موجة من حالات الإفلاس تضرب شركات النفط الصخري
دخل منتجو النفط والغاز الأمريكيون عام 2020 وهم في ضع صعب للغاية: فقدوا حظوتهم لدى المستثمرين ويئنون تحت وطأة ديون ثقيلة. بعد انهيار أسعار النفط في الآونة الأخيرة وصل كوفيد - 19 بسرعة، متبوعا بانهيار أيضا في الطلب العالمي على النفط الخام. وفي نيسان (أبريل) الماضي جرى، للمرة الأولى، تداول خام غرب تكساس الوسيط في المنطقة السلبية.
التوترات التي اشتعلت من جديد بين واشنطن وبكين تعمل منذ الآن على كبح انتعاش وليد في الأسعار. ويتداول النفط الأمريكي المرجعي حاليا عند مستوى هو بالكاد نصف مستواه في أوائل كانون الثاني (يناير)، ودون سعر التعادل الذي يحتاج إليه كثير من المنتجين.
بالنسبة لشركات النفط الصخري التي ساعدت الولايات المتحدة على أن تصبح أكبر مصدر للنفط الخام في العالم حين ضخت نحو 13 مليون برميل يوميا في وقت سابق من هذا العام، فهي تعاني تشنجا في الوقت الحالي. ففي حين يعطل المشغلون الحفارات ويسرحون العمال ويغلقون الآبار يتفق معظم العاملين في القطاع على أن أسوأ تراجع للنفط في الولايات المتحدة منذ عقود يجري الآن على قدم وساق.
في الشهر الماضي تراجعت وتيرة حفر الآبار الجديدة إلى النصف، وهو معدل لم تشهده الصناعة منذ التراجع الأخير في 2015-2016، خلال حرب أسعار سابقة في سوق النفط.
لكن جزءا من هذا الانخفاض في عدد الحفارات في ذلك الوقت كان يعود إلى تحسن الكفاءة في إنتاج النفط الصخري -كانت هناك حاجة إلى عدد أقل من الحفارات لتوفير مستوى الإنتاج نفسه. لكن الأمر مختلف هذه المرة بعدما انهار عدد الأطقم التي تعمل على رؤوس الآبار للاستعداد لتكسير الصخر الهيدروليكي إلى مستويات متدنية قياسية.
في الفترة 2015-2016 تراجعت أنشطة الحفر لكن استمرت عمليات استكمال الحفر، وإن بوتيرة مخفضة. اليوم انخفض عدد منصات الحفر ومعدلات الاكتمال. نتيجة لذلك سيكون انخفاض الناتج أكبر بكثير.
كان المنتجون يعملون على تقليص إنفاقهم عام 2020، محاولين إظهار ضبط النفس في مواجهة انخفاض أسعار النفط. ثم جاءت حرب أسعار "أوبك" في أوائل آذار (مارس)، تماما في الوقت الذي أصبح فيه واضحا حجم الأضرار التي لحقت بالطلب نتيجة فيروس كورونا.
انهيار سعر خام غرب تكساس الوسيط في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) من نحو 50 دولارا للبرميل إلى سالب 40 دولارا أدى إلى حدوث موجات زلزالية في إدارات الشركات. تم تمزيق خطط الإنفاق الرأسمالي وتقليصها إلى ما يقارب النصف، مع تخفيض مقداره 29 مليار دولار في الإنفاق الاستثماري. وخفض بعض كبار المنتجين ميزانياتهم أكثر من مرة، حيث أوقفوا أقساما جديدة من الإنفاق مع كل انخفاض في سعر النفط.
حوض بيرميان في ولايتي تكساس ونيو مكسيكو هو أكثر حقول النفط الصخري إنتاجا في العالم، فضلا عن الولايات المتحدة. لكن لا بد أن تكون الأسعار أعلى من 45 دولارا للبرميل أو نحو ذلك، في المتوسط ، من أجل تحقيق الربح -أي أعلى 50 في المائة تقريبا من السعر في الآونة الأخيرة.
خلال الركود الأخير في 2015-2016 اتجه المنتجون إلى تبسيط العمليات، وخفضوا التكاليف، وضغطوا على موردي خدمات حقول النفط لتخفيض التكاليف، وأصبحوا أكثر كفاءة.
هذه المرة توجد مجالات أقل بكثير لتخفيضها. الحقيقة الصعبة هي أنه رغم براعة الهندسة، يظل استخراج النفط الصخري عالي التكلفة نسبيا ويحتاج إلى رأسمال مكثف لاستخلاصه من الصخور. نموه في الأعوام الأخيرة كان يعتمد على الأسعار المدعومة من استمرار انخفاض إنتاج "أوبك".
يقول خبراء يعملون في مجال إعادة الهيكلة في الولايات المتحدة إن موجة من حالات الإفلاس وشيكة الحدوث. وبالفعل، منذ بداية هذا العام حتى نيسان (أبريل) قدمت سبع شركات طلبات للحماية من الدائنين، وفقا لشركة المحاماة هاينز آند بون.
وخلال ركود 2015-2016 كان أكبر عدد من طلبات إشهار الإفلاس والحماية من الدائنين بموجب الفصل الـ 11 (من القانون التجاري الأمريكي) من نصيب شركات النفط الصخري، في وقت كانت فيه السوق تسحب نفسها من القاع عام 2016.
وعلى الرغم من أن الربع الأول من عام 2019 شهد انهيار عدد مماثل لعدد الشركات المنهارة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، إلا أن الأمر الملحوظ هذه المرة هو أن عبء الديون على عاتق الشركات عام 2020 أكبر 2.8 مرة.
منتجو النفط الصخري ومصارفهم يشعرون بالألم. أسعار النفط ببساطة منخفضة على نحو لا يكفي لتوليد التدفق النقدي الذي تحتاج إليه هذه الشركات المثقلة بالديون للدفع إلى دائنيها، أو في بعض الحالات الوفاء بشروط قروضها.