رغم نفي باول .. الفائدة السلبية حديث الساعة في «وول ستريت»

رغم نفي باول .. الفائدة السلبية حديث الساعة في «وول ستريت»
جاي باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

قال متداولون كبار، إن التحوط من قبل بعض أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أثار موجة من القلق من أن "الاحتياطي الفيدرالي" قد يخفض أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر للمرة الأولى.
ارتفعت أسعار العقود الآجلة للأموال الفيدرالية، وهي أدوات رئيسة للمستثمرين الذين يسعون للرهان أو التحوط ضد تحولات أسعار الفائدة فوق 100 الأسبوع الماضي. كان يبدو أن هذه إشارة من السوق إلى أن أسعار الفائدة السلبية آتية في الطريق. أثار هذا التسعير الشاذ وغير المسبوق نفيا فوريا من مسؤولي "الاحتياطي الفيدرالي"، إذ استبعد عدد منهم، من بينهم جاي باول، رئيس مجلس الإدارة فكرة أسعار الفائدة السلبية في الأيام التالية. لكن المتداولين الكبار النشطين في السوق يقولون، إن قلة من الصناديق أو البنوك تراهن في الواقع على أن يمضي "الاحتياطي الفيدرالي" على خطى نظرائه في أوروبا واليابان ويدخل في أسعار الفائدة السلبية. ويقولون، إن بعض البنوك تحاول، بدلا من ذلك، حماية نفسها وعملائها من "مخاطر الذيل" الجسيمة المترتبة على ذلك. قال بليك جوين، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة قصيرة الأجل في "نات ويست ماركتس"، وهو واحد من مجموعة بنوك أساسية يبلغ عددها 24 بنكا تؤدي دور المتداول النظير مع "الاحتياطي الفيدرالي": "أسواق العقود الآجلة للأموال الفيدرالية ليست عميقة إلى هذه الدرجة".
أضاف: "إذا قال بنك واحد أو بنكان كبيران أنهما سينفذان هذه التحوطات، فهذا يكفي لبدء دفع الأمور. بمجرد أن يبدأ ذلك، فإنه يشعل حوارا كاملا حول أسعار الفائدة السلبية. في غضون ساعات كنت أتلقى مكالمات هاتفية من العملاء حول ما إذا كنا سندخل في أسعار الفائدة السلبية".
يكافح بنك الاحتياطي الفيدرالي للتخلص من فكرة أن أسعار الفائدة، التي تحوم بالقرب من الصفر منذ فترة، يمكن أن تتحول إلى سلبية، ما يفرض تكلفة على الودائع، أملا في إجبار الأموال على الدخول في مشاريع أكثر خطورة. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مدافع قوي عن أسعار الفائدة السلبية، فهو يصفها بأنها "هدية" لاقتصاد يعاني تحت وطأة فيروس كورونا.
كرر باول يوم الأربعاء، أن هذا الموضوع ليس شيئا يفكر فيه البنك المركزي، مرددا تصريحات أدلى بها مسؤولون كبار آخرون في "الاحتياطي الفيدرالي". البنوك المركزية التي استخدمت أسعار الفائدة السلبية، في منطقة اليورو والسويد وسويسرا وأماكن أخرى، تكافح لاحتواء رد فعل عنيف من البنوك والمدخرين.
مع ذلك، فإن يومي الأربعاء والخميس كانت العقود الآجلة على الأموال الفيدرالية التي تنتهي صلاحيتها بين آذار (مارس) 2021 وآذار (مارس) 2022 لا تزال تنطوي على أسعار فائدة أمريكية دون الصفر. عند مستوى 100.03، تضمن عقد تموز (يوليو) 2021 سعر فائدة رسميا بنسبة سالب 0.03 في المائة الخميس. تم تداوله بمعدل مرتفع وصل إلى 100.065 في الثامن من أيار (مايو).
ينبع هذا جزئيا من عقود المقايضة - الأدوات التي توفرها بنوك وول ستريت للشركات - بما يمكن هؤلاء العملاء من مبادلة مجموعة من مدفوعات الفائدة العائمة بسعر ثابت لحمايتهم من التقلبات في أسعار الفائدة القياسية. لكن هناك مشكلة تتعلق بالتحوطات. إذا تعثرت أسعار الفائدة في السوق إلى ما دون الصفر، فإن الشركة التي تتوقع الحصول على دفعة بسعر فائدة عائم سيتعين عليها بدلا من ذلك أن تدفع المال للبنك. للحد من هذه المخاطر، تطلب الشركات من بنوكها مبادلات بأسعار فائدة دنيا تضع الحد عند الصفر. بعض الشركات التي لم يكن لديها حد أدنى في الأصل دخلت في معاملات جديدة لتحويط نفسها في الأسابيع الأخيرة. في حين أن البنوك سعيدة بالالتزام، يجب عليها هي أيضا أن تتحوط. وهي تفعل ذلك عن طريق شراء الأموال الفيدرالية أو منتجات أخرى ذات صلة، ما يدفع أسعارها إلى أعلى.
في الأسبوع الماضي تعرضت بعض البنوك لطوفان من عملاء الشركات الذين يسعون إلى حدود دنيا على اتفاقيات المقايضة الأولية، نظرا لأن أسعار الفائدة قصيرة الأجل تقترب من الصفر. التحرك نحو الصفر يعني أيضا أن البنوك وجدت نفسها بشكل غير متوقع في عقود المبادلة بما في ذلك الحدود الدنيا التي اتفقت عليها مسبقا قبل أشهر أو أعوام، ما دفع هؤلاء المتداولين إلى مزيد من التحوط.
ما يعمق الضغط، أن بعض الوكلاء الأساسيين تلقوا طلبات من بنوك أخرى تحاول تحويط محافظ قروضها، فقط تحسبا في حال غير "الاحتياطي الفيدرالي" موقفه من أسعار الفائدة السلبية. قال أحد الوكلاء، إن صناديق التحوط الكبيرة تراهن على أن أسعار الفائدة ستنخفض إلى ما دون الصفر.
وبحسب متداول كبير للدخل الثابت في بنك وكيل أساسي "لدى البنوك تريليونات الدولارات من القروض على دفاترها. سيكون هناك (مصرفيون) متوترون في جميع أنحاء العالم بالتأكيد. إذا كنت تثق فعلا بالاحتياطي الفيدرالي والاقتصادي الذي يقدم لك المشورة، لكن الرئيس يقول شيئا آخر (...) فلنذهب للتحوط بـ10 في المائة من دفاترنا".
المستثمرون والمحللون غير راغبين في استبعاد احتمال أسعار الفائدة السلبية، على الرغم من تأكيدات "الاحتياطي الفيدرالي"، خاصة في ضوء الخطوات الاستثنائية الأخرى التي اتخذها البنك المركزي لتخفيف ضربة فيروس كورونا. آرون ليبهابر، الرئيس المؤقت لمبيعات أسعار الفائدة المؤسسية في الولايات المتحدة في "آر بي سي كابيتال ماركتيس"، وهو أحد المتعاملين الأساسيين لدى "الاحتياطي الفيدرالي"، كان من بين الذين رأوا أن التجار يتحوطون ضد الأسعار السلبية في الأسبوع الماضي. قال، إن مزيدا من عملاء البنك ينظرون الآن إلى أسعار الفائدة السلبية على أنها "احتمال متزايد، وإن كان لا يزال غير مرجح".
بوب ميلر، رئيس الدخل الثابت الأساسي للأمريكتين لدى شركة بلاك روك، أضاف: "في عالم حيث البنوك المركزية على استعداد متزايد لأن تراودها أفكار غير تقليدية، من الخطأ الاعتقاد أن توزيع النتائج لا يتضمن أشياء لم تكن ممكنة من قبل".
يشير مستثمرون ، مثل ميلر، إلى قرار "الاحتياطي الفيدرالي" غير المسبوق بدعم أسواق سندات البلديات وسندات الشركات - بما في ذلك تلك الصادرة عن مقترضين خطرين. الإجراءات التي اتخذها "الاحتياطي الفيدرالي"، إضافة إلى تعهده بشراء كمية غير محدودة من السندات الحكومية، تتجاوز كثيرا ما كان البنك المركزي على استعداد لفعله خلال الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عقد.
قال ميلر: "يمكنك أن تتخيل أن هناك عددا من المستثمرين أصيبوا بالصدمة من هذا التغيير العجيب في بيئة أسعار الفائدة في غضون ثلاثة أشهر فقط وهم على استعداد الآن لإنفاق الأموال على أقساط التأمين، مع الأمل المعلن في أن بوالص التأمين هذه ليست ضرورية أبدا".

الأكثر قراءة