النفط الصخري .. آبار تخرج من الخدمة ووظائف تتبخر

النفط الصخري .. آبار تخرج من الخدمة ووظائف تتبخر

ولاية داكوتا الشمالية قادت ثورة النفط غير التقليدي في أمريكا قبل أكثر من عقد من الزمن. الآن حوض باكين للنفط الصخري في الولاية يقود تراجعا كبيرا في هذا القطاع.
إنتاج النفط في الولاية، موطن أكثر الأجزاء إنتاجية في حوض باكين، انخفض أكثر من الثلث هذا العام – وهو انخفاض أكبر مما تعهد به كثير من منتجي منظمة أوبك الفرديين في صفقتهم التاريخية لخفض الإمدادات في نيسان (أبريل) الماضي - إلى أقل من مليون برميل يوميا، وفقا لأحد تقديرات الصناعة.
يأتي هذا الانخفاض بعد انهيار الاستهلاك، بسبب أزمة فيروس "كوفيد ـ 19"، الذي أدى إلى انهيار أسعار النفط الأمريكي إلى أقل من صفر في الشهر الماضي. على الرغم من الارتفاع إلى نحو 26 دولارا للبرميل، إلا أن مؤشر خام غرب تكساس الوسيط لا يزال منخفضا أكثر من النصف منذ بداية العام. نتيجة لذلك من المتوقع، وفقا لمحللين، أن ينخفض إجمالي إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمعدل يصل إلى نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، هبوطا من أعلى مستوى بالقرب من 13 مليون برميل يوميا قبل بضعة أشهر.
قال رون نيس، رئيس مجلس البترول في داكوتا الشمالية، وهو هيئة للصناعة: "لم نشهد قط تراجعا كهذا".
النفط الصخري في حوض بيرميان في تكساس ينتج ثلاثة أضعاف إنتاج حوض باكين، لذلك خسارة الإنتاج بالأرقام المطلقة ستكون أكبر. لكن الاقتصاد في داكوتا الشمالية يعتمد على النفط أكثر من اقتصاد تكساس.
البروفيسور ديفيد فلين، من جامعة داكوتا الشمالية، يقدر أن الانخفاض سيقضي على ما يصل إلى 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولاية. كان من المتوقع أن يشكل قطاع الطاقة 57 في المائة من إيرادات الموازنة الحالية في داكوتا الشمالية، لكن كان ذلك قائما على توقعات أعلى بكثير للإنتاج وأسعار النفط مما يبدو الآن معقولا.
إيان نيبوير، من شركة آر إس إينرجي جروب الاستشارية، أشار إلى أن "حوض باكين ليس فريدا في الألم الذي يشعر به، إنه الأول فقط. صناعة النفط الصخري ككل تعاني وستعاني بشدة في الوقت الذي يتبخر فيه النشاط".
أضاف نيبوير أن متوسط سعر التعادل اللازم لأي شركة إنتاج في حوض باكين هو نحو 45 دولارا للبرميل، أعلى بكثير من سعر 26 دولارا الذي يتداول به الآن خام غرب تكساس الوسيط. بعد حوض باكين عن المصافي ومراكز التخزين يعني أن الإنتاج المحلي غالبا ما يباع بسعر أرخص حتى من الأسعار القياسية.
كانت المحنة مرئية في أوائل نيسان (أبريل)، عندما أفلست شركة وايتينج بتروليوم، المتخصصة في حوض باكين، التي أنتجت نحو 110 آلاف برميل يوميا العام الماضي، تاركة ديونا غير مضمونة تتدفق عبر قطاع خدمات حقول النفط في ولاية داكوتا الشمالية. الانخفاض الهائل في الأسعار أجبر شركات الإنتاج الكبرى الأخرى في حوض باكين، مثل "كونوكو فيليبس" و"كونتننتال ريسروسس"، على تخفيض الإنتاج بشدة.
قالت وزارة الموارد المعدنية في داكوتا الشمالية إن نحو سبعة آلاف من آبار الولاية البالغة 16 ألفا أغلقت الآن. ويقدر محللون في مجموعة آر سي إينرجي أن الإنتاج انخفض حتى الآن 500 ألف برميل يوميا.
إغلاق بئر منتجة يمكن أن يكلف 20 ألف دولار، وفقا لألكسندر راموس-بيون، من شركة ريستاد إينرجي. لكن إعادة فتحها للإنتاج تكلف ما يصل إلى 50 ألف دولار، بحسب وزارة الموارد المعدنية. لذلك فاتورة إعادة التشغيل النهائية وصلت حتى الآن إلى 350 مليون دولار تقريبا.
لدعم شركات الإنتاج، تريد وزارة الموارد المعدنية تعديل القواعد بحيث تتمكن الشركات من حفر الآبار لكن مع تأخير "الانتهاء منها" من دون أن تفقد ترخيصها. قالت الوزارة إن هذا قد يوفر أكثر من نصف تكلفة البئر البالغة سبعة ملايين دولار.
طالب سياسيون في داكوتا الشمالية بدعم فيدرالي، بما في ذلك إعفاءات ضريبية والوصول إلى برامج الإقراض الوطنية. بالنسبة للاحتياجات المالية في الولاية، قد تحتاج إلى السحب من أموالها الاحتياطية البالغة 730 مليون دولار. ناقش صناع السياسة فرض قيود إنتاج على المشغلين - فكرة تم النظر فيها في تكساس، لكنها رفضت الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، تفرض السوق انضباطا مؤلما، أسرع من وصول أي خطة إنقاذ. بحلول يوم الأربعاء، انخفض عدد منصات الحفر – وهو رقم وسيط يدل على النشاط في قطاع يحتاج إلى حفر مستمر للحفاظ على ثبات الإنتاج - إلى 22، أقل من نصف متوسط آذار (مارس).
خسائر الوظائف تتزايد. كان براندون هابل، مشغل الأنابيب الملتفة الذي شهد عددا من الانهيارات في أسعار النفط، يكسب نحو 90 ألف دولار سنويا قبل أن تضرب الأزمة - أعلى بكثير من متوسط الولاية - من خلال العمل في شركة لخدمات التكسير في مينوت، لكن تم تسريحه من العمل في آذار (مارس).
قال هابل: "يبدو أن الأمر أسوأ بكثير هذه المرة. هذه الشركات كانت تكافح منذ البداية".
البروفيسور فلين أعرب عن اعتقاده أن عدد الأشخاص الذين يعملون في صناعة النفط في الولاية قد ينخفض من نحو 25 ألفا إلى 18 ألفا، ما يؤدي إلى تدمير اقتصادات الخدمات المحلية التي ظهرت لدعم القطاع.
قال إن معدلات الإشغال في فنادق غربي ولاية داكوتا الشمالية، المعتادة على استضافة العاملين في حوض باكين، انخفضت إلى نحو 10 في المائة. أضاف: "أنا لا أهتم بما تقوله مواردها المالية، أشك في أن أي نوع من المؤسسات يمكن أن ينجو".
نيس، من مجلس البترول في داكوتا الشمالية، قال ستكون هناك حاجة إلى الوصول إلى سعر 35 دولارا للبرميل قبل إعادة فتح الآبار المغلقة "وسعر مرتفع عند نحو 40 دولارا" قبل ارتفاع نشاط الحفر.
حتى ذلك الحين، يرى هابل أن المدن الموجودة في قلب حوض باكين، مثل ويليستون ومدينة واتفورد، ستكافح. قال: "كثير من الناس الذين يعملون في هذه الأماكن هم من خارج المدينة" ممن اجتذبتهم رواتب حوض باكين الكبيرة. وتيرة الحياة الأبطأ ستعود الآن إلى داكوتا الشمالية. "لقد شهدوا طفرة كبيرة في الأعوام الـ20 الماضية من كل هذا النفط، وقد يعود الوضع إلى الأوقات الأبطأ".

الأكثر قراءة