القروض الرديئة للقطاع المصرفي في الصين قد تبلغ 1.1 تريليون دولار في 2020

القروض الرديئة للقطاع المصرفي في الصين قد تبلغ 1.1 تريليون دولار في 2020

خفضت الصين سعر الإقراض الرئيس أمس، كما كان متوقعا على نطاق واسع، إذ تتحرك السلطات لخفض تكاليف تمويل الأنشطة التجارية ودعم اقتصاد يهزه التفشي الكبير لفيروس كورونا.
وأضر التفشي بسلاسل الإمداد العالمية وسبب تعطيلا واسعا للأنشطة التجارية والمصانع في الصين، ما دفع السلطات لاتخاذ سلسلة من الإجراءات خلال الأسابيع القليلة الماضية لتخفيف الأثر في النمو.
وبحسب "رويترز"، خفضت الصين سعر الإقراض الرئيس لأجل عام، وهو سعر الفائدة القياسي الجديد للقروض، الذي بدأت العمل به في آب (أغسطس) عشر نقاط أساس إلى 4.05 في المائة من 4.15 في المائة في التعديل الشهري السابق.
وتقرر خفض فائدة أجل خمسة أعوام بمقدار خمس نقاط أساس إلى 4.75 في المائة من 4.80 في المائة، وكان 51 مشاركا في استطلاع قد أجمعوا على توقف خفض سعر الفائدة الرئيس، بينهم 38 محللا أو نحو 75 في المائة من المشاركين، رجحوا خفضا قدره عشر نقاط أساس للسعرين.
وتراجع اليوان إلى أدنى مستوى في أكثر من شهرين مقابل الدولار بعد خفض الفائدة، مدفوعا بضغوط من توقعات لمزيد من التيسير النقدي.
وتتوقف الاتجاهات العامة لسياسات عديد من البنوك المركزية والحكومات في أنحاء العالم في الوقت الحالي على التحرك، الذي ستتبناه الحكومة الصينية لمواجهة الصدمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا في البلاد.
ودعا المكتب السياسي للحزب الحاكم في الصين، إلى مزيد من العمل من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية للعام الجاري، وهو أمر إلزامي من شأنه أن يسبب هزة لتردد الحكومة الصينية في الأونة الأخيرة في إطلاق إجراءات تحفيز مالي واسعة النطاق.
وإذا ما ترجم هذا الأمر إلى تخفيف شامل للسياسة النقدية، وزيادة في الإنفاق الحكومي، فإن شركاء الصين التجاريين، الذين تضرروا بفعل الضربة التي أصابت الصادرات، وسلاسل التوريد والسلع الأساسية، قد يواجهون معاناة على المدى القصير، تليها عودة سريعة للوضع الطبيعي، بحسب تحليل لوكالة أنباء "بلومبيرج" الأمريكية.
ومن المتوقع أن تهيمن هذه التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا (كوفيد19-) على مناقشات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، في العاصمة السعودية الرياض، يومي السبت والأحد المقبلين.
وأشارت كريستينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى "إجراءات متزامنة أو متناسقة، وهو الأفضل، لحماية الاقتصاد العالمي".
ويعتمد الأمر في جزء كبير منه على الإجراءات، التي ستلجأ إليها الصين، وتتضمن الخيارات على المدى القريب إقدام بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على مزيد من الخفض في أسعار الفائدة على الإقراض، إضافة إلى زيادة الإعفاءات الجمركية للقطاعات الأكثر تضررا، وضخ سيولة نقدية هائلة في النظام المالي، ويظل التركيز في الوقت الحالي على عدم تضخيم الأمر، رغم وجود إشارات بأن العزم يتراجع في هذا الاتجاه.
وربما يلجأ البنك المركزي الصيني إلى مزيد من الخفض في نسبة الودائع التي تحتفظ بها البنوك كاحتياطي إلزامي، ويسمح للحكومات المحلية بتسريع وتيرة بيع السندات من أجل تمويل مشروعات البنية التحتية، مثل الطرق السريعة والمنشآت الصحية.
والأمر، الذي لم يتضح بعد هو ما إذا كان المسؤولون سيخففون من قبضتهم على الإقراض في اقتصاد يتجه فيه إجمالي الديون إلى نحو 300 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يجعل من الاستقرار المالي أولوية سياسية.
وقال ناثان شيتس المسؤول السابق في مجلس الاحتياط الاتحادي (المركزي الأمريكي)، الذي يشغل في الوقت الحالي منصب كبير خبراء الاقتصاد بوحدة "بي جي آي إم فيكسيد انكوم"، التي تمثل ذراع الاستثمارات الثابتة لمؤسسة "بي جي آي إم" الأمريكية: "الأمر الأساسي بالنسبة لشركاء الصين التجاريين ليس بشكل كبير قوام خطط التحفيز، ولكن بالأحرى، أن يتم تصميم هذه الخطط لتعكس ملامح الصدمة".
وتشير تقديرات لوكالة "ستاندرد آند بورز" جلوبال للتصنيفات الائتمانية إلى أن القطاع المصرفي في الصين قد يواجه زيادة في القروض المتعثرة بما يصل إلى 7.7 تريليون يوان (1.10 تريليون دولار) في 2020 ما لم يبدأ تفشي الفيروس في الانحسار قبل أبريل.
وحذرت "ستاندرد آند بورز" من أنه "في الوقت الذي يعطل فيه تفشي فيروس كورونا الإنتاج في الصين، فسيجد بعض الشركات والأفراد صعوبة في سداد الديون".
وفي إطار المساعي الرامية لتخفيف أثر ذلك، تحث الجهات المنظمة للخدمات المالية البنوك على خفض أسعار الفائدة وتمديد آجال سداد القروض لشركات معينة أضر بها تفشي المرض.
وتضع السلطات المحلية قائمة بأسماء الشركات لمساعدة بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على ضخ قروض رخيصة بقيمة 300 مليار يوان للشركات المتضررة من الفيروس في أرجاء البلاد، وتتوقع الوكالة "أن تخفف الصين معايير تعريف القروض المتعثرة لمساعدة الشركات والمجتمعات المتضررة".
وتشكل المصانع الصينية رابطا حيويا في سلاسل التوريد للشركات متعددة الجنسيات، ولا تزال مقاطعة هوبي، التي تشكل قلعة صناعية اقتصادها بحجم اقتصاد دولة مثل السويد، في حالة إغلاق تام، كما جرى تطبيق قيود متنوعة على عمليات الإنتاج في المصانع وعلى السفر في أنحاء الصين، ما يعقد مهمة استعادة الاقتصاد الوتيرة الطبيعية، التي كان عليها في السابق.
ويتوقع خبراء الاقتصاد في مصرف "إتش إس بي سي"، أن تتحمل قارة آسيا بشكل رئيس وطأة تراجع عائدات السياحة، كما أكدوا أن دور الصين في القلب من سلاسل التوريد العالمية في مجال الإلكترونيات سيعيق التعافي الناشئ، بعد تباطؤ طال أمده.
وخفض البنك المركزي الصيني، الذي تتركز عمليات الإقراض الخاصة به على دول آسيا، توقعاته بشأن إجمالي الناتج المحلي للصين إلى 2.3 في المائة من 2.5 في المائة.
وأظهر تحليل أعده توم أورلفيك من وحدة "بلومبيرج إيكونوميكس" أن أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وهونج كونج وتايلاند ضمن الدول الأكثر عرضة للمخاطر في المنطقة، في حين تتصدر البرازيل وألمانيا وجنوب إفريقيا القائمة على المستوى العالمي.
وشدد الرئيس الصيني شي جين بينج، على أن الصفعة، التي تلقاها اقتصاد بلاده ستكون قصيرة المدى، واستغل الرئيس الصيني بعض الفرص، مثل محادثة هاتفية مع رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، للتأكيد على قدرة بلاده على احتواء التداعيات الاقتصادية لتفشي الفيروس.
ووفقا لما ذكره أوليفيه برانشارد، كبير خبراء الاقتصاد لدى صندوق النقد الدولي سابقا، فإن هناك مصدرا واحدا للقلق، وهو أنه بما أن الصين تعاني صدمة في جانب العرض، التي قلبت موازين الإنتاج والتوزيع، فلن تكفي وسائل التحفيز التقليدية مثل خفض أسعار الفائدة أو زيادة حجم الإنفاق العام، لتعديل الأوضاع.
وأوضح بلانشارد "من المرجح أن يحدث أكبر الأثر في باقي العالم من خلال تعطيل سلاسل التوريد، وكذلك التأثير في الشركات خارج الصين.. وسيكون ذلك أكثر بكثير من تداعيات تراجع الصادرات إلى الصين، وذلك بسبب تباطؤ النمو في الصين".
وبدأت بالفعل حكومات الدول الآسيوية اتخاذ خطوات لمواجهة هذه التداعيات، حيث ذكر كويتشي همادا، مستشار رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أنه ستكون هناك حاجة لتبني إجراءات تحفيز مالي إذا ما ساءت الأمور.
وتستعد سنغافورة إلى تعزيز الإنفاق، فيما ستعلن ماليزيا إجراءات تحفيز مالي الشهر المقبل، وتعتزم إندونيسيا تسريع وتيرة الإنفاق.
وعلى المستوى العالمي، يقول صناع السياسة، وبينهم كريستينا جورجييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وجيروم باول رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي (المركزي الأمريكي)، إنهم يراقبون عواقب تفشي كورونا عن كثب.
وعلى مستوى الدول صاحبة الاقتصادات الصاعدة، خفضت تايلاند وماليزيا والفلبين أسعار الفائدة، وقد تليها دول أخرى، ولكن لماذا التركيز على هذا النحو الكبير على التحرك المقبل للصين؟
ويتوقع جيني ما، رئيس وحدة أبحاث الصين في معهد التمويل الدولي: "أن يعتمد رد فعل السياسة العالمية بنسبة 75 في المائة على تحرك بكين، وبنسبة 25 في المائة على باقي دول العالم".
إلى ذلك، تعهدت الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا بتعزيز جهودهما لمكافحة كورونا، وذلك بعد لقاء في لاوس بين وزراء الخارجية.
وقالت الصين والدول العشر الأعضاء في الرابطة في بيان إنها ستعمل على تعزيز التعاون مع خلال سرعة مشاركة المعلومات والتواصل وتبادل البحث والدراسة والالتزام بالحد من التأثير الاقتصادي للفيروس، إضافة إلى إجراءات أخرى.
وجاء في البيان "نحن عازمون على الاستمرار في العمل معا للتعامل مع هذا المرض الخطير ومواجهة تداعياته السلبية".
وأوضح سيف الدين عبدالله وزير الخارجية الماليزي أن بلاده "تتطلع للعمل بصورة وثيقة مع دول الآسيان والصين في تعزيز التنسيق والتعاون من أجل التخفيف من التأثير الاقتصادي واستعادة ثقة السوق، خاصة في القطاعات التي تأثرت بسبب الفيروس".
وأدى تفشي الفيروس لانخفاض كبير في السياحة الوافدة من الصين لدول المنطقة، وتتوقع الحكومة التايلاندية تراجع إيرادات السياحة بواقع عشرة ملايين دولار بسبب الفيروس.
وعلى صعيد الشركات المتضررة، ذكر سورين سكو الرئيس التنفيذي لشركة "أيه بي مولر ميرسك"، أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، أن أعمال الشركة ستعاود الارتفاع خلال شهرين، بناء على توقعات بأن تأثير "كورونا" في التجارة ربما يصل ذروته في القريب العاجل.
وأضاف سكو "رصدنا انخفاضا في أعداد الحالات الجديدة المصابة بالفيروس على مدار الأسبوعين ونصف الماضيين، هذا أمر إيجابي.. هذا يعني أن ذروة التأثير في التجارة ستحدث خلال الأسبوعين المقبلين".
وأضاف رئيس ميرسك، أنه "إذا استمر الأمر هكذا، نتوقع تراجعا كبيرا في أعمالنا خلال شهر مارس المقبل ثم انتعاش في أبريل المقبل"، مشيرا إلى أنه مع ذلك ما زال الوضع غامضا.
أما مجموعة الطيران الفرنسية الهولندية "إيرفرانس كي إل إم" فأعلنت أن كورونا سدد ضربة لعائداتها في 2020.
وقالت المجموعة في بيان "بافتراض الاستئناف التدريجي للعمليات الكاملة بدءا من أبريل، فإن الضربة الناجمة عن وباء "كوفيد-19" على العائدات التشغيلية تقدر بما بين 150 إلى 200 مليون يورو بين فبراير وأبريل".

سمات

الأكثر قراءة