الاقتصاد الألماني ينزلق إلى الركود في الربع الأول .. تهاوي الاستهلاك والصادرات
أظهرت بيانات تفصيلية صدرت أمس، أن تهاويا في الاستثمارات الرأسمالية والاستهلاك الخاص والصادرات، دفع الاقتصاد الألماني إلى الركود في الربع الأول من العام، معطية لمحة عن الأضرار التي أوقعتها جائحة فيروس كورونا.
ووفقا لـ"رويترز" قال مكتب الإحصاءات الاتحادي إن الاستثمارات الرأسمالية تراجعت 6.9 في المائة، والاستهلاك الخاص 3.2 في المائة، والصادرات 3.1 في المائة، مما يعني أن الاستهلاك الخاص محا 1.7 نقطة مئوية من مجمل النشاط الاقتصادي في حين محا صافي التجارة 0.8 نقطة مئوية، ما أفضى إلى انكماش نسبته 2.2 في المائة، في الربع الأول.
وأكد مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني بياناته الأولية عن انزلاق الاقتصاد الألماني إلى الركود في الربع الأول من هذا العام جراء تداعيات جائحة كورونا.
وأعلن المكتب في مقره في مدينة فيسبادن غربي ألمانيا أن تقلص الناتج المحلي الإجمالي هذا العام يعد أقوى تراجع تسجله ألمانيا في الربع الأول مقارنة بالفترة الزمنية نفسها في الأعوام السابقة حتى الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية 2008 / 2009، وثاني أقوى تراجع منذ توحيد شطري البلاد.
وذكر المكتب أن نفقات الاستهلاك الخاصة والتصدير تراجعت في الربع الأول أيضا، كما تراجعت استثمارات الشركات في الآلات والأجهزة والمركبات ومعدات أخرى.
ووفقا لـ"الألمانية" وبحسب البيانات، حالت استثمارات البناء ونفقات الدولة الاستهلاكية المرتفعة دون حدوث انكماش أقوى في الاقتصاد.
وفي آذار (مارس) الماضي انتشرت جائحة كورونا في أوروبا، وتسببت القيود المفروضة على التنقل وإغلاق الحدود والمتاجر في شلل الحياة الاقتصادية على نطاق واسع.
ووفقا لبيانات المكتب، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا في الربع الأخير من 2019، 0.1 في المائة، مقارنة بالربع السابق له، وعندما ينكمش الاقتصاد على مدار ربعين متتاليين، يتحدث خبراء الاقتصاد عن "ركود تقني".
إلى ذلك اقترح بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني، تقديم دعم إضافي للشركات المتوسطة بقيمة 25 مليار يورو على الأقل للتغلب على تداعيات أزمة جائحة كورونا.
وجاء في المقترح، الذي ناقشه أمس، أنه من المفترض أن تحصل الشركات المتوسطة على مساعدات بحلول حزيران (يونيو) المقبل، وتمكين الشركات التي يعمل فيها 249 موظفا على الأقل من الحصول على مساعدات شهرية بقيمة تصل إلى 50 ألف يورو من حزيران (يونيو) حتى كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ويهدف وزير الاقتصاد من المقترح إلى منح الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تضررت من قيود كورونا أو الإغلاق، مساعدات سيولة على نطاق واسع خلال الأشهر السابق ذكرها، وذلك بغرض تأمين وجودها.
ولا يرغب ألتماير في انتظار تقديم هذه المساعدات لحين إطلاق الائتلاف الحاكم برنامج تحفيز اقتصادي، المنتظر إقراره عقب عيد العنصرة نهاية هذا الشهر.
يذكر أن المسؤولين السياسيين أقروا برامج مساعدات شاملة من قبل لتخفيف التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا. وأعلنت وزارة الاقتصاد أن الوزارة تعمل على مقترح يتعلق بالمساعدات المرتبطة بأزمة كورونا، مضيفة أنها تنسق في ذلك مع وزارة المالية.
وأشارت الوزارة إلى أنه على الرغم من التخفيف التدريجي للقيود خلال الأسابيع الماضية، فإن هناك عديدا من الشركات التي لا تزال مقيدة جزئيا أو كليا بسبب أزمة كورونا.
إلى ذلك أكدت الحكومة الألمانية الاتحادية تمسكها باستمرار فرض قيود على الاختلاط الاجتماعي لاحتواء جائحة كورونا، وذلك رغم النهج المخالف الذي قررت ولاية تورينجن الألمانية تطبيقه في التعامل مع الأزمة.
وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية الصادرة أمس، استنادا إلى مسودة مقترح من ديوان المستشارية لاجتماع مع رؤساء دواوين حكومات الولايات، أن هيلجه براون رئيس ديوان المستشارية، اقترح استمرار إلزام التباعد بين الأفراد لمسافة لا تقل عن متر ونصف في أنحاء ألمانيا حتى عقب الخامس من حزيران (يونيو) المقبل.
وأكدت كذلك استمرار إلزام ارتداء الأقنعة الواقية في أماكن عامة محددة، وتطبيق قواعد السلامة الصحية خلال التجمعات في الأماكن المغلقة، وألا يزيد عدد هذه التجمعات بوجه عام على عشرة أفراد.
يذكر أن بودو راميلوف رئيس حكومة ولاية تورينجن الألمانية، أعلن أخيرا التخلي مستقبلا عن قيود كورونا كافة، والاعتماد بدلا من ذلك على "التمكين المحلي" والمسؤولية الشخصية للأفراد.
وبحسب خطط راميلوف، فإن المسؤولية يتعين أن تقع على السلطات الصحية محليا، حيث تكون هي المعنية بالتصدي للبؤر الجديدة للعدوى حال ظهورها.
من جهة أخرى، أكد هايكو ماس وزير الخارجية الألماني ونظيره الروسي سيرجي لافروف إرادتهما المبدئية في التعاون بين البلدين لتطوير العلاقات في السياسة الخارجية والاقتصاد العالمي وتعزيز التعاون بين البلدين".
ودعا ماس في كلمة ترحيب بمناسبة بدء ما يعرف باسم "لقاءات بوتسدام" في نسختها الـ23 إلى الحوار المكثف، معربا عن أمله في أن تساعد جائحة كورونا على اتباع أجندة إيجابية.
وقال في المؤتمر الذي عقد عبر الفيديو أمس، والذي يدور حول تداعيات جائحة كورونا هذا العام على السياسة الخارجية والأمنية: "ينبغي لنا عدم التنصل من المسؤولية المشتركة في هذا الموقف".
من جانبه، قال لافروف في كلمة التحية: "جائحة كورونا ستكون في المستقبل القريب أحد أهم العوامل في تطوير نهج مشتركة في السياسة الخارجية والاقتصاد العالمي وتعزيز التعاون بين الدول"، وفى إشارة إلى ألمانيا وروسيا، قال إن الأمر يدور حول "دور ريادي لبلدينا في عالم متغير على نحو سريع".