لا أريد شخصيات ملهمة .. اعثر لي على شخص لا يحتذى به
أنا متعبة. ليس فقط من وجودي في المكتب لفترة طويلة والسهر لساعات متأخرة، رغم أن كليهما صحيح. بل إنه أمر مختلف تماما؛ إنه التعب من الإلهام.
اكتشفت شعوري بالضيق بعد أن تلقيت رسالة بريد إلكتروني تعرض علي أن يتم تعريفي على نساء ملهمات. نقرت على علامة "حذف". هذا وقت صعب من العام. قبل اليوم العالمي للمرأة، تخرج النساء الملهمات بأعداد كبيرة. لكن في الواقع، الرجال والنساء الملهمون معنا طوال العام – في المؤتمرات، ومتحدثين بعد العشاء، وفي الكتب، يحثوننا على السيطرة على حياتنا المهنية والوصول إلى القمة.
صفة "ملهم"، المنطبقة على شخصيات الأعمال تلخص كثيرا من الأمور الخاطئة في الأيديولوجيا الحديثة التي تضع العمل في إطار تجربة لا علاقة لها بالعمل.
سوق الإلهام مزدهرة؛ هناك صناعة نشر مكرسة لفهرسة الشخصيات الملهمة.
يوجد على مكتبي كتاب محفز من تأليف بن ويليامز، وهو مدمن مخدرات سابق أصبح جنديا في القوات البحرية. في كتابه "عقلية الكوماندو" Commando Mindset، كتب أن الإلهام "يمكن أن يكون ممتعا ويجعلك تشعر بالراحة. ويمكن لمصدر الإلهام أن يجعلك تلكم الهواء من الإثارة. لكنه يمكن أن يجعلك واعيا أيضا". بمعنى آخر، الإلهام هو كل ما تريده.
في الآونة الأخيرة، ألفت هيلاري وتشيلسي كلينتون "كتاب النساء الشجاعات" The Book of Gutsy Women، تصفان فيه شخصيات بطولية "بالشجاعة للوقوف في وجه الوضع الراهن، وطرح الأسئلة الصعبة، وإنجاز العمل".
أستطيع أن أرى أن هيلاري شجاعة، بل حتى أنها (بهمس) ملهمة. لكن لا يمكنني رؤية ما يمكن أن أتعلمه من ابنتها، بصرف النظر عن إدراك أن الولادة في عائلة سياسية أمريكية تمنحك أفضلية عظمى.
النساء الملهمات هن من أجدهن مزعجات بشكل خاص. مع تركيزهن على النجاح، يعملن على إضفاء شيء من البريق إلى القضايا الصعبة في مكان العمل - مثل فجوة الأجور بين الجنسين. شاني أورجاد، مؤلفة كتاب "العودة إلى الوطن: الأمومة والعمل والوعد الفاشل بالمساواة"، توضح ذلك: "المشكلة في الشخصيات التي يقتدى بها هي أنها تفرد القضايا وتضفي عليها طابعا شخصيا". الأمر كله يتعلق بالشخصية الشجاعة، بدلا من التركيز على تغيير هياكل مكان العمل.
صفة "الملهم" تشكل ضغطا على الشخصيات التي يقتدى بها أيضا. حتما، يتدفق عليهم سيل من الطلبات المتعلقة بالتوجيه، وإلقاء الكلمات في المناسبات، وإنجاز مهام خارج نطاق وظائفهم الفعلية.
إليزابيث كيلان، أستاذة في القيادة والتنظيم في جامعة إسيكس، تحذر طلابها من البحث عن نساء ملهمات. تقول: "أنا عادة أشجع النساء على اختيار سلوكيات أدق لمحاكاتها، مثل طريقة قيادتهن للاجتماعات، أو توجيه فريقهن، أو تناول العشاء مع أطفالهن. هذه الشخصيات القدوة المركبة ملموسة وواقعية بدرجة أكبر".
هل يمكنني اقتراح بديل؟ الشخصيات التي لا يقتدى بها. هي شخصيات غير ملهمة تظهر لك الطريق الذي ينبغي أن تتجنبه. هناك شخصيات تعلمك مخاطر الكمال، أو عدم التصرف بدناءة مع الزملاء. إحدى صديقاتي تعلمت من رئيستها في العمل عدم التقليل أبدا من شأن فريقها وعرقلته. تقول: "إن تقدمهم لا يقلل من تقدمك"، لكن العكس هو الصحيح.
أخبرتني صديقة أخرى أنها استقالت من شركتها وشكرت رئيسها الذي سألها: "ماذا فعلت؟"، في محاولة للحصول على الثناء.
عندما نظرت صديقتي إليه، أدركت أنه الشخصية التي لا تريد الاقتداء بها. لم ترغب أبدا في أن تصبح مثله: فهو منهك، ومجهد، ومحاصر من وظيفته. في تلك اللحظة شعرت أنها أثبتت صحة قرارها بالمغادرة، وأنها ممتنة لهذا الدرس غير الملهم.
عندما أعود بذاكرتي إلى الأشخاص الذين أحدثوا تغييرا في مسيرتي المهنية، لا أجد أنهم من الشخصيات الملهمة المؤثرة ولا حتى التي تروج لشعارات تمكين المرأة، بل الشخصيات التي اكتشفت إمكانياتي، أو منحتني الفرص، أو، الأفضل من ذلك، التي زادت في راتبي.
يحتاج المرء فقط إلى الاستماع إلى مقابلة إيان رايت، لاعب فريق آرسنال السابق، في برنامج "ديزيرت آيلاند ديسكس" على راديو "هيئة الإذاعة البريطانية" ليتذكر أهمية هؤلاء الأشخاص.
من المثير للمشاعر سماعه يتحدث عن المعلم الذي أخذه تحت جناحه. قال رايت: "لا أعرف لماذا اختارني، لكنه فعل ذلك". أضاف: "أعطاني المسؤولية (...) كان ذلك رائعا حقا، شعرت بالأهمية. منحني شعورا بأن هناك فائدة من وجودي".