد يجري تقديم موعده بسبب المخاوف المحيطة بالفيروس.
ورفعت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة للأسبوع الثالث في أربعة أسابيع حتى في الوقت، الذي يعتزم فيه المنتجون مواصلة خفض الإنفاق على أنشطة الحفر الجديدة للعام الثاني على التوالي في 2020.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الطاقة أضافت حفارا نفطيا في الأسبوع المنتهي في السابع من فبراير، ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 676 حفارا، وكان عدد الحفارات العاملة 854 في الأسبوع ذاته قبل عام.
وفي 2019، تراجع عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر مبكر للإنتاج في المستقبل، بواقع 208 حفارات في المتوسط بعد أن ارتفع بمقدار 138 في 2018 مع قيام شركات التنقيب والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع سعي المساهمين إلى عوائد مالية أفضل في ظل وضع تنخفض فيه أسعار الطاقة.
وعلى الرغم من تراجع عدد الحفارات، التي تحفر آبارا جديدة في العام الماضي، واصل إنتاج الولايات المتحدة النفطي الارتفاع لأسباب من بينها أن إنتاجية الحفارات المتبقية- كمية النفط، التي تنتجها الآبار الجديدة لكل منصة- زادت إلى مستويات قياسية في معظم الأحواض الصخرية الكبيرة.
لكن من المتوقع أن تتباطأ وتيرة نمو الإنتاج في الأعوام المقبلة بعد أن ارتفعت 18 في المائة في 2018، و11 في المائة في 2019.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من الخام نحو 9 في المائة في 2020 إلى 13.3 مليون برميل يوميا و3 في المائة في 2021 إلى 13.7 مليون برميل يوميا من المستوى القياسي البالغ 12.2 مليون برميل يوميا في 2019.
ومنذ بداية العام الجاري، بلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة في المتوسط 791، وتنتج معظم منصات الحفر النفط والغاز.
وتراجعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي نحو أدنى مستوى في نحو أربعة أعوام بنهاية الأسبوع الماضي، مع ظروف الطقس الأكثر دفئا إضافة إلى تفشي الفيروس الصيني.
ويأتي الهبوط في أسعار الغاز الطبيعي مع ظروف الطقس، حيث إن عشرة أسابيع من بين آخر 11 أسبوعا كانت أكثر دفئا من المعدل المعتاد في هذا التوقيت.
وانخفضت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة 137 مليار قدم مكعبة في الأسبوع الماضي لتهبط إلى 2609 مليارات قدم مكعبة.
وفي الشهر الماضي، كان سعر الغاز الطبيعي تراجع أدنى دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لأول مرة منذ عام 2016 وسط وفرة في الإمدادات مع انخفاض الطلب على خلفية ظروف الطقس الأكثر دفئا.
وهبط سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم مارس 0.6 في المائة، مسجلا 1.85 دولار لكل مليون وحدة بريطانية، وكان سعر الغاز الطبيعي قد هبط إلى 1.84 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في وقت سابق من التعاملات، ليكون عند أدنى مستوى منذ مارس 2016.
وهناك مخاوف من تعطل الإمدادات في الصين نتيجة للفيروس سريع الانتشار، كما تعتقد وكالة "ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس"، التي من شأنها أن تضاعف الضغط على أسعار الغاز الطبيعي المسال.
وقال "راينر سيل" الرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز النمساوية "أو.إم.في"، إن الأسواق متأثرة بانتشار "كورونا"، ويتزامن ذلك مع إعلان أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في الصين فرض حالة "القوة القاهرة" في بعض العقود، وعلقت شركة النفط الوطنية الصينية "سي.إن.أو.أو.سي" عقودا مع ثلاثة موردين على الأقل.
وفي آسيا، أنهى السعر الفوري للغاز الطبيعي المسال عند أدنى مستوى على الإطلاق ملامسا ثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.